نابليون والإسلام

في عام ،1798 بعد بدء حملة نابليون بونابرت على مصر بسنة واحدة، نشرت صحيفة لو مونيتور الفرنسية خبرا مثيرا ذكرت فيه أن الامبراطور الفرنسي اعتنق الدين الإسلامي، وغير اسمه إلى “علي نابليون بونابرت”، كما أقنع الجنرال جاك مينو، أحد جنرالات جيشه باعتناق الإسلام، وأشرف شخصياً على نطقه بالشهادتين.
وقصة اعتناق جاك مينو الإسلام معروفة، فقد غير اسمه إلى عبد الله مينو، وتزوج فتاة مصرية اسمها الست زبيده يتصل نسبها بنسب آل البيت، وسافرت معه إلى فرنسا بعد انتهاء الحملة الفرنسية، ولكن.. هل اعتنق نابليون الإسلام بالفعل؟
صحيفة لومونيتور التي نشرت الخبر يمكن اعتبارها مصدرا موثوقا، فقد كانت الصحيفة الرسمية الناطقة بلسان الدولة، والأخبار التي تنشرها تعبر عن وجهة نظر الدولة، وما كانت الصحيفة تنشر خبرا في مثل هذه الأهمية عن الامبراطور الفرنسي الذي كان في أوج قوته وعظمته في ذلك الحين إلا إذا كان الخبر صحيحا.
ولكن لويس انطوان فوفوليه دي بوريان، سكرتير نابليون، يحاول في المذكرات التي كتبها عن عمله مع الإمبراطور الفرنسي، أن يقلل من أهمية الخبر، ويقول: صحيح أن نابليون كان، أثناء وجوده في مصر، يتحدث كمسلم، ولكنه كان يفعل ذلك لأسباب سياسية، بهدف استمالة المصريين “وكان يشعر بالرضا عندما يكتشف أن الكلمات التي يقولها عن الدين
تتحول إلى قصائد شعرية، ويتناقلها الناس على نطاق واسع”.
ويعترف سكرتير نابليون أن إمبراطوره كان يناقش الفقه الإسلامي مع علماء الأزهر ورجال الدين، وأنه كان يتحدث كمسلم، ويجمع المؤرخون على أنه كان شديد الاعجاب بالشريعة الإسلامية، إلى درجة أن معظم مواد قانونه الذي عرف باسم “قانون نابليون” مستمد من أحكام الأمام مالك، ورغم أن الحكومات الفرنسية المتتابعة حاولت حذف كل ما له علاقة بالشريعة الإسلامية من قوانينها إلا أن القانون الذي طبقته في حادث مصرع الأميرة ديانا ودودي الفايد في النفق الباريسي، بالنسبة للمصورين الصحافيين، يستند إلى الشريعة الإسلامية.
فالقوانين الغربية العلمانية لا تجرّم الذي لا يتحرك لنجدة مصاب مثلا، ومع ذلك فإن المحاكم الفرنسية اعتبرت المصورين الصحافيين مدانين لأنهم لم يفعلوا شيئا لمساعدة ديانا وصديقها في اللحظة الحرجة، وهذا الحكم مستمد من الإمام مالك.
ويقول سكرتير نابليون إن امبراطوره ناقش، في عدة مناسبات، مسألة اعتناقه الدين الإسلامي مع رجال الدين في مصر، أثناء وجوده فيها وظهر في مناسبات عامة بالزي الذي يرتديه رجال الدين المسلمون، ولكنه يؤكد أنه لم يدخل مسجدا، ولم يحفظ شيئا من القرآن الكريم، كما يقول بعض المؤرخين، ويضيف: “لا أذهب إلى حد القول أن نابليون لم يكن على استعداد لاعتناق الدين الإسلامي إذا كان الشرق الأوسط هو الثمرة”.
نعود ونتساءل: هل اعتنق نابليون بونابرت الدين الإسلامي؟ وهل هذا هو السبب في العداء البريطاني الشديد له في السنوات الأخيرة من حكمه؟
عن صحيفة الخليج الاماراتية
4/3/2008
http://www.youtube.com/watch?v=nBe8l19JRK4
المفضلات