احباب الاردن التعليمي

النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: كيف يكتسب السمتُ الحسن ؟

  1. #1
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Wed Feb 2009
    الدولة
    السعودية ..الخبر
    المشاركات
    2,513
    معدل تقييم المستوى
    1250

    كيف يكتسب السمتُ الحسن ؟



    هناك عِدَّةُ وسائلَ لذلك من أهمها:

    1- إصلاح الباطن: فأدب الظاهر عنوان أدب الباطن، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ألا وإن في الجسد مضغةً إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب»[البخاري: (520)، ومسلم: (1599)].

    2- إعلاء قيمة التأدب وجعله من الأولويات: وقد كان السلف -رحمهم الله- منهم من يُنْفِقُ في ذلك جزءًا كبيرًا من عُمُرِهِ، ويَعتبر أنه رابحٌ لا خاسرٌ.
    قال الحسن -رحمه الله-: "إنْ كان الرجل لَيَخْرُجُ في أدب نفسه السنتين ثم السنتين" [الأعلام: (143)].
    ومكث يحيى بن يحيى عامًا كاملًا يأخذ من شمائلِ مالكٍ -رحمه الله- بعد أن فرغ من علمه. [سير أعلام النبلاء: (14/35)].

    3- الاطلاع على حكايات العلماء: قال أبو حنيفة: "الحكايات عن العلماء أحب إليَّ من كثير من الفقه؛ لأنها آدابُ القوم وأخلاقهم" [التذكرة: (50)].

    4- لُزُومِ الصالحين والقدوات الحسنة ومن يُستحْيى منه: فإن مُعَاشرةَ هؤلاء ومخالطتَهُم تُسَهِّلُ على النفس الاقتباس عنهم والانضباط بوجودهم.
    قال أبو الدرداء -رضي الله عنه-: "من فقه الرجل ممشاه ومَدْخَلهُ ومخرجه مع أهل العلم" [حلية الأولياء: (14/35)].
    وقال عَبْدُوس: "رآني أبو عبد الله يومًا وأنا أضحك، فأنا أستحييه إلى اليوم" [الإعلام: (206)].

    5- التنفيذ الفَوري لما يتعلمه: عن الحسن أنه قال: "قد كان الرجل يُطلب العلم، فلا يلبثُ أن يُرى ذلك في تخشعه، وهديه، ولسانه وبصره، وبره" [شعب الإيمان للبيهقي: (2/291)].

    6- مجاهدة النفس وتَعْويدُها على الخير: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، ومن يتحرَّ الخير يُعْطَهُ ومن يَتَوَقَّ الشر يُوقَه»[حسن صحيح، الجامع للألباني: (1/461)].
    وكان عبد الله بن مسعود يقول: "تعوَّدوا الخير، فإنما الخير عادة".

    7- معاقبةُ النفس والشدةُ عليها: قال الجِيلَاني: "لا تهربوا من خُشُونة كلامي، فما ربَّاني إلا الخَشُنُ في دين الله -عز وجل- ومن هرب مني ومن أمثالي لا يُفْلِحُ" [الفتح الرباني: (22)].
    وقال ابن وهب: "نَذَرْتُ أني كلما اغتَبْتُ إنسانًا أن أصوم يومًا، فأجهدني، فكنت أغتاب وأصوم، فنويت كلما اغتبت إنسانًا أن أتصدق بدرهم؛ فمِنْ حُبِّ الدراهم تركت الغِيْبَةَ" [سير أعلام النبلاء: (9/228)].


