تكتيك بقانون مؤقت جديد يستفيد منه الثقل العشائري والاخوان واصحاب الحضور الجماهيري
قانون الانتخابات.. معادلة صوت واحد لمقعد واحد في دائرة واحدة لا تغضب ولا ترضي

لا يحقق بطبيعة الحال قانون الانتخاب المؤقت الجديد الذي اقرته حكومة سمير الرفاعي بالاردن امس 'قفزة' حقيقية في مسار الاصلاح السياسي، لكنه يسعى لاحتواء الجدل المتنامي تحت لافتة الوطن البديل واستقرار نخب الثقل العشائري والتصالح بدرجة محسوبة مع الاسلاميين ومغازلة الصوت الفلسطيني قليلا وبعده مغازلة بعض القوى الدولية المهتمة بالانتخابات الاردنية.
وافضل توصيف يمكن اطلاقه على الصيغة المؤقتة الجديدة لقانون الانتخاب هو الاشارة الى انها صيغة لا تغضب احدا ولا ترضي احدا بنفس الوقت، مما يعني ان الهجوم عليها او التحرش بها سيقرأ من باب المناكفة السياسية التي لا لزوم لها، فيما الاشادة بها ستفسر على انها 'نفاق سياسي' وهذه المعادلة تناسب حكومة الرئيس سمير الرفاعي وتشبه ملامح وجهها السياسية.
ولا يشك كثيرون بأن معادلة 'صوت واحد في دائرة واحدة لمقعد واحد' هي تطوير جزئي وطفيف على قاعدة الصوت الواحد في الدائرة المتكاملة، كما يلمح وزيرا التنمية السياسية والاتصال موسى المعايطة ونبيل الشريف، وهي قاعدة ما زالت ترفضها المعارضة وتعتبرها سببا في حالة التراجع واحيانا التخلف السياسي والديمقراطي.
وبالموجب اصبح عدد الدوائر الانتخابية في البلاد يساوي عدد المقاعد، وهي الآن 120 بعد اضافة 12 مقعدا وهو ترتيب يغلق كل دائرة على ناخبيها فقط لاختيار مرشح واحد فقط لكرسي واحد، مما يعني تلقائيا ان القادر على النجاح سيكون فقط واحدا من ثلاثة اشخاص.. مرشح العشيرة ومرشح الاخوان المسلمين والمرشح 'الجماهيري' القادرعلى حشد المقترعين في منطقة جغرافية مغلقة عند تسجيل كشوفات انصاره.
ونتيجة ذلك واضحة بالقياس وفقا للمحلل المتخصص بالانتخابات جميل النمري، فالفرصة الافضل بموجب القانون المؤقت الجديد سيحظى بها اصحاب 'الثقل العشائري' ورموز التيار الاسلامي قبل غيرهم، ولن يكون هناك اي تأثير لنحو 16 حزبا في الساحة ولا للبرامج السياسية او حتى الانتخابية.
تحذيرات مبكرة انطلقت وحاولت ثني حكومة الرفاعي عن هذا الترتيب الانتخابي على اساس انه لا يطور الحياة السياسية والاصلاحية اولا، ويضع اغلبية مقاعد البرلمان المقبل بين احضان العشيرة والعائلة والتيار الاسلامي، فيما تبقى حصة محدودة من المقاعد ستحظى بها شخصيات ذات اطار جماهيري من طراز خليل عطية وممدوح العبادي.
المفارقة في الامر ان هذا الترتيب القانوني يناسب جماعة الاخوان المسلمين اذا ما قررت المشاركة في حفلة الانتخابات لانها الجهة الحزبية الوحيدة القادرة على تحشيد الاصوات عند بدء عمليات التسجيل وعليه ستكون المعركة الانتخابية، كما يرجح عطية، معركة تسجيل للناخبين قبل اي اعتبار آخر.
وبالموجب قصدت الحكومة ارسال رسالة تقول بأنها مهتمة جدا بازالة صورة انتخابات 2007 من الذاكرة السياسية والاجتماعية عبر منظومة نزاهة مبتكرة قوامها اشراك القضاء لاول مرة في اللجان العليا لادارة الانتخابات، وعقوبات تصل لسبع سنوات سجنا ضد المال السياسي ومنع التصويت الامي، وهي اجراءات الهدف منها اقناع الرأي العام بأن الانتخابات المقبلة ستكون نزيهة وشفافة، وهو امر يمكن ترجيحه في ظل تكتيك الدائرة المفردة اليتيمة المغلقة الذي يحدد عمليا مسبقا نوعية المرشح المؤهل للفوز.
وفكرة الدائرة المفردة يتحمس لها كثيرون في التيار المحافظ بالدولة وعلى رأسهم زيد الرفاعي الاب ودعاة الاصلاح المتوازن وعلى رأسهم الرئيس الحالي للحكومة، فيما اقنعت الحكومة منتقدي غياب الاردنيين من اصل فلسطيني عن العملية بالخارج والداخل بأنها منفتحة على افكارهم عبر زيادة اربعة مقاعد، فيما يسمى بمناطق 'الكثافة السكانية' وهي زيادة محدودة جدا لا تحدث فارقا في السياق ورغم ذلك اتهم البعض حكومة الرفاعي بالعمل على 'المحاصصة'، علما بأن وجود 700 الف ناخب جديد يحق لهم الاقتراع من الشبان صغار السن قد يشكل علامة فارقة بالمستقبل خصوصا وان الحكومة ستفتح لهم كشوفات التسجيل.
المصدر : الحقيقة الدولية – القدس العربي 20.5.2010
المفضلات