"سعيد" منته المخابرات بإيصاله للعالمية عبر الأمم المتحدة و "لؤي" أغرته بالمال
"الحقيقة الدولية" تنفرد بلقاء اثنين من عملاء كيان العدو الصهيوني في غزة

أحد العملاء مع العدو الصهيوني يحمل خريطة لقطاع غزة عليها عدد من المواقع الهامة
الحقيقة الدولية – غزة - خاص
دخل بابتسامة صفراء تخفي وراءها عملاً خطيرا، أقر منذ اللحظة الأولى أنه وقع في شراك مخابرات احتلال العدو الصهيوني عبر بوابات البحث العلمي لينقل تفاصيل حياة الفلسطينيين السياسية والثقافية والعقدية، لكيان العدو الصهيوني مقابل مبلغ قال عنه هو إنه زهيد.
يناقش "سعيد" وهو اسم حركي لأحد جواسيس العدو الصهيوني، بكل إصرار المهام التي أوكلها إليه ضابط المخابرات الصهيوني منذ اللحظة الأولى، ويذهب بعيداً عندما يشرح تفاصيل عمله القائم على إعداد الأبحاث والدراسات العلمية عن المجتمع في غزة وتحولاته الفكرية والسياسية والاجتماعية والمالية.
حالة "سعيد" لا تشبه تماما حالة "لؤي" الذي التقته "الحقيقة الدولية" أيضا، فالأخير طلب منه أن يكون عميلا تقليديا يتبع عناصر المقاومة في الشوارع وفي البيوت، ويوزع الأموال للعملاء في نقاط ميتة يحددها ضابط المخابرات بالتنسيق بينه وبين العملاء الآخرين.
تكاد كل أسباب السقوط في وحل التجسس لصالح العدو الصهيوني تختصر في الحاجة إلى المال، لكن في حالة "سعيد" فان الحاجة إلى إشباع الطموح الذاتي كان السبب الأهم يضاف إليه في المرحلة التالية السبب المالي.
كان "سعيد" يطمح أن يكون رجلاً مهماً يترقى في سلك المؤسسات الدولية بسرعة البرق، استجاب لطموحه ضابط المخابرات، ومناه بأن الطريق لمؤسسات الأمم المتحدة يمر عبر الأبحاث والدراسات التي سيعدها "سعيد" عن المجتمع الفلسطيني في غزة.
أعد "سعيد" نحو (14) دراسة بحثية نوعية عن تطورات المجتمع الفلسطيني وتحولاته، والمفارقة أنه وطوال عمله التجسسي مع المخابرات الصهيونية والتي امتدت (40) شهراً متكاملاً، لم يتقاض منهم سوى (24) ألف دولار، وهو كما يصفه "سعيد" ذاته "مبلغ قليل جدا".
تناولت دراسات سعيد البحثية سبر أغوار المجتمع الفلسطيني عن قرب، وقد كان سعيد يعمل في العلن، مستخدماً أدوات البحث العلمية المعروفة من استبانة الآراء، وأسئلة الجمهور، للوصول إلى النتيجة التي يريدها منه ضابط المخابرات.
وكان "سعيد" يعمل وسط تحذيرات أمنية شديدة، حذره فيها ضابط المخابرات الصهيوني الاقتراب من قادة القوى السياسية وأذرع المقاومة، ودعاه إلى الابتعاد عنهم قدر الإمكان، وإبقاء علاقاته مع المواطنين والعناصر الصغيرة في القوى الفلسطينية لإبعاد شبهة التقرب للقادة عن "سعيد"، وهو ما استجاب له العميل طوال سنوات عمله.
يقول سعيد: "ضابط المخابرات الصهيوني لم يضغط علي، فبعدما اعتقلت مع العشرات من أبناء الحي الذي نسكنه قبل ست سنوات، سألني ضابط المخابرات عن أحلامي، فعرضت عليه طموحي والعقبات التي تعترضني لتحقيقه، فلبى لي طموحي على الفور، ووعد بمساعدتي، إن عملت معهم في دائرة الأبحاث فقط، وهذا ما كان مني".
وحول تسليم نفسه للأمن الفلسطيني، واستغلال المهلة التي أعلنت عنها حركة حماس لتسليم العملاء أنفسهم، قال "سعيد": إنه ظل يفكر في تسليم نفسه لمدة ثمانية أيام بليالها ونهاراتها، وبعد ذلك قرر الذهاب للأمن الفلسطيني، خاصة بعد أن تلقى منهم تبليغا لمقابلته".
