لبنان في صدمة بعد جرائم كترمايا
مالك محمد مصباح من بيروت لموقع الشرفة
2010-05-01
(صورة أرشيفية) رنا أبو مرعي (وسط) عادت إلى المنزل لتجد والديها وابنتيها زينة (يسار) وآمنة (يمين) مقتولين.
لا يزال اللبنانيون في صدمة بعد يومين من أخذ بعض أهالي بلدة كترمايا حقهم بأيديهم حيث أعدموا رجلا متهما بالقتل أمام عدسات الصحافيين.
وكان محمد سليم مسلم، 38 عاماً مصري الجنسية، قد تم إحضاره إلى مسرح الجريمة يوم الخميس 29 أبريل/نيسان لإعادة تمثيل جريمة قتل بشعة اتهم بها وأودت بحياة يوسف أبو مرعي (75 سنة) وزوجته كوثر (70 سنة) وحفيدتيهما آمنة (9 سنوات) وزينة (7 سنوات) الليلة السابقة.
إلا أن بعض أهالي البلدة اختطفوه من رجال الأمن وجردوه من ملابسه وطعنوه وضربوه وسحلوه عبر القرية قبل تعليق جثته على عمود كهرباء.
وعمل مسلم كجزار بالبلدة وتم اتهامه بقتل الضحايا وتمثيله بجثثهم. وكانت قد أعلنت قوى الأمن الداخلي صباح الخميس توقيف المشتبه به والعثور على سكين وقميص عليهما آثار دم وأن الأدلة نقلت إلى مختبر الأدلة الجنائية من أجل فحص الـ"دي أن آي".
وتمت عملية الثأر أمام أعين الصحافيين، وصورها العديد من المتفرجين بهواتفهم المحمولة.
وروت لـ"الشرفة" السيدة لينا من كترمايا (رفضت ذكر بقية اسمها) ما حصل في بلدتها، وهي زميلة لرنا أبو مرعي والدة الطفلتين الضحيتين "حين انتشر في البلدة خبر توقيف مسلم وضبط أدلة الجريمة في منزله ازداد الناس غضباً خصوصاً أنه من أصحاب السوابق وقبل أشهر اغتصب فتاة عمرها 15 سنة وسجن شهراً واحداً فقط".
وقالت لينا إن رنا وهي مطلقة تعيش مع والديها وتعمل كمعلمة هي التي اكتشفت الجريمة. وقالت "اعتاد أبوها أن يوصل ابنتيها صباحاً إلى الطريق العام ليستقلا باص المدرسة وينتظرهما عصراً ليصطحبهما إلى البيت. عصر الأربعاء لم يكن الجد موجوداً فأوصلهما الباص إلى باب المنزل ورحل".
وأضافت "لم يدر أحد ماذا حصل داخل المنزل".
وذكرت تقارير إعلامية غير مؤكدة أن مسلم كان مشتبها بإقدامه على اغتصاب فتاة في الثالثة عشرة من عمرها في البلدة نفسها. وتوجه مسلم الأربعاء إلى يوسف أبو مرعي ليطلب منه التوسط لدى عائلة الفتاة الضحية للزواج منها.
وبموجب القانون اللبناني تتوقف الملاحقات بحق مرتكب جريمة الاغتصاب إذا تزوج ضحيته.
وقال مسؤول أمني لبناني لوكالة فرانس برس طلب عدم كشف هويته "يبدو أن الرجل السبعيني رفض مما دفع محمد مسلم إلى طعنه حتى الموت قبل أن يقتل زوجته كوثر وحفيدتيهما".
وقالت لينا إنه حين جاءت رنا من عملها مساء الأربعاء فتحت الباب ورأت هول الفاجعة. وكانت "ابنتها الكبرى (آمنة) تلفظ أنفاسها الأخيرة وفارقت الحياة بين يديها. المجرم طعن الضحايا الأربعة بسكاكين وقطع بعضها".
