الحكومة تقول إنها مصابة بـ "عمى ألوان"
هل تتوافق تصريحات الحكومة مع أفعالها في الانتخابات المقبلة

الحقيقة الدولية ـ عمان ـ محرر الشؤون السياسية
الحكومة بلا أضواء (خضراء أو حمراء أو حتى برتقالية) ولن تستخدم أي لون من الأضواء لأي من المرشحين، هذا ما تعهد به رئيس الوزراء سمير الرفاعي للشعب الأردني قبل خمسة أشهر من موعد الانتخابات النيابية التي ستجرى في التاسع من تشرين الثاني المقبل.
الرئيس الرفاعي قال: انه "لا توجد أضواء خضراء لأي من المرشحين، أو حمراء أو أي لون آخر ضد أي مرشح، وأن كل من يتحدث عن ذلك يسيء لنفسه ولقاعدته الانتخابية وليس له علاقة بالواقع بل إنه يشكل استخفافا بالناخب".
الهدف من كلام الرفاعي إرسال رسالة مفادها أن الحكومة ستلتزم الحياد الكامل والمطلق في الانتخابات المقبلة، وربما جاء هذا الكلام في وقته، وبخاصة بعد أن بدأ عدد من الشخصيات الثقيلة بوزن رؤساء حكومات سابقين، ونواب لرئيس الوزراء بالإعلان عن نيتهم خوض الانتخابات المقبلة، الأمر الذي ولد نوعا من الأسئلة لدى المواطن العادي حول سبب عزم هؤلاء على خوض الانتخابات المقبلة، والهدف من وراء ذلك، وان كان الإعلان يتضمن ضوء اخضر من قبل الحكومة لمثل تلك الشخصيات أم لا.
عجلة الانتخابات بدأت لدى النخبة السياسية عندما أعلن احد أعضاء نادي رؤساء الحكومات وهو فيصل الفايز نيته خوض الانتخابات المقبلة عن دائرة بدو الوسط، تبعه إعلان من قبل نائب رئيس الوزراء الأسبق محمد الحلايقة نيته خوض الانتخابات المقبلة عن الدائرة الثانية في عمان، كما أن إشاعات أخرى سرت بشأن نية شخصيات أخرى خوض الانتخابات، مثل علي أبو الراغب ورجائي المعشر، وسمير قعوار، وعبد الله النسور وكل هؤلاء من طبقة سياسية مقربة للحكومة وسبق لهم أن جلسوا على كراسي الوزارات أكثر من مرة.
تواترُ الحديث عن تلك الأسماء ولـّد أسئلة لا تنتهي من قبل مرشحين مفترضين ومن قبل مواطنين عاديين حول سبب القرار المفاجئ للترشح لمثل تلك الشخصيات والهدف من وأسبابه ودلالاته.
الحديث الشعبي ولدى النخب بدأ يتفاعل فور إعلان تلك الأسماء نيتها الترشح للانتخابات، وفورا سرت شائعات مفادها أن الحكومة ربما منحت بعض هؤلاء ضوءا اخضر لخوض الانتخابات، ووعدت بالمساعدة.
وربما مثل تلك الإشاعات ساهمت في تسريع ظهور الرئيس على شاشة التلفزيون الأردني مساء الجمعة الماضية، ومخاطبة الأردنيين بالقول: إن الحكومة لا تملك أوراقا من أي لون، وإنها لن تستخدم الألوان في الانتخابات المقبلة، وربما أراد الرفاعي أن يقول إن حكومته فيما يتعلق بالانتخابات مصابة بـ "عمى ألوان" مزمن.
إذن هي رسالة سياسية أراد الرفاعي إيصالها للجميع بمختلف طبقاتهم، والقول إن عنوان المرحلة هو صندوق الاقتراع، وليس بطاقات ملونة تصدر من قبل الحكومة.
ربما أراد الرئيس أن يقول للجميع إن من يرى في نفسه القوة على المنافسة ويمتلك قاعدة قوية تمكنه من تحقيق النجاح فـ "الميدان مفتوح لحميدان" كما يقول المثل الشعبي.
الحكومة وفق رئيسها ترى أن الرقابة الحقيقية عليها لا تتم في ظل وجود منافع ومصالح، معربا عن أمله أن يساهم ذلك بوجود مجلس نواب يراقب الحكومة مراقبة حقيقية بعيدا عن المصالح.
الحكومة نشطت في الفترة المنصرمة للتأكيد مرارا وتكرار على أن الانتخابات المقبلة ستكون نزيهة وشفافة ونظيفة، وأنها (الحكومة) لن تتدخل في مخرجات العملية الانتخابية قيد أنملة، ولن تكون مع هذا المرشح ضد ذاك، ولعل ما ذهب إليه المستشار السياسي للرئيس بالقول إن الحكومة تقف على مسافة واحدة من الجميع يؤكد هذا القول.
منظومة النزاهة التي تتحدث عنها الحكومة تهدف إلى إعادة الثقة بالمؤسسة البرلمانية، لهذا فان الحكومة وفق مصدر مطلع فيها رفض الكشف عن اسمه، تعرف تمام المعرفة أن أي خلط قد يحدث في الانتخابات المقبلة، يمكن أن يؤثر على صدقية الخطاب الحكومي الرسمي الذي أكد أكثر من مرة على نزاهة ونظافة الانتخابات.
وتعترف الحكومة بشكل واضح أنها تحمل تركة ثقيلة خلفتها الانتخابات السابقة، وفي هذا يقول المستشار المعايطة: نعرف أننا نحمل تركة ثقيلة من الماضي وعلينا أن نقنع الناس بالجهد الحالي المبذول، ولكي يتم تغيير قناعات الناس السابقة نحن بحاجة لإجراءات غير عادية، المصلحة العليا أن تكون الانتخابات شفافة ونزيهة وهذا من شأنه أن يعيد ثقة المواطن بمكانة مؤسسة مجلس النواب وضرورة العمل البرلماني، ويؤكد أن من حق الناس إصدار رأي، أو الشك، إلا انه يستدرك بالقول: "نقول لكل هؤلاء إن القانون هو الفيصل والحكومة ستكون وستبقى ملتزمة بالقانون ولن تحيد عنه في كل الإجراءات المتعلقة بالانتخابات سواء عند التسجيل أو الاعتراض أو الاقتراع أو الفرز وفي النهاية سيظهر مدى إصرار الحكومة وحرصها على مصداقية خطابها".
مجمل القول إن الانتخابات المقبلة ستشهد يوميا حراكا مختلفا وستنبئ يوميا عن أمور مستجدة، ولهذا فان الأيام المقبلة حبلى بالكثير من المعطيات وخاصة أن موعد انتهاء تثبيت الدوائر الانتخابية على بطاقات الأحوال المدنية تنتهي يوم غد (الخميس) وبعدها تدخل الحكومة في موضوع إعلان أسماء الناخبين الجدد وفتح باب الاعتراض والطعن، وهي المرحلة الثانية من مرحلة الانتخاب.
المصدر : الحقيقة الدولية ـ عمان ـ محرر الشؤون السياسية 20-7-2010
المفضلات