بعد أن فشلت كافة الخطط الصهيو أمريكية في حصار غزة فوق وتحت الأرض
السلطات المصرية تشتري اراضي المناطق الحدودية لإقامة منطقة عازلة

الحقيقة الدولية – سيناء – محمد الحر
ما زال الهاجس الأمني يحتل المكانة الأولى لدى كيان العدو الصهيوني ويأتي على رأس أولوياته، ومن هنا يتواصل الضغط الصهيو- أمريكي بكل قوة على مصر لتبذل جهودها على كافة المستويات لإغلاق كل نافذة أو طريق يمكن ان يعبر منه أي مواطن فلسطيني بقطاع غزة إلى الأراضي المصرية.
وأمام الضغوط الأمريكية الشديدة واستخدام أسلوب الترغيب بدعم نظام التوريث وتأمين انتقال السلطة في مصر بطريقة سلمية، والترهيب من خلال التلويح بقطع المساعدات وفتح ملفات عديدة على رأسها ملف الحريات وحقوق الإنسان وغيرها من المنغصات التي يمكن ان تفتح أبواب جهنم على النظام السياسي الحالي، استجابت مصر لكل الإملاءات الصهيو - أمريكية ووضعت الحدود مع قطاع غزة تحت تصرف ورقابة الإدارة الأمريكية التي أعدت مخططا شيطانيا لتغيير ديموغرافية المنطقة الحدودية برفح المصرية لتكون منطقة آمنة تماما يشعر حيالها كيان العدو بالراحة والطمأنينة بدلا من الهلع والرعب الذي اخذ يتنامى لديه بعد قيام حركة حماس بأسر الجندي الصهيوني "جلعاد شاليط".
وبدأت مصر في التعاون مع الإدارة الأمريكية إبان عهد الرئيس جورج بوش وتم وضع منظومة أمنية تمثلت في تركيب منظومة كاميرات عملاقة وضعت من خلالها منطقة الشريط الحدودي مع قطاع غزة بطول 13,30 كيلومتر أمام أنظار وسمع خبراء أمريكان عن طريق ربط الشاشة التي تتحكم بالكاميرات بشاشات أخرى عن طريق القمر الصناعي لتخضع لرقابة الجانب الأمريكي الذي تبرع للجانب المصري بمنظومة الكاميرات العملاقة إلا إنها لم تؤدي الغرض المطلوب منها في إحكام الرقابة على منطقة الشريط الحدودي بعد أن أصبحت تلك المنطقة ممرات آمنه لجيوش من العابرين بكلا الإتجاهين المصري برفح والفلسطيني بقطاع غزة، الأمر الذي دعا أمريكا لإرسال مبعوثيها في صورة وفود عسكرية لوضع حلول ناجعة للقضاء على الأنفاق نهائيا لإحكام الحصار الصهيوني على غزة فوق الأرض وتحتها أيضا.
وبدأت المرحلة الأخرى من خلال إغراق المنطقة الحدودية بالمياه بعد غرس مواسير دائرية مثقوبة من كافة الجهات تحت الأرض وربطها بخط أفقي من المواسير ومن ثم ضخ المياه عبرها لتغرق التربة وتتسبب في انهيار العشرات من الأنفاق على رؤوس العاملين بها، ولكن سرعان ما استطاع تجار الأنفاق من استقدام مادة إسمنتية عند رشها على جوانب النفق المختلفة تقوم بعزل الطبقة الداخلية عن الخارجية وتمنع امتداد رشح المياه إلى جوانب النفق، والمثير أن رشح المياه الذي كان يصل إلى جدران الأنفاق يجعلها أكثر قوة وصلابة من خلال المادة الإسمنتية التي يتم استخدامها عادة لإقامة المنشآت تحت المياه.
وهنا تعالت الصرخات الصهيونية لتشكو لأمريكا فشل هذه المنظومة وتنتقد تقصير مصر في ضبط حدودها مع قطاع غزة واستمرار التهريب بإشكاله المختلفة من رفح المصرية إلى رفح الفلسطينية، وخاصة تهريب السلاح الذي أقلق مضاجع الصهاينة ليلا ونهارا، مما دفع الإدارة الأمريكية للتفكير في وضع خطة بديلة وشاملة لتمنع التهديد الفلسطيني لأمن الكيان الصهيوني وكانت الخطة بإنشاء جدار من الحديد الفولاذي يتم غرسه في باطن الأرض بأعماق تتراوح ما بين 8 إلى 30 متر ليكون حائط صد ضد أي محاولة للتهريب أو الحركة تحت الأرض عبر الأنفاق، وبالفعل شرعت مصر في تنفيذ هذا المخطط وتواصل العمل دون توقف لمد الجدار الفولاذي العازل على طول حدود مصر مع قطاع غزة، إلا أن إرادة الشعب الفلسطيني المحاصر بقطاع غزة في استمرار عمل الأنفاق التي تعد الرئة الاقتصادية لغزة وأهلها تمكنت من قهر كافة التحديات الصهيو – أمريكية وتمكنت عدة فصائل فلسطينية من اختراق الجدار الفولاذي الذي ادعت التقارير الأمريكية بأنه مصنع من مادة حديدية فولاذية مدرعة ضد الاختراق والصهر والتفجير.
