الاردن.. شقق إسكان تجاري تنتظر الانهيار!
50% من أعمال البناء مخالفة للشروط الفنية!
الاردن.. شقق إسكان تجاري تنتظر الانهيار!
عمال الإنقاذ يبحثون عن ناجين وسط ركام عمارة وادي السير التي انهارت أوائل شهر آذار الماضي
الحقيقة الدولية – عمان- خاص
■ عيوب خطيرة وتصدعات في عمارات وتساهل رسمي في معالجتها
تصدع الأبنية حديثة الإنشاء ظاهرة خطيرة تشير إلى خلل كبير يجب علاجه
حينما تضع السيدة ندى رأسها على المخدة تنطق بالشهادتين، إذ لا تأمن بعد أن سمعت رأي اللجنة الفنية التي زارتها بالأمس في حال العمارة التي تسكنها، أن يطلع عليها صباح الغد وهي على قيد الحياة!
هذا الشعور ليس حكرا على السيدة ندى، إذ يشاركها فيه نحو مائة مواطن يقطنون العمارة ذاتها الواقعة في منطقة طارق (طبربور) وقد بدأت القصة بمقالة في إحدى الصحف، قالت إن السكان قاموا بكل ما يقتضيه الأمر من استصراخ باني البناية لإصلاحها أو الرد على هواتفهم، بل سجل أحد ساكني العمارة قضية في المحكمة صورت ما يجري ووثقت واقع الحال، ولكن لم يتم اتخاذ أي إجراء. بعد نشر المقال قامت أمانة عمان بزيارة العمارة، وبعد أيام أرسلت لجنة مشكلة من عدة خبراء، زاروا العمارة وتفقدوها جيدا، وصوروا الشقوق والتصدعات، ووافقوا على ان العمارة تشكل خطورة حقيقية على حياة السكان، وقالوا إنهم سيكتبون تقريرا للمتصرف كي يشكل لجنة من المختصين (نقابة المهندسين ونقابة المقاولين والمركز الأمني والدفاع المدني والجمعية العلمية الملكية) كي يفحصوا واقع العمارة ويقرروا الإجراء الواجب اتباعه لمعالجة الخلل، وهذا ما تم، وجاء التقرير مثيرا للرعب، فالتصدعات التي أصيبت بها العمارة تنذر باحتمال انهيارها خلال شهر أو شهرين على الأبعد، إن لم يتم إصلاحها، وقد تحركت متصرفية لواء ماركا فور تسلمها للتقرير، وتابعت القضية وفق الإجراءات الرسمية، وصولا إلى إلزام الشركة التي بنت العمارة بإجراء التصليحات اللازمة، حفاظا على حياة ساكنيها، وحتى يتم هذا الإجراء، تقول السيدة ندى، تشعر أن حياتها مهددة، ويمكن أن تتحول فجأة إلى جثة تحت الأنقاض، وهذا هو شأن أحد السكان الذي آثر عدم ذكر اسمه، إذ يقول إن ما جرى للعمارة قلب حياته رأسا على عقب، فهو وضع كل مدخراته لشراء شقة فيها، وها هي بدأت بالتصدع، ولا يدري ماذا سيكون مصيره هو وأسرته إن وقع المحذور لا سمح الله، ويقول للحقيقة الدولية إنه يشعر أحيانا انه مجرد جثة تستصرخ من تحت الأنقاض، لأنه يشاهد شقوقا جديدة في الشقة كل يوم، شأنه شأن سكان ست عشرة شقة يسكنها نحو مائة مواطن، ويسأل: هل أنتظر حتى تقع العمارة وتحصل الكارثة لا سمح الله؟!
