شبه اجماع على غياب دور فاعل للحلقات الوسيطة وتزاحم عند منطقة الإشارة الخضراء
الأردن.. أيهما اقل كلفة.. برلمان يناكف أحيانا بالتشريعات أم متقاعدين عسكر وساسة يتحرشون بالخطوط الحمراء؟

يصر البرلماني الاردني الشاب مبارك ابو يامين على ان فوضى البيانات والانقسامات التي تشهدها الساحة المحلية وانتهت باشتباك الاضواء الخضراء دفعة واحدة على حد تعبير المحلل السياسي محمد ابو رمان لها سبب واحد ووحيد وهو حصريا قرار حل البرلمان السابق الذي اتخذ على نحو مفاجيء.
وجهة نظر ابو يامين بسيطة وتقول بان الجهة الوحيدة التي تمثل اطارا قانونيا ودستوريا لاي نقاش او فكرة هي مجلس النواب باعتباره ممثلا للشعب وبصورة حصرية مشيرا الى ان المجموعات والجهات التي تدعي انها تمثل الشعب الاردني او قطاعات فيه تفتقر للشرعية القانونية ولا تستطيع الادعاء بها.
ومن هنا رفض ابو يامين وهو سياسي نشط في المعادلة الوطنية التوقيع على اي بيان سياسي مقترحا على اصحاب القرار الاستدلال بالنتائج والمعطيات فهناك سبب واحد فقط لكل هذه الفوضى وهو تغييب ممثلي الشعب ومجلس النواب فهو المؤسسة الوحيدة التي تستطيع اسكات الجميع بما في ذلك الاصوات النشاز.
والمقاربة التي يقترحها ساسة آخرون تشير لدرس سياسي يفترض ان يتعلمه الجميع فقرار التخلص من مجلس نواب لم يكن متعاونا فيما يخص بعض التشريعات انتهى باجتماعات لنخبة متقاعدين عسكريين نتج عنها طروحات رفعت سقف الخوف والفوضى وخرقت حزمة الخطوط الحمراء المعتادة.
وسياسة حل البرلمان كهدف مرسوم دون تطوير قانون الانتخاب انتهت بحالات استقطاب حادة في المجتمع السياسي يتسابق فيها العديدون لرفع سقف المطالبات ومستويات التدخل بشئون القرار.. بمعنى آخر قررت مستويات صناعة القرار الاسترخاء بعيدا عن صداع النواب غير الممتثلين فخرجت بدلا منهم وبدون شرعية انتخاب نخب تصنع هزات بالمجتمع وتعترض على كل التوجهات العامة بدلا من الصداع.
ايهما اوفر واقل كلفة صداع نواب كان يمكن التفاهم معهم ام متقاعدين عسكر وجنرالات وساسة سابقون يبحث جميعهم عن مقعد على اساس ادعاء تمثيل مجتمع ساكن وفي حالة سبات؟... هذا السؤال يبدو ملحا الآن مع حالة التجادل غير المسبوقة التي طالت كل الملفات تقريبا في البلاد، وهي حالة دفعت الجميع لقرع جرس الانذار.
قبل ذلك دخل الجميع في نفس دائرة الخيارات المفتوحة على كل الاحتمالات فعام 2007 تمكن عدد محدود جدا من مسؤولي الصف التنفيذي من اخراج سيناريو لاسوا انتخابات في تاريخ المملكة بحجة الخوف من سيطرة الاسلاميين بعد انقلاب حركة حماس في قطاع غزة على السلطة.
انذاك وصل الامر بمسؤولين على رأس عملهم لحد التسلي في السهرات بابلاغ النواب الجدد بعدد الاصوات المجانية التي حصلوا عليها في الانتخابات السيئة.
وعليه تم انتاج مجلس النواب المحلول بعملية ادارية لم تكن مسبوقة في فشلها باعتراف الجميع بما فيهم اعضاء برلمان نجحوا في انتخابات لم تزور فقط لكنها زورت بطريقة خالية من اي خيال او فن او معنى.
بالتالي تركيبة مجلس النواب تسببت بالصداع المشار اليه والذي تسبب بدوره في حل مجلس النواب قبل ان تنتهي المحصلة الى المشهد الحالي في البلاد.. السؤال الآن لماذا حصل ذلك واين بصورة محددة موطن الخلل؟.
الجواب بالنسبة لسياسي بحجم الدكتور ممدوح العبادي واضح ومباشر وبسيط ويكمن في معادلة تقول الخلل في الانطباع المتشكل داخل دوائر القرار بان الاصلاح يمكن ان ينجزه اشخاص غير اصلاحيون وبان الديمقراطية ممكنة مع شخصيات غير ديمقراطية وبان التكنوقراط هم الحل بعيدا عن شخصيات الثقل الوطني والاجتماعي.
وبالنسبة لسياسي مهم ترأس الحكومة والديوان الملكي سابقا الخلل اوضح وابسط وقد يتمثل في الاصغاء اكثر لشخصيات تذهب للقصر الملكي وتردد نغمة واحدة منذ سنين قوامها التحذير الشديد من الانقلاب على ادوات الادارة التراثية على اساس ان البلد - اذا تفعل الحكم الرشيد في الادارة - قد يقع باحضان واحدة من جهتين.. الاخوان المسلمون او الفلسطينيين.
هنا تقول البوصلة بدون موارية ان سياسيين محددين درجوا على ترديد ذلك في اجتماعات الغرف المغلقة داخل مؤسسات الدولة بما في ذلك القصر الملكي. وفي حال الميل للغة الاستدلال تتضح المعادلة اكثر ويلامسها بهدوء الجنرال سميح البطيخي وهو بصدد التعبير اليتيم عن رايه بعد تسع سنوات في الظل حين يقول ما يحصل اليوم لم يكن يحصل في أيامنا ثم يضيف يبدو ان أشياء كثيرة انحدر مستواها بما في ذلك مستوى النخب والسياسيين والمسؤولين.
ذلك يقود الى استنتاج واحد عبر عنه الرئيس احمد عبيدات عن ضرورة التصدي وطنيا للغثاء الذي نسمعه ونقراه في اطار المس بالوحدة الوطنية، وهو استنتاج لا يمكن اخفاءه بعد الان ويقول باختصار: الحلقات الوسيطة بين الحكم والناس اما معطوبة او مشغولة بمصالحها.
المصدر : الحقيقة الدولية - القدس العربي 17.5.2010
المفضلات