مناطق عازلة
وأمام هذا التحدي الذي أحبط كل المنظومات الأمنية التي خططت لها أمريكا ودعمتها بأموال الكونغرس جاءت الخطة الأخيرة لتنفيذ المخطط الأخير والذي تهدف الولايات المتحدة بالتعاون مع الكيان الصهيوني على الأراضي المصرية في رفح من خلال إقامة مدينة سياحية على طول الشريط الحدودي وبعمق يمتد من الشريط الحدودي لنحو 3 كم باتجاه مدينة رفح ولكن اصطدم هذا المخطط بالكتلة السكانية في منطقة صلاح الدين القريبة من الحدود حيث يرفض سكانها إخلاء منازلهم لشعورهم بان هناك مخطط خفي يتم تنفيذه لتغيير معالم مدينتهم، وبالفعل باشرت السلطات المحلية في مدينة رفح بحصر أعداد المساكن الواقعة قرب الجدار الفولاذي والتي تنتشر من داخلها وحولها فتحات لعشرات الأنفاق التي تصل بين الرفحين المصرية والفلسطينية.
ومع أستبعاد السلطات المحلية الخيار الأمني لإرغام المواطنين على إخلاء منازلهم بالقوة، لجأت تلك السلطات إلى تهجير هؤلاء السكان بصورة قانونية، حيث أدعت مديرية الزراعة بان غالبية المساكن المتواجدة بالقرب من الحدود تمت إقامتها بصورة مخالفة للقانون وهو ما يستوجب إزالتها على الفور، ولكن هذه المحاولة أيضا باءت بالفشل بعد أن وضع السكان أجسادهم تحت معاول الآليات التي جاءت لهدم المنازل حماية لها من الهدم قائلين بصوت واحد: "هدم منازلنا لن يكون إلا على أجسادنا"، وتحاشيا لاندلاع مصادمات ومواجهات عنيفة ودامية بين السلطات والمواطنين، آثرت السلطات المحلية السلامة وانسحبت بالياتها في هدوء حذر.
ويبدو واضحا أن المحاولات الرسمية المصرية لم تتوقف أبدا في إبعاد سكان المناطق الحدودية من مناطقهم من أجل إقامة المدينة السياحية التي سوف تمولها أمريكا وسيكون لها عائدات كبيرة بالنسبة للسياحة المصرية وفي نفس الوقت ستكون بمثابة جدار طبيعي تماما في وجه أي محاولة فلسطينية للدخول إلى الأراضي المصرية بسيناء.
فقد أكدت مصادر قبلية في مدينة رفح المصرية أن السلطات المصرية أرسلت شخصين برتبة لواء من رئاسة الجمهورية إلى مدينة رفح في مهمة رسمية غير معلنة، حيث ادعيا "اللواءين" واحدهما يدعى السيد الجبلاوي، والآخر احمد عبد الحكيم، بأنهما خرجا إلى المعاش وأنهما أرادا القيام بمشروع استثماري عالمي وتم اختيار المنطقة الحدودية برفح لإقامة هذا المشروع عليها وقاما بجولة على عدد من عواقل ومشايخ قبائل سيناء لإقناع أصحاب البيوت والأراضي الواقعة بالمنطقة الحدودية لبيعها لهما مقابل المبالغ التي يحددونها بأنفسهم وسيتم دفعها لهم فورا ودون أدنى مناقشة.
شهود عيان ممن التقوا باللواءين أكدوا لـ "الحقيقة الدولية" إنهم تلقوا عروض سخية جدا من اللواءين مقابل بيع أراضيهم الواقعة بالقرب من المنطقة الحدودية، وأكدوا إنهم ابدوا دهشتهم في البداية لكون الدولة ترفض بيع الأراضي بهذه المنطقة التي تتمتع بطابع خاص وحساس للغاية وقاموا بإبلاغ السلطات المصرية عما يدعوا له اللواءان، إلا إن السلطات التزمت الصمت تجاه معلومات شهود العيان ولم تتخذ أية إجراءات حيالهما، وأشاروا إلى أن هذين اللواءين جاءا بتكليف رسمي بزعم شراء هذه الأراضي الحدودية بطريقة تبدو التفافية بعيدا عن الصفة الرسمية التي يرفضها أصحابها إلا أن هذه المحاولة أيضا تم إجهاضها.
وكشف الشيخ محمد عرفات لـ "الحقيقة الدولية"، أن لواءين قالا إنهما بالمعاش قاما بزيارته واجتمعا معه بوجود الشيخ حسن الخلفات، وتحدثا معه بخصوص رغبتهما في إقامة مشروع استثماري بالمنطقة الحدودية وإنهما طلبا منه التوسط لدى أصحاب الأراضي لإقناعهم بعملية البيع مقابل أي مبالغ يحددونها.
واشار الشيخ عرفات إلى أن اللواءين قالا بأنهما يحزنهما ما يحدث من مشاكل وصلت إلى درجة الصدام، وأنهما يريدان تنفيذ شروع استثماري سياحي وطالبا بتدخل مشايخ القبائل لإقناع المواطنين بالبيع.
وأوضح الشيخ عرفات بان اللواءين قالا له "مستعدين دفع أي أموال يطلبها أصحاب الأراضي ومن يريد استبدال أرضه بالمنطقة الحدودية بأرض في مدينة أخرى بسيناء سيتم توفير ذلك له ومن يريد البيع مقابل المال فله ذلك أيضا".
المصدر : الحقيقة الدولية – سيناء – محمد الحر 10.5.2010
المفضلات