سكان العمارة شكروا الأمانة ومتصرفية لواء ماركا على سرعة الاستجابة وينتظرون بقية الإجراءات الموعودة قبل ان يقع ما لا يحمد عقباه، ويكررون النداء للدفاع المدني ونقابة المهندسين، والمتصرف، للإسراع بتدارك الخطر قبل أن لا ينفع الندم، ويقولون ان العمارة ربما تعيش مائة عام، وربما تقع في أي لحظة، لأنهم ليس لديهم أي فكرة عما يمكن أن يحصل لهم، لقد أبلغ هؤلاء مالك الشركة التي بنتها بما يحصل، فزارها وطمأنهم أن المشكلة “بسيطة” و (هذا وجه الضيف) كما قالوا، ولكن إذا كانت المشكلة بسيطة فعلا فلم لم يتم علاجها، ولم تستمر الشقوق في الظهور والتوسع؟
هذا هو شأن عمارة طارق (طبربور) فما هو شأن غيرها من العمارات في بقية المناطق؟ وما مدى استجابة الجهات الرسمية لشكاوى المواطنين بهذا الخصوص، خاصة إذا تمت بعيدا عن عيون الصحافة؟
عمارة الهاشمي الشمالي تشكل نموذجا لما يمكن أن يوحي بأن هناك تواطؤات و “لفلفات” تتم في الخفاء، تهدر حقوق المواطنين لصالح أصحاب مشاريع الشقق الإسكانية الذين يوصفون بأنهم عادة من المتنفذين، الذين يتقنون التملص من مسؤولياتهم تجاه الشقق التي يبيعونها للمواطنين بعيوب إنشائية، وقد توصلت تحريات “الحقيقة الدولية” إلى نتيجة مذهلة تضعها بين يدي رأس السلطة التنفيذية وهو رئيس الوزراء سمير الرفاعي، وهي أن هناك عددا غير معروف من الشقق الإسكانية تعاني من عيوب فنية خطيرة، يمكن أن تنهار على رؤوس أصحابها، ولا يملك هؤلاء القدرة على مواجهة أصحاب شركات إسكانية يوصفون عادة بأنهم “متنفذون كبار” يستطيعون “التصرف” مع من له علاقة بهذا الأمر على نحو أو آخر، ويفلتون من العقاب، وهذا ما يردده سكان عمارة طارق، حيث يخشى بعضهم أن يتم الالتفاف على قضيتهم، كما حصل مع عمارة مجاورة لم يستطيعوا أن يستنقذوا ممن بناها “لا حقا ولا باطلا” كما يقولون!
وعودة إلى عمارة الهاشمي الشمالي، التي أثارتها صحيفة “الحقيقة الدولية” قبل نحو سنة من الآن، إلا إنها لم تزل على حالها، ما خلا بعض الإصلاحات الطفيفة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، إذ لم تزل على حالها، وفق ما أكد لنا أحد سكانها، وهو المواطن وائل السرحان، الذي زارنا بالأمس في مقر مجموعة الحقيقة الدولية، وزودنا بكل الوثائق التي تثبت إن الخطر يتهدد العمارة، فما قصة هذه العمارة؟
اشترى المواطن وائل السرحان طابق تسوية في عمارة تقع بحي نايفة ـ الهاشمي الشمالي ـ التابع لمنطقة بسمان من أراضي شرق عمان على قطعة رقم 1147 بمبلغ (40) ألف دينار، ضمن عمارة مكونة من خمسة طوابق (16) شقة ويسكنها (80) مواطنا. ويقول إن الشقة التي يسكنها تتعرض في فصل الشتاء إلى فيضانات المياه لعدم وجود شبكة تصريف جيدة، ما اثر على قواعد العمارة التي أخذت بالتآكل تدريجيا وتسببت بتلف في الأساسات. وأضاف: قمت – منذ عام مضى - بمراجعة مدير منطقة بسمان ووضعته في صورة ما تتعرض له العمارة من تآكل في أساساتها بيد انه – في حينها- بدلا من تشكيل لجنة تحقيق في الموضوع وتشكيل لجنة خبراء للكشف على العمارة استعان برأي المهندس ذاته الذي اشرف على بناء العمارة