أحيوا الذكرى بمئات الفعاليات لتذكير الأحفاد بطرد الأجداد
ملايين الفلسطينيين يحييون الذكرى الـ62 للنكبة بإصرار على التشبث بأرضهم

الحقيقة الدولية – غزة - علي البطة
لم ينسى ملايين الفلسطينيين أن يحملوا في أيديهم مفاتيح أبواب بيوتهم التي طرد منها الأجداد والآباء، وشهورا الأوراق الثبوتية (الكوشان) التي تثبت ملكيتهم للأرض التي طردوا منها بالإرهاب الصهيوني في العام 1948، الذي أقيم فيه كيان العدو الصهيوني على حساب الأرض الفلسطينية.
عند الثانية عشر من ظهر السبت الخامس عشر من أيار، توقف ملايين الفلسطينيين دقيقةً واحدة، عندما دوت صفارات الإنذار في كل أماكن تجمع الفلسطينيين وتشتتهم في جهات الدنيا الأربع.
وتميز إحياء الفلسطينيين للذكرى الـ(62) للنكبة في قطاع غزة بفعاليات متعددة وحاشدة، بدأت منذ منتصف الأسبوع الماضي، وبلغت ذروتها اليوم السبت، بالعديد من الفعاليات الجماهيرية.
وشهدت مدينة غزة أبرز فعالية جماهيرية للنكبة، أرسلت رسالة وحدة الشعب الفلسطيني المنقسم على ذاته، عندما شارك قادة حركتي فتح وحماس المتنازعتين في مسيرة موحدة لإحياء ذكرى النكبة.
وشارك الآلاف من الفلسطينيين في المسيرة التي انطلقت من غرب غزة ووصلت إلى مقر الأمم المتحدة بالمدينة، دون أن تمنعهم حرارة الشمس اللاهبة من السير ألاف الأمتار على طريق العودة إلى مدنهم التي هجروا منها.
وحضرت في المسيرة الرموز الفلسطينية الدالة على النكبة من مفتاح العودة الكبير إلى الكوشان والعلم الفلسطيني والزي التراثي، وغيرها من الرموز الفلسطينية التراثية.
وردد المتظاهرون عبارات تؤكد على التمسك بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين وفق قرارات الأمم المتحدة والتمسك بالحقوق وأخرى تطالب بإنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي وتحقيق المصالحة الوطنية.
وسلم المتظاهرون رسالة مكتوبة إلى الأمم المتحدة عبر مقرها في غزة تؤكد على التمسك بحق العودة ورفض كل السياسات الإسرائيلية أو الأجنبية الرامية إلى شطب هذا الحق.
من جهته أقام تجمع الشخصيَّات المستقلة خيمة اعتصام تحت شعار "المصالحة حتى لا نعيش نكبة جديدة" في عزبة عبد ربه شمال غزة، التي دمرتها قوات الاحتلال في حربها على قطاع غزة نهاية العام 2008.
وقال عبد العزيز الشقاقي أحد الشخصيات المستقلة: إن "إقامة الخيمة يحمل مضامين تتعلق بالزمان والمكان خاصة وأن عزبة عبد ربه تعرَّضت خلال الحرب الصهيونية الأخيرة إلى تدمير واسع مما مثل نكبة جديدة بحق أهلها".
وأشار إلى أن تجمُّع الشخصيات المستقلة يسعى من خلال فعاليات إحياء النكبة في كافة المحافظات إلى تعزيز الرأي العام الفلسطيني نحو إنهاء الانقسام الذي يلحق الضرر بالمشروع الوطني ويعطل الجهود الفلسطينية لخدمة القضية، على حد تعبيره.
بينما عد المستشار السياسي لرئيس الحكومة الفلسطينية بقطاع غزة الدكتور يوسف رزقة أن القضية الفلسطينية تمرّ بمرحلة خطيرة نتيجة استعداد المفاوض الفلسطيني لتقديم التنازلات بما يتعلق بقضايا الحل النهائي من خلال الاحتكام للرأي الأمريكي.
وعد رزقة خلال احتفال أقامته اللجنة العليا لأحياء ذكرى النكبة في مركز رشاد الشوا الثقافي بمدينة غزة أن العامين الحالي والقادم ، هما الأخطر على مستوى عملية التسوية والقضية الفلسطينية في ظل وجود ما وصفها بـ"الحكومة غير المفوضة والمعطلة داخلياً".
وشدد على أن مقاومة الاحتلال تتطلب من الشعب الفلسطيني تذكر الألم من أجل الخروج بشكل قوي يمكنه من الصمود أمام التحديات التي من الممكن أن تواجهه مستقبلاً، مؤكداً على أنه لا استقلال للاحتلال على أرض فلسطين على حساب أصحابها.
