إربد..حين تترهل المدن الفتية!


ماهر ابو طير - ليعذرني الصديق المحامي عبدالرؤوف التل رئيس بلدية اربد على كلامي الذي قد لا يطيقه ولا يعجبه.

لاذع الكلام ، لا يعني خصومة مستترة ، في حالات ، ولربما يعني فقط ان العتب على قدر المحبة ، اذا حسنت نوايا الطرفين طبعا ، واذا اتسعت صدور الرجال للنقد ايضا.

ذهلت من حالة مدينة اربد قبل يومين. عشت في هذه المدينة اربع سنوات ، هي اجمل سنوات حياتي ، خلال دراستي في "صحافة" جامعة اليرموك ، واذا كانت اليرموك تعيد انتاجك بشكل جديد ، فتتحول بعد نهاية فصلك الاول الى طالب لا يريد العودة الى عمان الا كل اسبوعين او اكثر ، لعشق المدينة والجامعة الذي يستوطن قلبك ، فانني قبل يومين ، فررت منها فرار الزاحفين من الجهاد.

دخلت اربد قبيل الغروب بساعة تقريبا ، وما ان وصلت الى المنطقة المحيطة بالجامعة ، حتى ذهلت من حجم التغييرات ، فالقاذورات في كل مكان ، والنظافة في حدها الادنى ، والفوضى تعم كل متر ، حتى انك تجد عائلات تفترش مثلثا من الارض قرب اشارة مرورية قرب دوار النسيم سابقا ، الذي تحول الى تقاطع ، وهو مشهد لا تراه في الدنيا.

ذات العائلة كانت تصب الشاي ، وتدخن الارجيلة قرب اشارة مرورية. الكراتين الفارغة قرب المحلات التجارية ، ارضيات الارصفة سوداء قذرة وكانها لا تنظف ولا تغسل لا في صيف ولا في شتاء. اللوحات التجارية او اليافطات على المحلات التجارية عجيبة من العجائب ، فألف لون والف ضوء ، وكأنك وسط عرس في غابة ، فلا تنظيم ولا تناسق ، بهرجة وعجائب تسبب زَوَغان البصر.

حين سألت احد ابناء اربد قال لي ليتك تذهب الى شارع فلسطين والى منطقة الحسبة ومناطق اخرى لترى حجم تردي الخدمات. لم اذهب لضيق الوقت. لكنني اسأل الصديق عبدالرؤوف التل وهو سليل العائلة العريقة ، هل كانت اربد هكذا قبل سنين. لم اعهدها هكذا فقد امضيت سنين فيها ، ولم تنقطع زياراتي لها ، غير ان المدينة باتت مثل صبية ترهلت في عمر مبكرة ، لسبب لا نعرفه.

المحامي عبدالرؤوف التل عصبي المزاج ، وقد يبرق برد ساخن متوعداً اياي. لا يهمني هذا. كل ما يهمني هو ان تعود المدينة التي تعد ثاني مدينة اردنية الى سابق عهدها ، فتصحو من غيابها ، وتفيق من حالتها هذه ، لان الشكوى مريرة على ألسن الناس ، وقد يكون لدى رئيس البلدية رد مفحم وواضح يقول فيه لنا سر واسرار هذه التراجعات وتردي الخدمات.

ليس اصعب من رؤيتك لحبيبة احتلت التجاعيد وجهها وهي في عز الصبا.