والذي أكد بدوره صحة البناء. وتابع بالقول “في الأثناء قمت بتسجيل قضية لدى المحكمة والتي قامت بدورها بتشكيل لجنة أخذت بدورها عينات من الأساسات لفحصها للتأكد من سلامة البناء”. وأضاف: وعلى ضوء ذلك تقدمت بشكوى وتظلم لمساعد متصرف لواء ماركا –آنذاك- حيث أوعز بدوره بجلب المشتكى عليه مخفورا إلى مكتبه بيد أن عملية تنفيذ الجلب استغرقت ثلاثة أشهر رغم أن المشتكى عليه يمكن الاستدلال عليه بكل سهولة ويسر من قبل الأجهزة الأمنية كونه يمتلك مكتبا معروفا. وبين انه عندما تم جلب المشتكى عليه لدى مساعد المتصرف –حينذاك- حظي باحترام فائق وتم الطلب منه الجلوس، في وقت منعت فيه من الجلوس وتم التعامل معي بطريقة فجة. وتابع بالقول: “ورغم أنني قدمت تقرير الخبرة الفنية الصادر عن المحكمة إلا أن مساعد المتصرف قام بطردي من مبنى المتصرفية ولا اعرف ما هي الأسباب والدوافع وراء ذلك”. وأكد انه تم حفظ الشكوى ولم تتخذ أية إجراءات من شأنها الحفاظ على أرواح (80) مواطنا يسكنون العمارة المهددة بالانهيار بحسب تقرير المحكمة. وبين السرحان أن تسجيل قضية ضد منفذ أعمال بناء العمارة يحتاج إلى آلاف الدنانير حتى أتمكن من الحصول على تقرير قطعي من الجمعية العلمية الملكية يوصى بإخلاء العمارة وتعويض المتضررين. ولفت إلى أن سكان العمارة اشتروا شققهم بواسطة البنوك التجارية وانه ليس بمقدورهم دفع رسوم الدعوى التي تقدر بـ (3) بالمائة من قيمة العمارة المقدرة بأكثر من ثلاثمائة ألف دينار.
وتساءل السرحان هل ينتظر سكان العمارة سقوطها على رؤوسهم في ظل عجز الجهات الرسمية عن اتخاذ قرار ملزم بإخلائهم وإرغام المهندس الذي نفذ أعمال البناء بدفع كافة التعويضات للمتضررين. وحمل السرحان أمانة عمان مسؤولية إعطاء تراخيص لمكاتب هندسية لبناء شقق سكنية تقع في أودية دون أن تقوم بكشف فني على الموقع والاطلاع على فحوصات التربة.
وفي حينه، وقبل عام، حينما نشرنا هذه القضية، ولمعرفة الأسباب التي دفعت بمساعد المتصرف إلى عدم اتخاذ إجراءات قانونية بحق المهندس منفذ المشروع أجرت الصحيفة اتصالا هاتفيا بمتصرف لواء ماركا –حينذاك- عبد النعيم الشرمان والذي أكد انه لم يطلع على حيثيات القضية وانه لا يجوز لأي موظف في المتصرفية التعامل مع المراجعين بطريقة فجة. وأوضح انه على استعداد تام لمقابلة المواطن المتضرر والاستماع إلى شكواه موضحا انه في حال تبين له أن العمارة مهددة بالسقوط فانه لن يتواني عن إخلاء سكانها إلى مكان آمن على نفقة منفذ بناء العمارة. وأكد انه سيقوم بتحويل قضية العمارة إلى لجنة مختصة مشكلة من وزارة الأشغال والجمعية العلمية الملكية لإصدار تقرير بخصوص واقع العمارة، فما الذي تم؟ يقول المواطن السرحان: إن شيئا من هذا الأمر لم يتم، وتم “تنويم” كل الملف بطريقة “مشبوهة” لكنه استدرك قائلا: أنا لا أستطيع أن أتهم أحدا بعينه، لأنني لا أمتلك ما يثبت ذلك، لكنني سمعت أحد المسؤولين يهاتف صاحب الشركة التي بنت العمارة قائلا: “سَتْويتْ لك” الزلمة اللي اشتكى، يعني المواطن السرحان، ولن يستطيع أن يفعل لك شيئا، وبالفعل نامت القصة!