وقال: "واضح أن فترة ما بعد النكبة شهدت العديد من البطولات التي حققها الشعب الفلسطيني من خلال الدفاع عن حقوقه، الأمر الذي أدى إلى انطلاق العمل الفدائي بقيادة العشرات من القادة والمفكرين" على حد قوله.
وعلى صعيد المواقف، دعت اللجنة الوطنية العليا لإحياء ذكرى النكبة الشعب الفلسطيني إلى التمسك بحقوقه الوطنية في مقدمها حق عودة اللاجئين الفلسطينيين وفق القرار الدولي 194 ورفض المشروع الصهيوني القائم على الاعتراف بـ "يهودية" كيان العدو الصهيوني والرد على جرائم القتل والتهجير والتخريب ضد الأرض والمقدسات.
وأكدت اللجنة "أن ذكرى النكبة تأتي في هذا العام في مرحلة سياسية دقيقة ومعقدة وخطيرة تتطلب قراءة الواقع بدقة كما هو ودون مجاملة للذات أو تجميل لأن القراءة الصحيحة والموضوعية تشكل الخطوة الأولى نحو التغيير المنشود".
بينما دعت دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية في بيان صحافي الشعب الفلسطيني إلى المشاركة في فعاليات إحياء الذكرى الثانية والستين للنكبة.
وأكدت الدائرة "أن ما حدث للشعب الفلسطيني في الخامس عشر من مايو عام 1948 كان بداية لأبشع ظلم تاريخي على الشعب الفلسطيني عندما طرد من أرضه وزرع جسم غريب مثل آخر استعمار عسكري واستيطاني في العالم يقوم على القوة العسكرية وتوسيع الاحتلال بغرض حماية المصالح الاستعمارية الغربية في المنطقة والتحكم في حاضرها ومستقبلها".
وقالت "إن الشعب الفلسطيني كان ضحية إقامة الكيان الصهيوني حيث شرد وطرد من أرضه ليعيش في آلام الشتات في الوقت الذي ينعم المحتل بأرضه وخيراته بل ويتنكر لحقوقه المشروعة التي أقرتها له الشرعية الدولية".
وأشار إلى "أن الذكرى الثانية والستين للنكبة تمضي وحكومة اليمين الصهيوني تواصل عدوانها وإحكام حصارها الظالم على شعبنا وتواصل أعمالها الاستعمارية التوسعية عبر بناء المستوطنات ومصادرة الأراضي الفلسطينية لصالح جدار الفصل العنصري الذي تسبب بترحيل الآلاف من الأسر الفلسطينية من أراضيهم وقراهم".
فيما أكدت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) أن الحقوق التاريخية والطبيعية الثابتة للشعب الفلسطيني لا يمكن إخضاعها للمساومة أو النقاش أبداً.
وقالت الحركة في بيان لها: "بالمقاومة والنضال السياسي سنحول النكبة لعودة وحرية واستقلال، لأن تحقيق العودة يعني الاطمئنان لإيماننا العظيم بصلتنا الأبدية مع ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا مع بيوتنا وأراضينا في فلسطين".
وأضافت "الحرية والاستقلال لا يكتملان إلا بعودة اللاجئين إلى بيوتهم وأرض آبائهم وأجدادهم وإطلاق حرية الأسرى من سجون الاحتلال، وحرية القدس عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة، وانجاز السيادة عليها".
وشددت على أن عودة الفلسطيني إلى وطنه حق ثابت لا يخضع للنقاش أبداً، مؤكدة أن الحلول لمشكلة اللاجئين لن تكون عادلة ما لم تضمن حقوقهم التاريخية كافة، وما لم تسمح لهم بالعودة إلى وطنهم فلسطين وتعويضهم عن المعاناة والخسائر الجسيمة التي سببها الاحتلال لهم ولأبنائهم.
وعدت الحركة تحويل خيام ومخيمات اللاجئين إلى قواعد كفاحية أعظم دليل على أن النكبة التي أرادتها لنا "إسرائيل" بمثابة عملية لتبديد مقومات الشعب، انعكست على المشروع الصهيوني كفاحاً ونضالاً.
وأوضحت الحركة أن مسؤولية المجتمع الدولي ومنظماته وهيئاته لا تقف عند تحسين الوضع المعيشي وتقديم الخدمات للاجئين في أماكن تواجدهم، وإنما تتعداها للنضال مع الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال، و إرهاب المستوطنين.
المصدر : الحقيقة الدولية – غزة - علي البطة 15-5-2010
المفضلات