وأضاف "ذهبت لأقابل الأمن، وعندي اعتقاد جازم أنهم لا يعرفون عن عملي شيئا، وأن كل ما في الأمر استدعاء بسيط ينتهي بسرعة، لكنني دخلت فإذا بضابط الأمن الفلسطيني يقول لي نحن نعرف كل شيء عن عملك، عندها قررت الاعتراف بكل ما عندي".
السير نحو العمالة
لم يكن "لؤي" بالثقة التي بدا بها "سعيد"، فقد دخل إلى الغرفة التي التقته فيها "الحقيقة الدولية" برجلين متثاقلتين ووجه يرتجف من الخوف، قال فور دخول الغرفة: "لقد سلمت نفسي طواعية لجهاز الأمن وقلت لهم إنني متعاون مع مخابرات العدو الصهيوني".
وعن وقوعه في شباك المخابرات الصهيونية، قال "لؤي": بدأت الأمر معي باتصال ضابط المخابرات على هاتفي الجوال، وعرض علي العمل معهم مباشرة وإلا فإنهم سيقصفون بيت أهلي، ورغبني بالمال، فوافقت على الفور.
وأضاف، بعد أيام من الموافقة طلب مني ضابط المخابرات ترصد بعض الأشخاص، دون التماسّ معهم، وبعد أيام طلب مني الضابط القدوم إلى الحدود الشرقية لنقلي إلى داخل الكيان الصهيوني للتفاهم معهم "وجها لوجه"، فذهبت وهناك كانت في انتظاري سيارة جيب وجنود صهاينة، نقلوني على الفور إلى مدينة بئر السبع جنوبي الكيان، وهناك قابلني ضابط المخابرات الصهيوني.
ويواصل لؤي، طلب مني الضابط العمل بجد واجتهاد معهم لإحباط أعمال المقاومة الفلسطينية التي تحاول المس بالفلسطينيين والصهاينة على حد سواء، فوافقت على العمل معهم في مقابل أن يوفروا لي الأموال.
عاد لؤي بعد ساعات من المكوث مع ضابط المخابرات الصهيوني إلى غزة، ومعه (2000) دولار، طلب منه الضابط ألا يصرفها في المناطق القريبة من حيه السكني، لأن صرفها سيثير ريبة معارفه وشكوكهم، ابتاع لؤي جهازاً خلويا جديداً بدلاً من القديم، وخصصه لشريحة "أوروانج" الصهيونية للتواصل مع ضابط المخابرات.
بدأ الخط الهاتفي "ساخناً".. ضابط المخابرات يتصل لطلب ترصد بيوت تخزن فيها المقاومة صواريخ ومتفجرات، ويرد عليها لؤي بكل حماسة مؤكداً وجود صواريخ ومخازن أسلحة في المنزل، لم يقصف المنزل في الحال، في اليوم الثاني قصف المنزل واستشهد فلسطينيان.
زادت حدة الاتصالات مع لؤي أثناء الحرب الصهيونية على غزة في أواخر ديسمبر 2008، وهنا بدأ لؤي يزود المخابرات بالتحرك الفلسطيني على الأرض، وبعد ساعات قليلة بدأ لؤي يدرك أن المنازل التي رصدها تعرضت لقصف صهيوني جوي دمر المنزل الثاني ثم الثالث بعد يومين، وبعد ذاك بادر لؤي بالاتصال بضابط المخابرات ليبلغه بوجود منطقة يطلق منها المقاومون الفلسطينيون الصواريخ على جنوب الكيان الصهيوني، لكن جيش الاحتلال لم يقصف عين النفق الذي خرجت منه الصواريخ.
توقفت الاتصالات بين لؤي وضابط المخابرات، ثم سرعان ما عادت ثانية قبيل رمضان الماضي بيومين، اتصل به ضابط المخابرات وطلب منه الحضور إلى الحدود الشرقية لغزة لمقابلته في بئر السبع للمرة الثانية، هذه المرة كانت المعاملة مع لؤي أفضل حالاً من المقابلة الأولى. تلقى لؤي (4000) دولار من ضابط المخابرات، نصفها مصروف خاص للؤي، والنصف الآخر طلب منه ضابط المخابرات توزيعها في مناطق محددة تسمى "نقاط ميتة" ليتسلمها من بعد عملاء آخرون للاحتلال.
حاول لؤي بفضول التعرف إلى العملاء الذين يتلقون رواتبهم من المخابرات الصهيونية، وتوقف بعيداً عن النقاط الميتة ليعرف من يأخذ هذه الأموال، فاتصل بي ضابط المخابرات يطالبني بالابتعاد من المنطقة فوراً، فابتعدت ولم أعرف أحدا من العملاء الآخرين.
المصدر : الحقيقة الدولية – غزة - خاص 13-7-2010
المفضلات