وفي سياق متابعة الصحيفة للإجراءات التي تقوم بها أمانة عمان في مراقبة أعمال البناء والتأكد من التزام منفذي المشاريع الإسكانية بقانون البناء الوطني والكيفية التي تم بموجبها ترخيص العمارة أجرت الصحيفة – في حينه- اتصالا هاتفيا برئيسة القسم الهندسي في منطقة بسمان التابعة لأمانة عمان المهندسة رنا الجغبير والتي أكدت بدورها أن الجهات المسؤولة عن تطبيق كودات البناء هي نقابة المهندسين والجمعية العلمية الملكية. وأكدت في ذات الوقت أن هناك عمليات تلاعب كثيرة في تنفيذ أعمال البناء٬ مشيرة إلى وجود دائرة تحمل اسم المفتش العام تضم مندوبين عن الأمانة ونقابة المهندسين والمتصرف يمكن اللجوء إليها وتقديم شكوى بحق أي مخالفة٬ مؤكدة أن الأمانة لن تتوانى عن اتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المخالفين. وأوضحت أن الأمانة حريصة على عدم تنفيذ أي بناء إلا بترخيص ومخططات أصولية تنظيمية مختومة من قبل نقابة المهندسين وعقد مقاولة من نقابة المقاولين ليحصل المنفذ على إذن أشغال.
50% من أعمال البناء مخالفة للشروط الفنية
تصريحات الجغبير جاءت غير متقاربة مع حديث نائب نقيب المهندسين – في حينه- المهندس عبد الله عبيدات – نقيب المهندسين حاليا- والذي أكد وجود ظاهرة في مخالفة قوانين وكودات البناء الأردني تجاوزت نسبتها 50% في أعمال البناء في المناطق التابعة لأمانة عمان الكبرى. ولفت عبيدات إلى وجود “فوضى وغياب الالتزام بالقوانين وبكودات البناء” مؤكدا انه “يتم منح اذونات أشغال دون مخططات مصدقة من نقابة المهندسين”. وأكد انه تمت مخالفة قوانين البناء في العديد من الاسكانات وبخاصة مشروع “سكن كريم لعيش كريم” موضحا انه تمت إحالة المشروع على مستثمرين خارج إطار النقابة اتفقوا مع مكاتب غير مؤهلة لتصميم وتنفيذ المشروع. وحمل عبيدات مؤسسة الإسكان والتطوير الحضري مسؤولية تنفيذ تلك المشاريع خارج إطار النقابة رغم كل التسهيلات التي قدمتها النقابة، مبينا أن النقابة ستشكل لجنة فنية لكل مشروع كبير تتولى إصدار تقرير وفحوصات مخبرية عن كيفية التنفيذ لتبين انه تم وفق الأصول. وأوضح أن الإجراءات الفنية التي تتخذها نقابة المهندسين في حال تقدم المتضررين إليها بشكوى تتمثل بتشكيل لجنة تحقيق لتحميل المخالف المسؤولية عن مخالفته للقانون مؤكدا أن المهندس المصمم ومقاول المشروع هم من يتحملون المسؤولية القانونية لمدة عشر سنوات عن أي عيوب يتضمنها المشروع الإسكاني. وبين أن سلطة النقابة تمنحها الحق بفرض عقوبات جزاءات قانونية تتمثل بوقف المهندس مصمم المشروع لمدة تتراوح بين سنة إلى ثلاث سنوات أو شطبه من سجلات النقابة وإغلاق مكتبه ومنعه من مزاولة المهنة دون أن يمنع ذلك المتضرر من حقه بتسجيل دعوى قضائية للمطالبة بتعويضه عن الضرر الذي لحق به. وأوضح أن السلطة القانونية لنقابة المهندسين تتمثل بعقد مجالس تأديبية بحق المكتب أو المهندس المخالف٬ لكن المجالس التأديبية غالبا ما تتعطل بسبب تأخر وزارة الأشغال العامة بتسميته مندوبها مؤكدا أن المجلس لا ينعقد بدون مندوبها.
وأشار إلى قيام النقابة بتوجيه أربعة إنذارات عدلية بحق أربع بلديات كما سجلت دعوى قضائية ضد بلدية في شمال المملكة، مؤكدا في ذات السياق أن نقابة المهندسين لا تتمتع بسلطة الضابطة العدلية وإنما سلطتها تتمثل بتقديم مخططات مصدقة.
القصة ذاتها أثيرت على أثير إذاعة الحقيقة الدولية ضمن برنامج “فش غلك” خاصة بعد انهيار عمارة وادي السير، التي لم نطلع بعد على التقرير الفني الذي يشخص سبب انهيارها، وقد اتصل عدد من المواطنين بالإذاعة للمشاركة في البرنامج، وتبين أننا نعيش ظاهرة العمارات المتصدعة والآيل بعضها للسقوط والدمار.
