الــ«فيسبوك» يأسر قلوب مستخدمي الإنترنت الأردنيين
سرايا - بلغ عدد مستخدمي الشبكة الاجتماعية "فيسبوك" الأردنيين حوالي 892 ألف أردني، بحسب إحصائية منشورة على الموقع الإلكتروني ( www.checkfacebook.com ) الذي يرصد عدد المشتركين على موقع الـ"فيسبوك" يوميا.
وينقسم عدد المشتركين الأردنيين وفق الموقع ذاته على الشبكة إلى 512.4 ألف ذكر يشكلون 59 في المئة من عدد المشتركين في الموقع، و41 في المئة للإناث اللواتي يصل عددهن إلى 354.7 ألف مشتركة.
ولا يكاد يخلو شارع أو مقهى أو دائرة حكومية من متحدثين عن هذا الموقع، خصوصا ضمن فئة الشباب، وحيثما تتجول فإن الحديث عن الموقع يعلو على كل حديث، فأحدهم يقول كم هو عدد الـ" friends " لك على موقع الـ"فيسبوك"، وآخر يقول ما هو آخر تحديث للـ" profile " الخاص بك على الموقع.
أضحى الـ"فيسبوك" الشغل الشاغل لأهم وأكبر شريحة في المجتمع، وهي فئة الشباب، بل يراه الاختصاصيون والأساتذة مشكلاً لثورة أطلقوا عليها اسم "ثورة الفيسبوك".
فلماذا تلقى مثل هذه المواقع رواجا كبيرا في مجتمعاتنا العربية أكثر من غيرها؟ وهل نفتقد البديل العربي؟ أم هي متطلبات العولمة الحديثة؟
خدمات ومزايا
تقول دعاء أبو شامة طالبة هندسة الحاسوب في جامعة البلقاء التطبيقية إن الـ"فيسبوك" يوفر بيئة ممتعة في التعرف على الأصدقاء من جميع أنحاء العالم الذين لا يملك الشخص عناوينهم الإلكترونية أو أرقام هواتفهم من خلال نافذة يطلق عليها اسم الـ( profile ).
ويرى الطالب ليث الرحامنة، طالب العلوم المالية والمصرفية في الجامعة الأردنية أن هذا الموقع يزيد من الترابط الاجتماعي في العلاقات الاجتماعية المختلفة، سواء كانت صداقة أم حب أم غير ذلك، كما أنه يطرح هموم الشباب على بساط البحث، إضافة إلى أنه يمكن المتصفحين من عمل مجموعات لعدة أشخاص أو شركات لتقوم الشركة بعرض وتسويق منتجاتها من خلال الموقع، مضيفاً أن أي شخص يستطيع طرح قضية وطلب التصويت عليها من خلاله.
بالمقابل، يرى الدكتور حسين المحادين أستاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة أن مستخدمي الشبكات الاجتماعية، ومنها "الفيس بوك" ينطلقون بسلوك عادي داخل الشبكة العالمية، لكن في الفيسبوك أكثر من غيره، لأنه مجتمع الإلكتروني أكثر خصوبة يوفر لهم إمكانية التواصل المباشر بخصوصيات كبيرة أكثر من الشبكة العالمية ككل.
ويعزو المحادين انتشار "الفيس بوك" بشكل كبير إلى القيمة اللحظية التي تأخذ أولوية قصوى، عازيا انتشاره في أوساط الأردنيين إلى وجهة نظر "جوانية" الشخصية الأردنية، إذ من المبرر لنا إخفاؤها في التعامل مع مثل هذه الشبكات، والدليل بحسبه، حرص الأردنيين على إغلاق النوافذ بشكل مبكر وعدم الاختلاط والانسجام مع الجماعات عند ممارسة التصفح، وبالتالي نحن نتعامل مع هذه الشبكة استنادا إلى نفسيتنا الأردنية التاريخية.
