اللاجئون الفلسطينيون في لبنان يقبضون على الجمر ويغلقون أفواههم خوفا من صيحة ألم
شبح "التوطين" يدفع برلمان لبنان لسلب اللاجئين الفلسطينيين بقايا حقوقهم

الحقيقة الدولية – عمان – محرر الشؤون العربية
يستشعر اللاجئون الفلسطينيون في لبنان أنهم يقبضون على الجمر بأيديهم، ويغلقون أفواههم قسرا حتى لا تخرج منهم صيحة ألم لما يعيشونه في لبنان.
421.993 لاجئاً فلسطينيا مسجلا لدى "الأونروا" في لبنان وقفوا باندهاش ممزوج بألم وخيبة أمل وهم يتابعون الجدل البرلماني اللبناني في جلسة البرلمان الأخيرة، التي خصصت لمناقشة مشروع قانون منح الفلسطينيين حقوقهم المدنية.
المشروع وعلى أثر طرحه تحت قبة البرلمان اللبناني، أفرز اصطفافا برلمانيا بين من رفض تمرير المشروع، من نواب كتل حزب الكتائب والقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، وبين من حاول جاهدا إقرار المشروع، الذي تقدمت به كتلة اللقاء الديمقراطي التي يتزعمها وليد جنبلاط.
نتائج الجلسة البرلمانية لمناقشة مشروع إعطاء اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بعض الحقوق المدنية والإنسانية في العمل، والتملك، والاستفادة من الضمان الصحي، والاجتماعي، وفق ضوابط محددة، أزال كل أجواء التفاؤل التي سادت خلال العام الماضي من إمكانية تحسين أوضاعهم في لبنان بعد عقود طويلة من المواقف السلبية تجاههم، في ممارسات كادت أن تصل في مراحل معينة نحو التنكيل بهم داخل مخيماتهم التي تحولت عبر الأيام إلى تجمعات مكتظة تحاصر آدميتهم.
مجلس النواب انقسم عموديا بين المسلمين والمسيحيين، في مشهد توقع اللبنانيون أن يكون قد تخطاه. وفشل البرلمان في فصل الجانب الاجتماعي عن الجانب السياسي، فتمترس المنقسمون وراء شعارات قديمة.
العزف على وتر الإنسانية
هي أربعة اقتراحات كان يمكن أن تقر لو لم يخيم "شبح التوطين" على النواب المعترضين، شبح غريب أمره، لا يحضر ولا يجري استحضاره إلا عند كل موضوع يتعلق بحياة الفلسطينيين وبتحسين أوضاعهم في المخيمات.
رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري طالب الجميع بأن ينظروا إلى موضوع التعديلات من منحى "إنساني"، أو "عروبي" خصوصاً أن "فلسطين هي القضية المركزيّة للأمة العربية، ولينظر إلى هذه القوانين بعيداً عن التوجه الطائفي أو المذهبي، لأننا إذا أخذناها من منحى طائفي فسيذهب الموضوع إلى مكان آخر، وإذا أخذناها من المنحى الإنساني العروبي فإننا سننتصر كلبنانيين".
وتر الإنسانية عزف الجميع عليه، وكان أكثر من أجاد العزف المعترضون على هذه القوانين، عندما قالوا: "نحن لسنا ضد الحقوق الإنسانية للفلسطينيين، لكن يجب أن ندرس الموضوع"، كما قال النائب نعمة الله أبي نصر، في حين رأى الوزير ميشال فرعون أن "هذه المسألة خطيرة، هناك إجماع على إعطاء الفلسطينيين الحقوق المدنية، لكن الإشكال هو بصفة الاستعجال".
أمّا النائب آلان عون فقال: "لا يمكننا أن نحرم أي مقيم على الأراضي اللبنانية من حقوقه الإنسانية، لا يمكننا أن ننسى الوجه الحضاري للبنان، لا يمكننا أن ننكر بؤس وآلام الشعب الفلسطيني، لكن لا نريد أن نتسرع بالموضوع، دعونا نتفق ولا نعمل أزمة سياسية، ولا تمرروا الموضوع من خلال التصويت العددي".
صفحات سوداء
قرار المجلس النيابي اللبناني ورفضه منح حقوق مدنية للفلسطينيين يعيد فتح الصفحات السوداء في تاريخ لبنان، وهي الصفحات التي أحرقت وجه لبنان الحضاري الذي يتحدث به بعض المتشدقون من الذين دأبوا على استخدام "فزاعة التوطين" للاستهلاك الداخلي اللبناني، متلذذين بلعبة التكاذب والخديعة.
فلسطينيو لبنان مازالوا يعاملون معاملة الأجنبي وفق كافة القوانين والتشريعات اللبنانية، بما في ذلك غياب حق التملك، والحرمان من العمل في حوالي ثلاث وسبعين مهنة، والحرمان من حمل بطاقة العمل، وكل هذا مازال قائما منذ أكثر من ستين عاماً من نكبة فلسطين تحت شعار "محاربة التوطين"، وهو الشعار الذي ولد نتائج سلبية مباشرة دفعت بالآلاف من فلسطينيي لبنان للهجرة إلى الخارج بحثا عن التعليم وعن لقمة العيش، وستراً لغوائل الزمن، في وقت يحظى به عشرات الآلاف من أفراد العمالة الأجنبية الوافدة إلى لبنان، بحقوق العمل والإقامة الكاملة.
لقد وقفت وراء "محاربة التوطين" العديد من الأصوات النشاز في مراحل معينة من أزمات لبنان الداخلية، التي سبق لها وان ملأت الأجواء صراخاً ضد الوجود الفلسطيني المسلح والمدني على حد سواء، متحدثة عن مخاطر "التوطين" المزعوم، ووصل الأمر في حينها أن وصف وزير لبناني سابق قبل عقدين من الزمن، اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بـ "النفايات البشرية" الأمر الذي أثار ردود فعل غاضبة في كافة الأوساط الفلسطينية والوطنية اللبنانية في ذلك الوقت.
أن "هجرة وتطفيش" الفلسطينيين نحو البلدان البعيدة ترافق معها فعل مشبوه وغير بريء تمثل في تواصل عمليات التشطيب البطيئة في قيود وسجلات من يغادر الأراضي اللبنانية من اللاجئين الفلسطينيين نحو بلدان المهاجر البعيدة في كندا وأستراليا وغيرها، بينما يفتقد أكثر من (25) ألف فلسطيني من أبناء الضفة الغربية وقطاع غزة المقيمين في لبنان لأية أوراق ثبوتية أو سجلات نفوس عائلية، ويعيشون تحت الرحمة بين السماء والطارق.
المصدر : الحقيقة الدولية – عمان – محرر الشؤون العربية 13-7-2010
المفضلات