مقالات
مراقبة فاعلة للأسعار خلال رمضان المقبل!
لا نذكر ان «رمضان» ما، وعلى امتداد اكثر من عقد زمان، مر بنا بعافية دون ان يعتل بعلة جشع واستغلال واحتكار تجار ما، رغم الكثير مما كان يقال حول تعهدات اطلقها هؤلاء بأنهم سيأخذون بعين الاعتبار الظروف المعيشية التي كنا غالباً ما نتوسل عبرها الى هؤلاء التجار لتأخذهم رأفة بحال المواطنين عباد الله الصائمين، الذين يتطلعون الى وجبة افطار معتدلة يقدرون عليها دون عنت التقصير او هم الدين، كي يكون هذا الشهر الفضيل على الارض شهر رحمة كما اراد له الله ان يكون في السماء رحمة ورضواناً منه، وباباً للمغفرة يلج منه التائبون عبر الرأفة بالناس، وليس الاستغلال او الاحتكار كما تسود الاحوال في هذا الشهر الذي يتمنى البعض لو كان اكثر.
نقفز الى استعدادات استقبال رمضان هذا العام الذي تفصلنا عن وصوله ايام، فنقرأ ان هناك نية رسمية مؤكدة يجعل هذا الرمضان يختلف عن سابقيه، فوزارة الزراعة وهي ضامنة الخضار اسعاراً وتوفيراً، اكدت ان لديها سيناريوهات عديدة للتعامل مع الاحتمالات التي درستها لأحوال توفر المواد الغذائية الخضرية التي يصيب اسعارها مع اطلالة الشهر من يجعلها تفقد اتزانها، سواء باتجاه شح المتوفر وتقصيره عن تلبية الاحتياجات التي يتضاعف بعضها لأسباب «رمضان» او باتجاه غضب الاسعار الذي يستشيط ليصل معدلات غير مسبوقة، عند البحث عن اسبابها، لا نجد منها الا ان هذا «طبع رمضان» وانها فرصة لا تتكرر الا مرة واحدة في العام، وهي فرصة من العيب عدم استغلالها بشكل واسع.
ماضياً.. كانت هناك لجنة لمراقبة الاسعار، تقول الاخبار ان هناك توجهات لالغاء هذه اللجنة الآن، ولا ندري الى ما استندت هذه التوجهات في اتخاذ موقف الالغاء، هل جاء ذلك على خلفية عدم فاعليتها او انعدام دورها وبالتالي غياب تأثيرها، ام ان هذا جاء تأسيساً على سياسة عدم التدخل في الحراك السوقي الذي يفترض ان يحتكم الى قانون العرض والطلب، على اي حال من الواضح ان الدور الرسمي في ضبط حراك الاسعار انحسر كثيراً عما كان عليه، فهل سيستمر هذا خلال رمضان الذي كما اسلفنا لن تدعه فئة المستغلين والجشعين يمر دون استغلاله لتحقيق الفاحش من الارباح على حساب لقمة الفئة المتوسطة الدخل التي جعلت اسعار رمضان بالنسبة لها شهر همّ وغمّ وديون ربما علق الكثيرون بها على امتداد العام كله.
سيأتي رمضان هذا العام.. ثم يرحل بعد ان يصومه عباد الله المؤمنون، فالصوم لا يمسك بزمامة احد، الا ايمان المرء بربه ومن ثم استجابته لاوامره، وسترتفع اسعار خضار ومواد رمضانية عديدة، وسيطال جنون الاسعار، سلعاً تموينية وحتى غير تموينية كما جرت العادة في كل عام، الا اذا صحت ضمائر واكتفت بربح حلال كما قررته قيم عقيدتنا، او اخذت وزارة الزراعة على عاتقها مراقبة مثبتة هدفها التصدي لأي اختناقات الاسعار حيثما تم افتعالها، حسب ما تقول انها اعدته من سيناريوهات لمواجهة مثل هذه الاحتمالات، ووقفت الى جانبها وزارة الصناعة والتجارة التي هي بدورها اخذت مواثيق تجار بأن لا يعمدوا الى رفع الاسعار خلال رمضان المبارك. وهذا يمكن اذا ادرك الجميع ان الوزارتين جادتان في مراقبة الاسعار والتصدي لأي تجاوزات قد تقع فيها.. ننتظر ونأمل ان تنجح الوزارتان!.
نـزيــــه
المفضلات