ولا ينظر محادين إلى "الفيس بوك" بأنه اختراع سلبي، فهو مع استمراره ، خصوصا أن عناصر الفعل الاقتصادي والاجتماعي المراد تحقيقها من قبل هذه الشبكات آخذة في التحقق.
الوقت المهدور
وبحسب آخر إحصائية صادرة عن هيئة تنظيم قطاع الاتصال، فإن إجمالي عدد مستخدمي الشبكة العنكبوتية بلغ 2 مليون مستخدم، أي أن نصف مستخدمي الإنترنت في الأردن هم من مشتركي "فيسبوك".
وتظهر إحصاءات الموقع ( www.checkfacebook.com ) أن عدد الاشتراكات في المملكة زاد خلال الشهرين الأخيرين ما يقارب الـ375 ألف اشتراك، في حين بلغت في شهر آذار الماضي 517 ألف اشتراك جديد.
وعندما حوار بعض الشباب المستخدمين للموقع عن الوقت الذي يقضونه وراء الشاشة كانت المفارقة الكبيرة، فقد قال أحدهم إنه يمضي 12 ساعة في اليوم، وهو يعمل على الموقع حتى إنه يقوم باستغلال أي لحظة فراغ للولوج إلى الشبكة العنكبوتية لتصفح الموقع، لكن توقيتات تصفح الموقع بالنسبة لآخرين بدت معقولة، فإبراهيم الحواري الطالب في جامعة البلقاء، ويقول إنه يفضل تصفح الموقع في أوقات الليل على أن لا تزيد المدة على الساعتين. ويشاطره القول جهاد أبو هاشم، مؤكدا أن وقته ثمين، لذا لا يتصفح الشبكة أكثر من نصف ساعة في اليوم أو في وقت الفراغ المتوفر لديه.
مشاكل ومصائب
رفيف قفيشة طالبة هندسة الجينات في جامعة فيلادلفيا قالت إن بعض الفتيات يقمن بعرض صورهن على الموقع، مما يعرضهن للمضايقة وللابتزاز في بعض الأحيان، كما أن مجال انتحال الشخصيات متاح بشكل كبير للغاية، فيستطيع أي شاب تسجيل نفسه باسم فتاة، مما يؤدي إلى حدوث مشاكل كبيرة.
فتاة رفضت الإفصاح عن اسمها، ذكرت أنها نشرت صورها على المدونة الخاصة بها على الـ"فيسبوك"، وقام أحد الأشخاص بأخذ الصور ودبلجتها على أفلام غير أخلاقية، مما جعلها تقيم إقامة دائمة في إدارة حماية الأسرة، خوفا على حياتها المهددة من قبل عائلتها.
معاذ سامي مهندس الشبكات قال إن هذا الموقع يوفر بيئة ملائمة لعمل فئة قراصنة الإنترنت ( hackers )، إذ يأخذون بعض البيانات السرية للأشخاص، مثل أرقام بطاقات الصراف الآلي أو الشيكات الإلكترونية، ويقومون بعمليات القرصنة بكل يسر وسهولة.
هذه المشاكل دفعت إدارة الموقع لتوقيع اتفاقية تعاون مع شركة (مكافي) العالمية المتخصصة بخدمات الحماية الإلكترونية لتوفر الشركة مجموعة من الحلول الأمنية تشمل برمجيات للحماية وأدوات مسح وإصلاح، إضافة إلى مواد تعليمية لمستخدمي الموقع لإرشادهم على عدم السقوط في فخ هذه العصابات الخطيرة.
ويلفت أستاذ الشريعة في الجامعة الأردنية الدكتور إسماعيل البريشي إلى أن لهذه المواقع دورا بارزا في تمييع أخلاق الشباب، إضافة للتسبب بالمشكلات والنزاعات بين الأزواج، الأمر الذي يؤثر على النسيج الاجتماعي، ويميل البريشي إلى تحريم العمل على هذا الموقع لكثرة سلبياته وأخطاره على الكينونة الاجتماعية والأسرية.