المواطن إبراهيم العدوان من لواء الشونة قال إن سوء البناء من قبل المتعهد يعتبر شروعا بالقتل ونوعا من الفساد، داعيا إلى وضع عقوبات رادعة بهذا الخصوص. فيما أكد المواطن حسين مهيدات أن هناك عدم التزام من المهندسين والمسؤولية تقع على أمانة عمان التي لا تراقب هذه المشاريع.
بينما قال المواطن غالب السرحان من المفرق إنه اشترى بيتا عن طريق التنمية الاجتماعية وكان هناك قرار من اللجنة التي كشفت على البيت قالت إن البيت يحتاج إلى صيانة ولكن تبين ان البيت لا يصلح للسكن وأنا الآن فقدت سكني القديم بينما الجديد لا يصلح للسكن. أما المواطن خالد عبد الله فقال إن المشكلة تكمن في بعض المكاتب الهندسية التي تسعى للكسب المادي السريع.
أحمد السعودي من الزرقاء أرجع الأسباب إلى أربعة٬ وهي: ارتفاع سعر الاسمنت والحديد٬ إذ حين يحصل ارتفاع جديد على الاسمنت والحديد يقوم صاحب البناء بتقليل الأعمدة حتى يوفر على نفسه ثمن الاسمنت والحديد٬ كذلك يضع في الخلطة القليل من الاسمنت. كذلك ارتفاع أسعار المحروقات٬ فبدل أن يحضر 4 حافلات رمل فإنه يحضر 2 أو ثلاثا٬ فهذه أسباب ظاهرة الغش في البناء. ويكون ذلك بالاتفاق بين المقاول وصاحب المشروع وخصوصا أن البناء يكون للبيع. وحين يقع أي بناء يقول صاحب المشروع إن الحق على المقاول والعمال لذلك أطالب بلجنة إشراف لتشرف على العمارات وبنائها. فبدل أن تقوم البلديات بمراقبة المخالفين في البناء عليها التدقيق على أصحاب الشقق السكنية التجارية. كذلك لابد من الانتباه لنوعية التربة ولابد من تكثير الإسمنت لتمكين القواعد ولابد من الإشراف على فحص التربة كما تفعل الجمعية العلمية الملكية.
نقيب المهندسين الأردنيين المهندس عبد الله عبيدات قال في مداخلته للحقيقة الدولية إن الجميع يتحمل سلامة البناء وأول من يتحملها هو مالك البناء والمواطن الأردني ويوجد عدد من المواطنين وهي نسبة لا بأس بها تلجأ إلى التوفير في أهم موضوع وهو العمل الاستشاري وعادة يريد المواطن التوفير منذ اللحظة الأولى فيلجأ إلى أساليب للالتفاف على الأنظمة والقوانين من حيث التصاميم وسلامة المنشأ وهذا يتولى أمره المكتب الهندسي الذي يكون تحت إشراف نقابة المهندسين وهناك أنظمة متعلقة بالتنظيم والارتدادات وعدم الاعتداء على الارتفاع من خلال البلديات وشروط السلامة العامة تتولاها مديرية الدفاع المدني، علما بأن المقاول يجب ان يكون مصنفا. وقال: هناك بعض التجاوزات وهناك استهانة من كل هذه الجهات للأسف، ومالك البناء هو الذي يحدد المكتب الهندسي والمقاول، والبلدية هي التي تضبط كل هذه العملية برمتها. فالمسؤولية تبدأ من صحاب البناء ثم تنتقل إلى المهندس ثم المتعهد والمقاول ثم البلديات والأمانة فهذه الأطراف معنية ومسؤولة.
من جهة ثانية في حالة أخذ المواطن المخطط الهندسي وقام بالبناء دون إشراف هندسي فإن من يتحمل المسؤولية هو من نفذ البناء، ولكن في حالة وجود مهندس مشرف ومهندس مصمم والمقاول فإن الذي يتحمل المسؤولية بحسب القانون المدني الأردني هو المهندس المصمم والمقاول ويتحمل المسؤولية لمدة عشر سنوات من البناء.