    الصفة الثالثة: الثَّقافة والتَّجْرِبَةُ:

    وذلك فيما يتعلق مباشرةً بالعمل الدعوي التربوي، أو ما له تعلق غيرُ مباشر به، ويُقصدُ به أمرين:

    الأول: الثقافة أو التجربة الواقعية المتعلقة بمعرفة أحوال الناس وطبائعهم وصفاتهم.
    ومصادر هذا النَّوعِ من الثقافة والتجربة متنوعة، يمكن استقاؤها من الأفراد مباشرة، كلٌّ بحسْب حاله من خلال اغتنام لحظات الحوار العابر، أو توجيه السؤال والاستفسار مع تقوية ملكة جمع المعلومات الشفوية، وأيضًا يمكن استقاؤها من البحوث والدراسات التي تتناول هذه الموضوعات، وفي الجلوس مع الكبراء في السن وفي الخبرة فائدة لا تترك؛ قال المناوي: "المجَرِّبون للأمور المحافظون على تَكْثِير الأُجور، جالسوهم لتقتدوا برأيهم وتهتدوا بهديهم" [فيض القدير للمناوي: (3/220)].
    وعن أبي جُحَيفة -رضي الله عنه- قال: كان يُقال: "جالسِ الكبراءَ، وخالِلِ العلماءَ، وخالِطِ الحكماء" [جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر: (1/126)].
    وأيضًا يمكن استمدادُ هذه الثقافة والتجربة من الكثير من مَرَاجِعِ التاريخ القريب أو البعيد؛ فإنه كما قال السخاوي: "من عرفه كمن عاش الدهر كله وجرب الأمور بأسرها وباشر تلك الأحوال بنفسه، فيغزر عقله، ويصير مجربًا غير غِرٍّ ولا غَمْرٍ" [الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ، السخاوي].

    الثاني: الثقافة العامة، بمعنى: الإطلاع السريع على العلوم الأساسية الطبيعية أو الإنسانية وأحدث التطورات العامة فيها.

    ويمكن جَمْعُ الفوائدِ التي تعود على المتصدر من هذين المجالين في النقاط الآتية:

    1- معرفة سُبُلِ الخير وسبل الشر، وكيف يُسلك كلٌ منها؟ يصف ابن القيم -رحمه الله- حال المؤمن المُجَرِّبِ الذي يعرف الخير والشر كليهما فيقول: "وهذه حال المؤمن: يكون فَطِنًا حَاذِقًا أعرف الناس بالشر وأبعدهم عنه، فإذا تكلم في الشر وأسبابه ظننته من شر الناس، فإذا خالطته وعرفت طَويَّتَهُ رأيتَه من أبر الناس" [مفتاح دار السعادة: (1/295)].

    2- توسيعُ المَدَاركِ وتَعْميقُ الأفهام وتَنْشِيطُ العُقُول: فهذه الثقافات من شأنها أن تُنمي قُدرة المربي على التفكير، وعلى القياس المستقيم، وربطُ الأسباب بمسبباتها، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في فائدة الاطلاع على مختلف العلوم كلامًا نَفِيسًا: "ففي الإدمان على معرفة ذلك تَعْتَاُد النفس العلمَ الصحيح والقضايا الصحيحة الصادقة والقياس المستقيم؛ فيكون في ذلك تصحيحُ الذِّهْنِ والإدراك" [الفتاوى: (9/128)].

    3- زيادةُ قُدْرَةِ المتصدر على التحدث والحوار الثُنائي أو الجماعي؛ فالمتصدر يتعامل مع عقول مختلفة وثقافات متنوعة يحتاج إلى التواصل معها بكفاءة.

    4- فَهْمُ ظُرُوفِ المُتَرَبِّين المختلفةِ اجتماعيًا واقتصاديًا وثقافيًا؛ انطلاقًا من فَهْمِهِ لأحوال المجتمع الذي يعيشون فيه والتي تُمَثِّل الخلفية الدافعة للكثير من أقوالهم وتصرفاتهم.

    أما النوع الثاني: -وهي الثقافة والتجربة التربوية- فلا غنىً عنها للمتصدر؛ فهي التي تُصْبِغُهُ بهذه الصِّبْغَةِ بدايةً وعن طريقها يَتعرف منهج التربية وما يتضمنه من أهداف التربية ووسائلها ومراحلها وأساليبها ومشكلاتها ونحوِهِ، وهو يتعرف على ذلك بوصفه إما كلامًا نظريًا مجردًا يَعْرِضُ المفاهيم والمبادئ، وإما وصفًا أو نقدًا للمحاولات التطبيقية: ظروفها ونتائجها.