ويذهب البريشي إلى أن موقع "الفيس بوك" مجند لدول معادية للإسلام والمسلمين، لتحصيل معلومات عن أحوالهم وعلاقاتهم الاجتماعية، وبالتالي تجنيدهم بطرق خفية، والأجهزة المخابراتية للدول الغربية و"الموساد" الإسرائيلي تلعب الدور الأبرز في هذا السياق على حد قوله، محذرا الناس من التعامل مع هذا الموقع.
السبب المباشر
طالب الهندسة المدنية في جامعة البوليتكنك مروان حماد قال إن حب الاستطلاع والتعرف إلى الآخر هو السبب الرئيسي الذي يدفع به والشباب لارتياد هذا الموقع، كما أنه يقوم بإشباع فضوله من خلال معرفة كل شيء على شبكة الإنترنت.
ويضيف أن تصفح هذا الموقع ضرورة لمواكبة روح العصر والطفرة التكنولوجية الحديثة، فإذا سألك أحدهم عن هذا الموقع وكنت لا تعرف عنه شيئا، فإن أول ما ستتهم به هو التخلف، على حد وصفه.
ويلفت الباحث الاجتماعي عمر فضي إلى أن سلبيات هذه الأداة الغربية أكبر لأنها من صنعته، وبذلك ستتأثر المفاهيم والقيم العربية، خصوصا أن القيم الغربية لا تعبر عن شخصيتنا الوطنية.
ويذهب فضي إلى أن التعبير عن "المكبوتات" على "الفيس بوك" سيؤدي إلى ما أسماه "تطرفا إلكترونيا"، وظهور الأمور الغريبة عن مجتمعنا مثل الشواذ وعبدة الشيطان نتيجة الحرية الزائدة غير المضبوطة، خاصة أن الشباب بعد ظهور الإنترنت باتوا يتلقون الرسالة دون دراستها ومعرفة أبعادها وأخطارها.
المواقع العربية البديلة
تباينت آراء المواطنين المستطلعة آراؤهم حول توفر البديل العربي أو غيابه، وما هي أسباب غيابه؟ وإذا توفر فما هي أسباب العزوف عنه؟ مجموعة منهم رأت أن البديل العربي أفضل من الموقع الأجنبي، لأن الموقع العربي إذا توفر ووضع له مجموعة من الضوابط غير المتوفرة مثلا على موقع الـ"فيسبوك"، فإن الاشتراك فيه مستحب، وإنهم على استعداد للتعامل مع هذه المواقع، وأكدوا أن البديل العربي إذا وضعت له الميزانيات الملائمة سيصل إلى درجة العالمية فهو لا ينقص شيء عن المواقع الأخرى.
العينة الثانية رأت أن المواقع العربية لا تستحق الاهتمام، فهي لا توفر لهم ما يطمحون إليه، والبديل العربي مثل مكتوب رغم وجوده منذ فترة طويلة إلا أنه لم يلق رواجا مثل موقع الـ"فيسبوك"، وذلك لضعف إمكانيته ومحدودية خدماته، وقلة مرتاديه، كما يقولون، كما أن المواقع الأجنبية لا تضع حدوداً جغرافية فهي عالم مفتوح أمام الجميع.
ويتحدث الباحث الاجتماعي عمر فضي هنا بأن للمجتمعات الشرقية "مجموعة مكبوتات" استطاع الفضاء الإعلامي الجديد لذي يقبل عليه الشباب لسهولة إخفاء هوياتهم الحقيقية فيه، أن يحقق رواجاً بسبب إقبال الناس على الشبكات الاجتماعية.
كما أنه ليس لدى الشباب بدائل أخرى، فصلتهم مع الكتاب والأسرة والقيم والمعايير أصبحت مشوشة نتيجة دخول التكنولوجيا الحديثة بهذا العنف.