لم تنم القرية ليلتها وفقاً للأهالي الذين شهدوا إعدام مسلم. وكانت قد تمكنت عناصر قوى الأمن من نقل المتهم إلى مستشفى قريب لكن المواطنين تمكنوا من مداهمة المستشفى وهجموا على وحدة العناية المركزة ووضعوا جسده على غطاء محرك سيارة بيضاء وقضوا عليه.
وبقيت جثته معلقة نحو ساعة حتى استقدم الجيش اللبناني قوة كبيرة أبعدت الحشود ونقلت الجثة إلى المشرحة، بينما سلم جثث الضحايا إلى ذويها ودفنت.
وفي اليوم التالي الجمعة تصدّر الخبر الصفحات الأولى في الجرائد اليومية التي وصفها بعضها هذا التصرف بـ"البربري". وكذلك صدرت مواقف مستهجنة من الرئيس اللبناني ميشال سليمان ووزراء الداخلية زياد بارود والعدل إبراهيم نجار والإعلام طارق متري.
وصدر أيضاً بيان عن قوى الأمن الداخلي أكد أن "فحوصات الـ DNA أثبتت أن الدماء التي وجدت على القميص المضبوط في منزل المشتبه به في جريمة كترمايا مطابقة لدماء الجدة. وأن الدماء التي عثر عليها على نصل السكين المضبوط مطابقة لدم الطفلة الضحية زينة، 7 أعوام.
وأفاد البيان يوم الجمعة بأن "هذه الفحوصات أثبتت أيضاً أن الآثار الموجودة على قبضة السكين تحوي مزيجاً من العرق والدماء، يعود جزء منها للمشتبه به".
وانتقد الأستاذ في الجامعة اللبنانية – الأميركية وخبير الطب الشرعي عمر نشابة بيان قوى الأمن الداخلي واتهم السلطات بسوء إدارة الموقف. وقال لـ"الشرفة" "تطابق العينتين لا يعني إصدار حكم الذي يجب أن يصدر عن محكمة مستقلة. أياً تكن الإثباتات المتوافرة لا يمكن أحداً غير المحكمة أن يصدر حكماً ورمزية ما حصل هو أن لا نظام عدالة في لبنان".
ورأى أن "ما جرى هو أعمال وحشية لا مثيل لها إلا في دول تحكمها شريعة الغاب".
وأضاف "قتل حشد من الناس محمد سليم مسلم، وقتلوا معه العدالة وهم يفاخرون بتحقيقها. لم توقف النيابة العامة أحداً ولم يصدر عنها أو عن وزارة العدل ما يوازي حجم الجريمة وبشاعة الصورة المذلّة للبنان وللدولة ومؤسساتها".
ورفض رئيس بلدية كترمايا محمد حسن اعتبار بلدته "خارجة عن القانون". وقال "كترمايا بلدة اعتدي عليها، فالجاني ارتكب جريمة مروعة". وقال إن المواطنين كانوا ينتظرون مراسم الجنازة حين وصلت الشرطة إلى مسرح الجريمة مع المشتبه به.
وقال "حصلت عملية استفزازية لم تكن مدروسة أدت إلى رد الفعل لكن هذا لا يعني أن بلدتي ترفض أن يقوم القضاء بعمله".
وعلق مسؤول صفحة المجتمع في جريدة "الحياة" زكي محفوظ على ما جرى بقوله لـ"الشرفة" "همجية ترد على همجية".
وأضاف أن ما جرى "أعاد إلى الأذهان مشاهد حرب همجية أيضاً ارتكبت فيها أفعال مماثلة".
وقال محفوظ "ومرة أخرى يرتكب الإعلام المرئي والإلكتروني غلطة بنشره صور التمثيل بجثة مشتبه به إلى حينه (على الأقل)، ودخوله في السباق المحموم المعتاد، من دون أن يراعى وجود الصغار أمام الشاشات، مثلما لم يراعِ ذوي الدم الفائر الصغار الذين تحلّقوا حول مسرح فعلتهم".
وأضاف "لكن الأدهى، أن هول التمثيل بالجثة ألهانا عن حزننا على ضحايا جريمة كترمايا الأولى وأعادنا إلى ظلام النفس البشرية".
رد مع اقتباس
المفضلات