    ويمكن استمدادُ تلك الثقافةِ والتجربةِ من مصدرينِ رئيسينِ:

    الأول: الكتب -المصادر المقروءة-: وهي مصدرٌ أساسي لتلقي المبادئ والمفاهيم التربوية، وكذا التجارب والخبرات التربوية. وهنا وقفةٌ وهي: أنه قد يَتَحَرَّجُ البعضُ من الاستفادة من الكتب الدعوية الكثيرةِ التي تَنْقِلُ خبرات وتجارب العديد من الدعوات والدعاة، وهذا أمر غيرُ مستقيم؛ فالحِكْمة ضَالةُ المؤمن، ومن العَارِ أن تمنعنا مشاعرُ التَّعَصُّبِ أو أخطاء الآخرين من الاستفادة من تلك التجارب؛ خاصةً أنَّ ذلك لا يَعني إعطاءها الصلاحية المطلقة، بل كلا الأمرين واردٌ، ومفيدٌ أنْ نَعْرِفَ تجربةَ الصوابَ وتجربةَ الخطأ.
    قال الإمام أحمد -رحمه الله-: "سمعت أنَّ قَلَّ رجلٍ يَأْخُذُ كتابًا يَنْظُرُ فيه إلا استفاد منه شيئًا" [صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم والتحصيل عبد الفتاح أبو غدة].

    الثاني: السماع والممارسة: والسماع يَعني أن يَسعى المُرَبِّي للاستفادة من تجارب المربين الأَقران له والسابقين عليه، مع إعطاءِ أهميةٍ خاصةٍ لقدامى المربين.
    والممارسة تعني: أن يَنْتَفِعَ المربِّي من تجربته الذاتية في العمل التربوي، فيَستفيدُ من أخطائِهِ وإصاباته السابقة فيما يُسَتَجَدُّ من أعماله اللاحقة، وكما قيل: من التوفيق حفظ التجربة.


    الصفة الرابعة: العُمْقُ الإيماني:

    ونَعْنِي به ذلك النُّور وتلك الجاذبية التي تَصْدُرُ عن المؤمن مع صلاح باطنه وقُرْبِهِ من الله -عز وجل- فيَنْعَكِسُ ذلك على جوارحه وعلى كلامه وأفعاله، والمربي إن كان كذلك فهو لإخوانه بمثابة البحر العميق تَمْخُرُ فيه كبارُ السُّفُنِ هادئةً مستقرةً، بينما الماء الضَّحْلُ لا يَسلك فيه مَرْكَبٌ صغير فضلًا عن كبارها، وقد كان السلف يهتمون بذلك ويُرْجِعُون كُلَّ قُصُورٍ عن بُلُوغِ الكلام مراميَه في القلوب إلى ضعف القُلُب الصادر عنه قبل اتهام قلوب السامعين.
    قال الحسن وقد سمع مُتكلمًا يَعِظُ فلم تَقَعْ مَوعِظَتُهُ في قلبه ولم يَرِقَّ لها: "يا هذا! إن بِقَلْبِكَ لَشرًا أو بِقَلْبِي" [البيان والتبيين للجاحظ: (59)].

    فتَحْقِيقُ هذا العُمْقِ الإيماني إذنْ لا يكون بالكلام، أو بالتَّكَلُفِ والتحلي الزائف، بل ليس له إلا طريقٌ واحدٌ هو الإخلاصُ لله -عز وجل- والتَّقربُ إليه -سبحانه- فإذا اقترب المُرَبِّي من رَبْهِ اقتربتْ منه قُلُوبُ العِبَادِ، وإنْ ابتعد عن ربِّه بَعُدَتْ عنه القلوبُ.

