المدرسة تمنع موظفها من تسليم هويته للمستشفى لاستكمال إجراءات العلاج
توسلات طالب ونزيف أنفه لم تشفعا له عند مدير مدرسته الخاصة بنقله إلى المستشفى الا بعد حين

تحت قيظ ظهيرة يوم الخميس الماضي، كان الطالب ابن الخامسة عشرة، يقف أمام مدخل أحد مستشفيات عمان، تسيل الدماء من "أنفه"، بعيد تعرضه للوقوع على رأسه في مدرسته الخاصة، إثر دفع زميل له عن غير قصد، أثناء قيام زملاء آخرين له في المدرسة، بلعبة تسمى "البومة"، تقوم على التدافع والضرب.
ولعبة البومة من الألعاب الخشنة، يمارسها بعض الطلبة خلال الفرصة في المدرسة، وغالبا ما تجري أمام أعين أعضاء من الهيئة التدريسية، بحسب مصدر في المدرسة.
وبين الطالب ابن الصف الثامن، الذي يدرس في إحدى فروع مدرسة راقية بمنطقة الجبيهة، أن مدير مدرسته استدعاه إلى مكتبه، عقب إصابته برأسه، طالبا منه العودة إلى صفه، وألا يخبر والده بما حدث.
ولم يقدم المدير بداية، على إسعاف الطالب رغم طلبه أن ينقل إلى المستشفى لإيقاف نزيفه، ورغم تأكيد ممرض المدرسة للمدير أمام الطالب، أن الأخير بحاجة إلى علاج فوري.
وبعد مماطلة، أجبر المدير على نقل الطالب إلى المستشفى، غير أنه لم يتم استكمال إجراءات إدخاله لتلقي العلاج، حيث لم يقدم مرافق الطالب هويته الشخصية لإدارة المستشفى، "بسبب أوامر المدرسة"، بحسب المرافق نفسه، الذي اعتذر لولي أمر الطالب عن عدم قدرته على استكمال إجراءات إدخال ابنه للمستشفى. ما يعني عدم تكبد المدرسة أي مصاريف لعلاج الطالب، أو تحمل مسؤوليتها تجاه ما حدث.
وقطع اتصال هاتفي، تلقاه الأب، من مدير المدرسة الخاصة، الخميس الماضي، لقاء كان يجمع الأب مع بعض الإعلاميين، ما اضطره الى التوجه للمستشفى ليتابع حالة ابنه الصحية.
ولدى وصوله المستشفى، وجد أنه تم إسعاف الطالب ولكن "على مضض"، في الوقت الذي كان مرافقه يهم بإعادته إلى صفه. بيد ان والده أصر على أن يجري الفريق الطبي الفحوصات اللازمة.
وفي ذات السياق، رفض الطبيب المناوب في المستشفى، وبناء على طلب المدرسة، إعطاء الطالب تقريرا طبيا، حول حالته الصحية، ما دفع إدارة المستشفى لتوجيه إنذار للطبيب لمخالفته أسس التعامل مع مثل هذه الحالات، بحسب المدير الطبي للمستشفى، وهو نقيب أطباء سابق.
ويضيف المدير الطبي للمستشفى في حديث إلى "الغد" أن "الطالب حصل على تقرير طبي حول حالته الصحية"، موضحا أن إدارة المستشفى ستحاسب الطبيب المناوب لعدم إعطائه ولي الأمر التقرير، مشيرا إلى أن الطبيب يعمل في المستشفى منذ 4 أشهر فقط.
ويقول إن "التقرير الطبي يكتب فقط للحالات التي يشتبه بأنها قضائية، بحيث نهاتف الجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة".
بيد أن موظف إدخال في المستشفى، قال لـ"الغد" إنه حاول جاهدا الحصول من المدرسة على ضوء أخضر لإدخال الطالب في غرفة خاصة لتلقي العلاج، "إلا أنها لم تستجب".
وتحت إصرار ولي أمر الطالب باتخاذ إجراءات قانونية في ما جرى لابنه إثر اطلاعه على الحالة التي كان عليها، وإجراءات التأخير في علاجه، حضر إلى المستشفى رجلا أمن، استمعا إلى أقوال الطالب، بحضور مدير التعليم الخاص في وزارة التربية والتعليم الدكتور فايز السعودي، الذي زار الطالب في المستشفى فور سماعه بحالته.
وعندما قرر مدير المدرسة زيارة الطالب في المستشفى، بادر والد الطالب بالمعاتبة قبل الاطمئنان على صحة ابنه، الذي يدرس في مدرسة "يفترض ان توفر للطلبة الأمن والحماية".
واعتبر المدير موقف الأب غير متناسب مع الحادثة، وقال له "ليش مكبر القصة؟ الموضوع ما بستاهل"، فلم يكلف المدير نفسه عناء السؤال عن صحة طالب من طلبة مدرسته، ما دفع الأب للقول للمدير "ما دام هذا سلوك مدير مدرسة، فالقضاء بيننا".
ويعلق الأب على ذلك، بالقول، "من الطبيعي أن يتعرض الطالب لإصابة ما أثناء التحاقه بالمدرسة، ولكن المشكلة تكمن في تعامل المدرسة بلا مسؤولية مع حالة ابني، ودفعه للكذب وإخفاء الحقيقة عن أسرته".
وتعليقا على ذلك، يقول مدير التعليم الخاص، إن "الوزارة تعتزم في اليومين المقبلين إصدار تعليمات لكافة المدارس، حول التعامل مع مثل هذه الحالات"، مشيرا إلى أن الأصل في حالة من هذا النوع، قيام المدرسة بإسعاف الطالب، وإخبار أسرته بما تعرض له، وتنفيذ واجباتها تجاه حالته الصحية.
وفي الأثناء، تلقى مدير التعليم الخاص وولي أمر الطالب اتصالا هاتفيا من وزير التربية والتعليم الدكتور ابراهيم بدران، حيث تم تشكيل لجنة من وزارة التربية للتحقيق في المسألة، الإ أن ولي أمر الطالب، تنازل عن حقه واكتفى بالتأكيد لمدير التعليم الخاص بأن يوجه تنبيه إلى المدرسة.
"تعامل هذه المدرسة مع الواقعة، يطرح تساؤلات عديدة، فما دام الطالب موجودا بين أسوارها فهو من مسؤوليتها"، وفق الأب، الذي كان يتحدث إلى مدير التعليم الخاص "كما أن على الهيئة التدريسية متابعة طلبتها في الحصص والفرصة، ومراقبة سلوكهم، ففي الوقت الذي نجتهد فيه لتوفير أقساط الطلبة للمدارس الخاصة، نجد الاهتمام من الوزارة، لا من المدرسة الخاصة، وهو ما يجعلنا نلتفت الى دور المدارس الحكومية التي تخرج فيها أطباء ومهندسون وعلماء".
وبحسب ما أكده مديرة المدرسة إلى "الغد" فإنه "لم يتم دفع الطالب من قبل زملائه وإنما سقط وحده، وأسفر سقوطه عن إصابة زميل له"، مبينا أن "إدارة المدرسة لا تتهاون مع أي حالة يتعرض فيها طالب للأذى".
المصدر : الحقيقة الدولية - الغد 10.5.2010
المفضلات