حراك المعلمين في الاردن دخل دائرة "التسييس" زخم في بعض مناطق الجنوب وامتناع عن المشاركة في عمان والشمال والحكومة تلجأ للتصعيد

قد لا ينفع تهديد الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور نبيل الشريف بعقوبات ادارية ضد المضربين عن العمل في الحراك التعليمي باكثر من الايحاء برسالة سياسية تقول فيها الحكومة بوضوح ان وزير التربية والتعليم لن يقال تحت الضغط الشعبي، وان كان سيخرج من الطاقم على الارجح في اول تعديل وزاري يتردد من الآن ان الرئيس سمير الرفاعي يطبخه على نار مغرقة في الهدوء.
وقد لا ينفع التهديد نفسه باكثر من توتير اجواء متوترة اصلا على صعيد قطاع المعلمين خصوصا في مدينة الكرك التي يتحرك معلموها بزخم ويتخذون الموقف الاكثر تصعيدا عبر تنظيم مهرجانات ونشاطات والاهم عبر التنطح للرد على الناطق الرسمي بالاشارة لجاهزية المحتجين للعقوبات التي لوح بها الوزير الشريف.
وليس سرا في السياق ان الحكومة رصدت باهتمام بالغ طوال الاسبوع الماضي طبيعة وهوية الحراك الاضرابي التعليمي النادر ولاحظت كما تشير مصادر رسمية ان تعبيرات المعلمين الاكثر صخبا في مدينة الكرك حصريا حيث يوجد اساتذة مسيسون الى حد ما تتهمهم حكومة الرفاعي بالتحريض وهو تعبير استخدمه الناطق الرسمي.
كما ليس سرا ان مكتب المفتش العام في وزارة التربية والتعليم زود الحكومة بتقارير ميدانية متعددة يستخلص منها ان جمهور المعلمين في المدن الاساسية الثلاث عمان واربد والزرقاء لا يبدي اهتماما لا بالتجاوب مع الحراك الصاخب ولا بمطلب التشكيل النقابي اصلا والتضامن في هذه المدن الثلاث على مستوى فردي وليس جماعيا.
والتقارير المشار اليها تتحدث عن صعوبات اقتصادية عامة تؤطر حركة معلمي الكرك وعشرات المعلمين في مدينة معان اما تحركات بعض المدارس في منطقة البلقاء فكانت عبثية ولم تكن منظمة، واوضاع المدارس هادئة في الاغوار والمفرق وجرش وعجلون... هذا ما تفيده استطلاعات فريق بحث ميداني كلفه وزير التربية بدراسة الامر سريعا.
ومن الواضح ان ميل الوزير الشريف للتصعيد اذا برز بعد قراءة هذه الوقائع والبينات في مطبخ القرار الحكومي فوزير التربية والتعليم المطلوب رأسه في هذا الحراك ابراهيم بدران ابلغ الرفاعي شخصيا بان الاوضاع هادئة تماما في مختلف مدارس المملكة، وان عنصر الشغب متمركز في الكرك وبعض المناطق في الجنوب باستثناء العقبة، الامر الذي يفسر لغة التصعيد في التصريح الاخير للناطق الرسمي.
وفي سياق التعاطي مع هذا الامر طلب من مدراء التربية في المناطق المتوترة التصرف بحزم وعلى اساس ان البلاد وخلافا للتعبير الذي استخدمه الكاتب محمد ابو رمان ليست بصدد "انتفاضة معلمين"، كما تقول الصحافة، وهو تقدير درس ايضا من الناحية الامنية وبعد وجهة نظر قالت بان الاطاحة براس وزير التربية خطوة قد تخمد الحراك وتدفع الشعار المطلبي المتعلق بتأسيس نقابة للمعلمين الى مستويات التحاور في الاقنية الرسمية والهادئة بعيدا عن الشارع، خصوصا وان الصحف الاساسية الكبرى وخلفها الاحزاب لم تركب الموجة وفقا للتقييم الحكومي باستثناء حزب الجبهة الاردنية الموحدة الذي ايد علنا حراك المعلمين لاسباب تخص التحضيرات الانتخابية في فرعه المؤثر في الكرك، كما قال الوزراء في الحكومة.
بنفس الوقت يتعاطف كثيرون في المجتمع المدني مع مطلب المعلمين لكن غالبية الآراء المستقلة لا تؤيد خيارات تكتيكية لجأ لها المعلمون من طراز تعطيل الدراسة واستخدام الطلاب في المعركة وتحدي انظمة الدوام وحتى نقل المسألة برمتها للشارع.
استراتيجيا تقرر بانه لا مجال للمجازفة بدعم خيار تأسيس نقابة للمعلمين في ظل الوضع الحالي المتردي للقطاع، وامنيا تقرر بان كلفة السماح بتأسيس النقابة اياها تحت ضغط الحراك الشعبي وبعدما نقل نشطاء المعلمين المعركة للشارع والاعلام اكبر بكثير من كلفة التمترس حول الخيار الحالي القاضي برفض فكرة النقابة.
سياسيا يرى الوسط الحكومي ان قطاعات المعلمين الاهم لم تتحرك ولا تظهر اي اشارات للتحرك قريبا وفي بعض المناطق والتجمعات "لا تهتم"، وعليه فالحكومة ليست بصدد تقديم تنازل ضخم اسمه النقابة وتحت الضغط على اساس ان ذلك سيمس بهيبة الحكومة الحالية "التي لا زالت طرية" وسيشجع قطاعات اخرى على الحراك والتأطير مثل عمال المياومة وموظفي القطاع العام.
وعلى هذا الاساس سيست الحكومة نظرتها للمسألة وهي تحذر من الاجندات الحزبية التي تؤثر في حراك المعلمين بعدما لجأ اساتذة المدارس في بعض المحافظات لاضفاء طابع سياسي على قضيتهم التي كانت مطلبية وقديمة، لكنها تحركت على نطاق مفاجىء كلغم سياسي يتفجر في حضن حكومة الرفاعي التي لم تقل بعد للرأي العام بوضوح لماذا ترفض تاسيس نقابة للمعلمين، وما الذي يضيرها لو فعلت.
المصدر : الحقيقة الدولية – القدس العربي – 22.3.2010

المفضلات