    ومن أَرْوَعِ المشاهد التربوية الإيمانية التي تُصور لنا أثرَ العُمْقِ الإيماني على التربية، ذلك المشهدُ الذي رسمه ابنُ القَيِّم لشيخ الإسلام ابنِ تَيمِّيةَ -رحمهما الله- يقول: "كُنَّا إذا اشْتَدَّ بنا الخوفُ وساءتْ منَّا الظُّنُونُ وضاقتْ بنا الأرضُ أتيناه؛ فما هو إلا أنْ نَرَاهُ ونَسْمَعَ كلامَهُ فيَذْهَبَ ذلك كُلُّهُ ويَنْقَلِبَ انْشِرَاحًا وقوةً ويَقِينًا وطُمَأنِينَةً" [الوابل الصَّيب: (45)].م ن ق ول




    ا
    تمنى من كل من يدخل الموضوع القراءة بتمعن وتفهم

  2. #2
    الاداره
    تاريخ التسجيل
    Tue May 2009
    الدولة
    الرايه الهاشميه حفظها الله
    المشاركات
    212,599
    معدل تقييم المستوى
    21475064
    كل الشكر للطرح القيم والرائع
    دمتي بحفظ الرحمن
    ليس من الصعب ان تصنع الف صديق فى سنة
    لكن من الصعب ان تصنع صديقا لألف سنة
    يكفيني فخرا انني ابن الرايه الهاشميه

  3. #3
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Wed Jun 2008
    الدولة
    صانعة رجال البواسل رجال الهيه المملكة الهاشمية
    المشاركات
    146,552
    معدل تقييم المستوى
    11586670



    مجاهدة النفس وتَعْويدُها على الخير: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، ومن يتحرَّ الخير يُعْطَهُ ومن يَتَوَقَّ الشر يُوقَه»[حسن صحيح، الجامع للألباني: (1/461)].
    وكان عبد الله بن مسعود يقول: "تعوَّدوا الخير، فإنما الخير عادة".
    يعطيك العافية
    يسلمو حبيبتي
    والله طرح مفيد
    تحياتي

    [IMG]http://upload.*************/images/x2mkz8wacct87217xe.gif[/IMG]

  4. #4
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Sat May 2007
    الدولة
    أم الدنيا وارض الكنانه
    العمر
    39
    المشاركات
    120,668
    معدل تقييم المستوى
    21474974
    الثاني: السماع والممارسة: والسماع يَعني أن يَسعى المُرَبِّي للاستفادة من تجارب المربين الأَقران له والسابقين عليه، مع إعطاءِ أهميةٍ خاصةٍ لقدامى المربين.
    والممارسة تعني: أن يَنْتَفِعَ المربِّي من تجربته الذاتية في العمل التربوي، فيَستفيدُ من أخطائِهِ وإصاباته السابقة فيما يُسَتَجَدُّ من أعماله اللاحقة، وكما قيل: من التوفيق حفظ التجربة.
    اشكرك غاليتى

    على طرحك للموضوع القيم

    مبدعه فى كل جديد

    احترامى

  5. #5
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Wed Apr 2010
    الدولة
    مدينه الاحلام
    المشاركات
    3,208
    معدل تقييم المستوى
    18
    الف شكر عالطرح الرائع

  6. #6
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Wed Feb 2010
    الدولة
    USA
    العمر
    44
    المشاركات
    12,741
    معدل تقييم المستوى
    27

  7. #7
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Mon Jun 2010
    الدولة
    حيث يخلد قلبي الى السكون
    المشاركات
    10,243
    معدل تقييم المستوى
    25

المواضيع المتشابهه

  1. كيف يكتسب الطفل شخصيته التي يحيا بها
    بواسطة سمير محمود ابوزيد في المنتدى منتدى الاسرة
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 18-12-2011, 06:07 PM
  2. سرور‏:‏ النائب يكتسب الصفة النيابية بمجرد فوزه
    بواسطة الاسطورة في المنتدى اخبار مصر
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 06-12-2010, 10:13 PM
  3. قرار منع محاكمة 17 شخصا في قضية اختلاس الزراعة يكتسب القطعية
    بواسطة الاسطورة في المنتدى منتدى الاخبار العربية والمحلية
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 09-07-2010, 08:58 PM
  4. قرار منع محاكمة 17 شخصا في قضية اختلاس الزراعة يكتسب القطعية
    بواسطة نورسان البتراء في المنتدى منتدى الاخبار العربية والمحلية
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 08-07-2010, 11:57 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
معجبوا منتدي احباب الاردن على الفايسبوك