وللأسف الشديد فإن العديد من المواطنين يلجأون في كثير من البلديات للحصول على رخصة بناء بـ 150 مترا مربعا لكي يتهربوا من فحص التربة ومن الإشراف الهندسي ثم يقومون بالبناء بمئات الأمتار وفي بعض البلديات بآلاف الأمتار وهنا تضيع المسؤولية والمهندس غير مسؤول.
وهناك مخالفات كبيرة في بعض البلديات، وذكر أن أمانة عمان حين تم توسيع دائرة أمانة الكبرى من 600 كيلو متر مربع إلى 1700 كيلومتر مربع اشتكى المواطنون القاطنون في المناطق الجديدة لمجلس الوزراء وأصدر مجلس الوزراء قانونا بأن يعطى هؤلاء المواطنون مخططات “كروكة” دون موافقة نقابة المهندسين ولغاية 400 متر فأقل، فكلنا في النهاية نتحمل المسؤولية ولكن يجب أن نركز على الخلل الأكبر ثم الأقل والأقل وهكذا. وأي مهندس لا يلتزم بعمله يحاسب من قبل النقابة وعلى صاحب البناء أن يبلغنا وقمنا بمحاسبة مهندسين وإحالتهم للقضاء.
ونسب الإشراف تكون كما يلي: من متر واحد ولغاية 250 مترا لا يكون هناك إشراف٬ ومن 250 إلى 500 متر هناك إشراف جزئي يستلم المهندس المراحل الأساسية في البناء. ونحن شهريا نخاطب المحافظ والأمانة بمعدل 10 مرات شهريا لإيقاف بعض الأبنية لان صاحب المال لا يلتزم٬ وفي بعض الأحيان يطرد المالك المهندس المشرف من اجل أن يوفر في الحديد٬ وهنا على المهندس أن يبلغ نقابة المهندسين والنقابة تبلغ المحافظ والجهات المسؤولة وكل شهر في عمان نوقف 10 حالات تقريبا، وأي مهندس يخطئ نقوم بتحويله لمجلس تأديبي ونوقف مكتبه ولدينا هيئة مختصة للحكم عليه وتعتبر بمثابة محكمة بداية.
وحول موضوع الزلازل والمخاطر التي تشكلها على الأبنية في الأردن، قال إنه منذ عام 2000 أصدرنا كود الأبنية المقاومة للزلازل وأي بناء يتم تقديمه للنقابة يتم وضع مذكرة حسابية بحيث يتم إنشاء البناء وخصوصا الأبنية ذات المساحات الكبيرة فوق 500 متر بحيث تكون مقاومة للزلازل.
والمهندس المقيم يكون في أكثر من 500 متر مربع فقط والآن الأردن يعاني من ندرة المهندسين المدنيين لأن معظمهم يعمل في الخليج.
ولذلك أجزنا للمهندس المدني أن يقيم على مشروعين وكذلك صاحب المكتب الهندسي يجوز أن يكون على مشروعه لحضور الصبات الأساسية المهمة جدا. وفي عام 2009 كان لدينا 4 آلاف مشروع يتطلب كل منها مهندسا مقيما ولكن هذا العدد غير متوفر لدينا!
انتهى حديث نقيب المهندسين، وهو في مجمله يدق ناقوس خطر كبيرا، علينا جميعا أن نتنبه له، ونحن في هذا المجال نحذر من كارثة عظمى يمكن أن تصيب المواطنين الذين يقطنون عمارات متصدعة، هذا دون وقوع أي زلازل، فما بالنا لو وقع الزلزال الموعود لا سمح الله؟؟
وفي النهاية، بعد هذه الرحلة، نحن على يقين أن هناك عدة شبهات فساد في عملية البناء، ابتداء من التراخيص والتصاميم وانتهاء بنوعية المواد المستعملة في المواد، وعلى الجهات ذات العلاقة أن تفتح هذا الملف، لأننا على يقين أنها ستجد فيه مادة دسمة للتحقيق!
المصدر : الحقيقة الدولية – عمان- خاص 6-4-2010
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الاسطورة
Iono the Fanatics Manga
المفضلات