الإعصار التكنولوجي
أم مصعب، ربة منزل تقول إن هذه التكنولوجيا جعلت العالم أكثر ترابطا، فهي تقوم بمراسلة أختها عبر الـ"فيسبوك" لأنها تجد متعة في تصفحه، وهي بذلك تواكب التكنولوجيا التي كانت محرومةً منها سابقا لعدم توفرها.
من جانبه، يقول أستاذ الحاسوب في جامعة البلقاء التطبيقية جهاد جبر إنه ليس من الممكن ضبط هذا الإعصار التكنولوجي، لأن العالم أصبح قرية صغيرة بفضل الإنترنت، وهذه المواقع تجعل العالم بيتا صغيرا، لأن كل مستخدميه يعرفون بعضهم وهمومهم ومشاكلهم كالأسرة الواحدة.
ويضيف أن الإمكانيات الضخمة المتوفرة لموقع الـ"فيسبوك" تلعب أهم دور في رواجه وانتشاره في العالم إلى أنه يمكن ضبط هذه المواقع داخل المنظمات من خلال استخدام بعض برامج الحماية.
ويؤكد جبر أن شكل الموقع وألوانه وتصميمه لا تلعب دورا في استقطاب وجذب الناس إليه كما يظن البعض، فهناك مواقع مبهرة في التصميم أكثر من الـ"فيسبوك" إلى أنها لم تأخذ حجم الانتشار والرواج الذي أخذه هذا الموقع. الصحافي أحمد رجب يشير إلى أن سقف الحرية في موقع الـ"فيسبوك" أعلى من المواقع الإخبارية والمدونات الأخرى، مرجعا المشكلة في الموضوع إلى الحرية الزائدة التي يمكن نعتها بالمطلقة، وهذه مشكله كبيرة، فمؤخرا وجدت بعض المجموعات التي قامت بالإساءة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وجرى إزالتها من الفيسبوك، لكن هذا شكل اختراقا للخصوصيات، وتجاوزا للخطوط الحمر التي من الأصل أن تكون متوفرة ومرعية في أي مكان لإبداء الرأي، على حد قوله. يجمع المواطنون وأصحاب الاختصاص المستطلعة آراؤهم أن السبب المباشر الذي يدفع بالأشخاص لاستخدام هذا الموقع هو ملء الفراغ الموجود لديهم. ولأن الشباب عماد المجتمع والفئة الأكبر في المجتمع وجب على كل المعنيين في هذا القطاع إيجاد بدائل للشباب، منها ما اقترحه البعض من توفير النوادي الشبابية ومراكز تعليم الحرف حتى للذين ما يزالون على مقاعد الدراسة ليتعلموا حرفة، إضافة للتخصص الذين يدرسونه، بغية تكامل الجانب الأكاديمي مع العملي، وبهذا نكون استثمرنا أهم فئة من فئات المجتمع، فنحن في بلد لا يملك ثروات طبيعية أو صناعية، بل ثروتنا شبابنا الذين سيصنعون التغيير الذي نطمح إليه ونجسد مقولة (الإنسان أغلى ما نملك) قولا وعملا.
يشار إلى أن الفيسبوك واحد من أشهر الشبكات الاجتماعية، يتيح إمكانية التواصل والتعرف على الأصدقاء في جميع أنحاء العالم، مع إمكانية تأسيس بيئة خاصة لكل فرد يتواصل من خلالها بأساليب مختلفة ومتنوعة مع الآخرين، ففور أن يقوم المشترك بالتسجيل في موقع "الفيس بوك"، يوفر له الموقع صفحة خاصة به يستطيع من خلالها أن يضع معلوماته الشخصية وصورته التي تعتبر واجهة صفحته الخاصة، ثم يقوم المشترك بوضع بعض المعلومات الخاصة الأخرى مثل معلوماته الدراسية والعمل والوظيفة والعنوان، وأية معلومات أخرى يريدها، سواء كانت أخبارا نصية أو أفلاما أو صوتيات، دون رقابة.. وبلا حدود.
عن السبيل
رد مع اقتباس
المفضلات