منطقة رمادية مبرمجة.. ايقاع الشارع مؤسس على مخاوف "الوطن البديل" والإيقاع الرسمي على "ضمانات" واشنطن وغياب "منطقي" لخيار الحسم الاستراتيجي
الاردن.. حصة اكبر للمدن في تعديلات قانون "الانتخاب" وصخب بيان المتقاعدين العسكريين يتواصل

ما زالت تداعيات بيان سياسي اصدرته بصورة نادرة نخبة من المتقاعدين العسكريين'تفرض نفسها على ايقاع الجدل السياسي في البلاد' بعدما ساهمت تلويحات “اسرائيل” بالترحيل الجماعي بانعاش مخاوف الوطن البديل في المملكة وبانطلاق دعوات متجددة لدسترة تعليمات فط الارتباك ولسحب المزيد من'جنسيات ابناء الضفة الغربية الاردنيين وبتنامي المقترحات المتعلقة بإعلان إستراتيجية 'دفاعية' تتصدى لمؤامرة صهيونية.
وفيما اغرق المتقاعدون العسكر اجواء السياسة بالنقاش بعد بيانهم الساخن سياسيا اعلن رئيس الوزراء' سمير الرفاعي بان قانون الانتخابات الجديد المعدل سينتهي بعد اسبوعين، مصرا على ان الانتخابات العامة ستجري في البلاد في الربع الاخير من العام الحالي علما بأن محور الجدل حول المؤامرة “الصهيونية” له علاقة مباشرة بالقراءات السياسية التي ستعتمد عند اصدار وزارة الرفاعي تعديلات قانون الانتخاب.
ولم تتضح هذه التعديلات بصورة نهائية بعد لكن الدوائر الرسمية سربت تصورات تتحدث عن تقسيم عدد الدوائر الانتخابية' بعدد مقاعد البرلمان '110 مقعدا' مع دائرة وهمية او افتراضية على مستوى المنطقة الانتخابية المتكاملة، الامر الذي سينتهي وفقا لاجماع المراقبين بثلاثة اعتبارات مع مشكلات حيوية جدا على صعيد 'التسجيل'.
وهذه الاعتبارات هي' تكريس للصوت العشائري والقبلي'اولا، وترك مساحة معتدلة للاخوان المسلمين ثانيا، وزيادة محدودة جدا في 'حصة المدن' من المقاعد'ثالثا، بمعنى اخر زيادة محدودة' في تمثيل الأردنيين من أصل فلسطيني.
' بالتوازي تدلل'مسارعة وزارة الداخلية لنفي الانباء التي تحدثت عن نقل صلاحياتها الخاصة بإدارة المتابعة والتفتيش المعنية حصريا' بالعلاقة' مع اهالي الضفة الغربية'وبطاقاتهم وجسورهم على ان الوزارة تقاوم اي مقترحات رسمية او اهلية لاعادة التفكير بتعليمات فك الارتباط تجاويا من الناحية العملية مع دعوات التوسع في تطبيقات فك الارتباط وشمول مجموعات اضافية من الفلسطينيين بها.
وبالتوازي ايضا لا احد يفهم حتى الآن مبررات ما يتردد حول انشغال إدارة الأحوال المدنية' بشكل بطاقة الهوية الجديدة التي ستصرف العام المقبل للمواطنين والتي قد' تتضمن الاسم الثلاثي'خاليا من اسم العشيرة، فوزارة الداخلية لم تنف بعد هذه المعلومات كما تفعل بالعادة.
محصلة المشهد تشير لحالة فوضى وارتباك على مستوى القرار السياسي واحيانا الاستراتيجي لا تتعلق فقط بخلافات اركان المطبخ على بنود تعديلات واهداف قانون الانتخابات الجديد ولكنها تتعلق ايضا باتخاذ قرارات سياسية حاسمة ونهائية تحدد بصورة' شاملة وغير قابلة للمراجعة المطلوب من الانتخابات المقبلة والموقف من قصة 'الضفة الغربية' برمتها.
وعليه ساهم بيان المتقاعدين العسكريين شديد اللهجة وكما قال الكاتب محمد ابو رمان في زيادة جرعة الارتباك والتوتر على مشهد مرتبك أصلا لم'تحسم فيه بعد الخيارات الاستراتيجية تجاه ملفات وقضايا حيوية مما يفسر اقتصار 'ردة الفعل' على الجانب الاعلامي والاهلي دون الرسمي فيما يخص مضامين'بيان المتقاعدين السياسي.
ويفسر مصدر مطلع جدا اسباب توفر هذه المنطقة 'الرمادية' في منطقة الحسم الاستراتيجي على اساس ان ايقاع الشارع بعامليه ومتقاعديه مؤسس على المخاوف العامة والنصوص الاعلامية' وتحرشات “اسرائيل”، فيما ايقاع الموقف الرسمي' المرجعي' ينظر للمشهد برمته من زاوية مختلفة وجذرية' وشمولية اكثر' مؤشراتها متجمعة في واشنطن .
واشنطن هنا تقول في الغرف المغلقة جدا للاردنيين بان خيار 'الدولتين' استراتيجي وليس تكتيكا وبان النظام السياسي الاردني بتركيبته وهويته الحالية حليف موثوق ويتمتع بالصدارة عربيا واسلاميا' بعد “إسرائيل”'وبان الاقتصاد الأردني وفي اي لحظة حرجة'ستضمنه الاطر الفيدرالية'وبأن احدا في الولايات المتحدة لن يطلب يوما من عمان اي دور لا تريده في المعادلة الفلسطينية ولن يفرض عليها بكل الأحوال اي وصفة 'إصلاحية'.
هذه التأكيدات الامريكية -' يوضح المصدر - يسمعها ويلمسها اصحاب القرار لكن' ايقاع الشارع المدجج باتهامات التآمر للامريكيين لا يسمعها ولا يعرفها، الامر الذي يشرح مستويات التباين في الخطاب والموقف'وبالتالي المساحات الرمادية بين رموز الشارع والصوت العالي'وبين عدد قليل من صناع القرار الذين يعرفون بصورة محددة'ان الملفات الاساسية في المجتمع الاردني لم يحن بعد فصلها مما يبقيها معلقة ويؤجل خيارات الحسم الاستراتيجي.
المصدر : الحقيقة الدولية – القدس العربي 4.5.2010
المفضلات