ملحق الثقافة
حوار الحكايات
ليس بيني وبين الهوى من حوار
سوى ما تناثر في الغيم من أغنيات
وما تاه في ريش جنح السنونوِّ من رائحة
الحب
حين غاب على التو يطوي الشوارع
لا شيء إلا صدى الوله النابت في القلب
في شاطئ البحر كنا ننام على الرمل
لا شيء يستر أحلامنا غير عُريِ الطبيعة
دغدغة الموج، دفء العواطف،
رعشة شيء تشكل بين الحنايا
وكأس من الشاي خدره الشوق والرغبة
العاتية
طفلين كنا ننام، ونعبث بالزغب المستفزّ
المطيب بالحلم
نمشي إلى غدنا راكبين جناح
التشفي من الهم
نحمل رغباتنا ونطير نطير
ولسنا نكف، ولسنا نكف،
هل الريح كفت، فلسنا نكف،
وتعبث أحلامنا
يكف الهياج ولسنا نكف،
وتهدأ الرياح ولا موج في العين
لا غمزة في عيون الصبايا
تغالبنا قهقات الصعاب، نعابثها،
تعابثنا في الفراغ ولا نستريح
علونا على الريح،
غبنا فما ثم فينا حضور
هو الصمت يحرس أطرافنا
والغياب اللذيذ
كبرنا على الحلمِ، مدَّ إلينا يديه،
تجاهلت الزنبقاتُ الطرية ماذا نخبئ
مدّت إليهِ الذوائبَ، ذوب الروايات
غافلت الريح، يا ريحُ، يا ريحُ
منْ يمنع الحب من ذروة الاشتعالْ
ومن يحرم الحلم من وهج الاكتمالْ
صادقتنا الزوايا
ألفنا الشوارع في كل حي،
رسمنا ملامحها في الحنايا
سلالم كل الحدائق تذكر وقع الحكايا
ويحفظ ليل المسافة ظلاًّ تهادى على
الرمل
هل كان يا بحر ظلاًّ لنا
وظل عبير النخيل شذى في الخلايا
عاندتنا رياح الجنوب، ولكن
ريح الشمال هوانا
وأرض الخيول تظل مدانا
متى تهربُ الذكرياتُ من السجنِ
تعلو السجون بعيداً على وقع أقدامنا
ويظل الجدار المسيج بالصدِّ أقصر من رغبة
تختفي في قرارة نبع يجود بتبر العطايا
أيها السجن حسبكَ
إنا نخاتلُ ظلًَ التنصت
والعسس الشاردين
ونعرف كيف ندلل أحلامنا ونربّي الحكايات
في تربة الأولين
ونعرف كيف نوزع أقواتنا في الفصول
بكى الشجر المستجير من العري
حين رآنا على الدربِ ظلين،
ظلُّ التوحد نحنُ
صمتنا، تشكل في العين لون الغروب
انتبهنا على صوت ناي سرى في الفضاء
متى تهربُ الذكريات من السجنِ،
تنفض ريش الغوايةِ،
ينتشر الفرح الأرجواني
يمضي الجناح طليقاً
ويرحلُ عنا صقيعُ الشتاءْ
هو الصبحُ موعدُنا،
أليس الصباحُ؟
بلى!،
ترتاح ذكرى النوارسِ متعبةً
فوقَ رملِ المحيطِ
وترنو إلى الماءِ في روحِها العشقُ
تهفو إلى فضة الموج
يغسلُ أهدابها بالرذاذ المندّى
يعابثها ما تطاير في ريشها من زبدْ
تطير مدلهةً في دلال العذارى
وترخي الجناح على خفقة القلبِ
تحتك أجنحة الشوق والذكريات العتيقةِ
تمعنُ في رحلة الموسم الغجريِّ
إلى الجزر المشتهاة،
أتتعبُ يا قلبُ من رحلةٍ تسرج الدرب،
رأساً من القلب للقلبِ،
قال المنجم،
يا قلبُ هذا المنجم يكذبُ
ليست دروب المسافر دوماً سواءْ
وليست رياح النوارس دوماً رُخاءْ
ليس بيني وبين سنين دعتها إليها
بلاد بعيدة
غير نبض الحكايا ووشوشة الريح
عبر الصحارى
وهسهسة السرو في القمم الشاهقات
وجلجلة الرعد في السحب العاصفات
وترنيمة الطير في حضرة البحر
وأوف العتابا، تنز شجى
في الدروب العنيدة
يقول المغني:
إذا فاتني لحن ناي الصبا
تراءت عيون الهوى في القصيدة
ونحن، ومن نحن؟ هل زمن تاه
في ذكريات الخريفِ
أنحن حضور الهوى وجديده؟
ونحن ومن نحن؟ يا قلبُ
قد أثخنتنا الجهات وظلّ هوانا
سراب طريدة؟
نطل على الشجر المستكن بحزن العصافير
في غفوة الليل
نرقب يوماً نحلق فيه إلى الفجر
ندنو من الكشف
نجمع أشياءنا وظلال الزمان
ونمضي
ونرتاح في لجة الوجع المستطاب
بريئين من دمعة في عيون الأيائل
نمضي إلى الغد طفلين نسرق
أيامنا من غمار الزمان
ونصعد نصعد نحو الحكايا
فيا زمن الذكريات توقف
سنخرج من غرفة في سجون الزمانِ
إلى اللحظة الفاصلة
ونبني حكاياتنا من عروقِ الشوارعِ
قافلة قافلة
فهل سلّمُ الوقت يكفي، وما ثمَّ من جولة آجلة
ونحن نعيد خطوط المسافات للرحلة القابلة
نعمْ، لمع النجمُ في الأفق المستنيم،
وهاج شعاع الهوى الراحلة
د.إبراهيم السعافين
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الدراوشه
المفضلات