بمناسبة يوم المرأة العالمي.. إجماع "نسوي" على اعتماد "الكوتا" لنقل الأردنيات إلى واجهة العمل السياسي

الحقيقة الدولية – عمان – محرر الشؤون البرلمانية
عجزت المرأة الأردنية تاريخيا، في منافسة الرجل ودخول المعترك السياسي انتخابيا، دون رافعة، بسبب سيادة النظرة المجتمعية للمرأة، الأمر الذي كان يقدم الرجل ويؤخرها.
بيد ان عضو مجلس النواب المنحل (الخامس عشر) الدكتورة فلك الجمعاني شذت عن تلك القاعدة، ونجحت في مزاحمة الرجل والحصول على مقعد نيابي عن طريق التنافس الحر دون اتكاء على الكوتا، فيما استطاعت النائب السابقة توجان فيصل الحصول على مقعد نيابي، ولكن عن طريق كوتة "الشركس والشيشان" وليس عن طريق "كوتا المرأة" غير المعمول بها وقت ذاك.
اعتمدت المرأة خلال الحقبات الماضية على الكوتا حينا والتعيين في المجالس التشريعية والأعيان والبلدية، حينا آخر، للوصول الى موقع سياسية تشريعية ورقابية وخدمية، وفشلت في الوصول الى تلك المواقع عبر التنافس الحر أو صندوق الاقتراع باستثناء الجمعاني وفيصل.
في ظلال يوم المرأة العالمي الذي يصادف اليوم نستذكر أن المرأة الأردنية مُنحت حق الترشيح والانتخاب عام 1974، ولكنها لم تستطع الوصول بالانتخاب لأي موقع من مواقع التشريع وصنع القرار إلا عام 1993، عن طريق توجان فيصل، وبعد ذلك تم اعتماد الكوتا النسائية في انتخابات 2003 الذي افرز مجلس النواب الرابع عشر، وبفضل الكوتا تلك وصلت 6 سيدات البرلمان، كما وصل أيضا 6 سيدات لمجلس النواب الخامس عشر عن طريق الكوتا وسيدة عبر التنافس الحر.
بيد ان سعي المرأة للحصول على موطئ قدم في مجتمع مهيمن عليه ذكوريا بدأ عام 1955، وذلك عندما صدر قرار مجلس الوزراء بالموافقة على مشروع الانتخاب الذي أعطى للمرأة "المتعلمة حق الانتخاب وليس حق الترشيح"، فاحتج اتحاد المرأة ونظم حملة واسعة لمنحها حقها الكامل في الانتخاب والترشيح وإعطاء المرأة الأمية حقها أسوة بالرجل الأمي، ما أثمر لاحقا بمنح المرأة عام 1974 حق الترشيح والانتخاب للمجالس النيابية للمرة الأولى.
خلال الفترة التي تعطلت فيها الحياة النيابية في الأعوام (1978-1984) عينت ثلاث نساء للدورة الأولى للمجلس الوطني الاستشاري المشكل من 75 عضواً وأربع نساء في الدورتين الثانية والثالثة.
وفي عام 1984 جرت انتخابات فرعية لملء المقاعد الثمانية الشاغرة في مجلس النواب والذي أعيد إحياؤه، ولم تتقدم أية مرشحة واقتصر الترشيح على الرجال الذين بلغ عددهم (101) مرشح، بيد ان عام 1989 شكل نقطة تحول في أقدام المرأة على خوض معركة الانتخابات النيابية، فترشحت 12 امرأة من أصل 648 مرشحاً لكن لم تنجح أية مرشحة، ووصل مجموع ما حصلن عليه من أصوات (20530) صوتاً بنسبة 1.01% من مجموع الأصوات، أما في انتخابات عام 1993 فقد شهد عدد المرشحات انحساراً، إذ لم تترشح سوى ثلاث نساء فقط، وحصلن على ما نسبته 4.3% من مجموع الأصوات التي اقترعت للمقاعد التي ترشحن لها، ونجحت توجان فيصل عن مقعد الشركس والشيشان في الدائرة الثالثة، والذي نقل فيما بعد للدائرة الخامسة، وفي انتخابات 1997، فشلت أي سيدة الوصول لمقاعد البرلمان.
وفي شباط /فبراير 2003 صدر نظام معدل لنظام تقسيم الدوائر الانتخابية والمقاعد المخصصة لكل منها. وخصص في القانون 6 مقاعد كحد أدنى تتنافس عليها النساء، الى جانب الحق في المنافسة على المقاعد الأخرى كافة، كما حدد القانون آلية اختيار النساء الفائزات بناء على الثقل النسبي لأصواتهن في الدائرة، وترشح 54 امرأة في انتخابات، 2003 فوصلت (6) نساء إلى البرلمان عن طريق الحصة النسائية التي أقرها قانون الانتخاب المعدل.
آما في انتخابات 2007 فقد ترشح لها 199 سيدة من أصل 288 مرشح، وفزت المرأة بحصتها في الكوتا، إضافة إلى فوز السيدة فلك الجمعاني بمقعد عبر التنافس الحر.
تقول الدكتورة فلك الجمعاني التي كانت السيدة الوحيدة التي تفوز بموقع نيابي عبر التنافس الحر بعيدا عن أي كوتة نيابية، وذلك في الدائرة الثانية في محافظة مادبا /ذيبان، ان الكوتا النسائية ما زالت السبيل لإيصال المرأة لقبة البرلمان.
وتستدرك الجمعاني بالتأكيد أنها ضد مبدأ الكوتا أصلا، ولكنها تعتقد ان المجتمع ما زال بحاجة لمبدأ الكوتا لإيصال المرأة لمناطق صنع القرار والدفع بها إلى الإمام.
ترى الجمعاني التي استطاعت الحصول على موقع نيابي في منطقة عشائرية، ان التطور والتحول المطلوب في المجتمع لم يتحقق حتى الآن، وما زال الرجل يرفض ان تقوده أو ترأسه امرأة، وما زالت العقلية القبلية متغلغلة في المجتمع.
وتعتقد ان الكثير من الأمور بحاجة الى إعادة نظر منها التشريعات والأنظمة، وذلك حتى يتسنى للجميع الوصول الى منظومة تشريعية قادرة على النهوض بالمجتمع والدفع به الى الإمام، باعتبار ان تلك المنظومة من شانها إحداث تغيير في المجتمع، تجعله مع الوقت يقبل ان ترأسه امرأة أو ينتخب سيدة.
وتعتقد ان الحكومات المتعاقبة تتحمل أيضا جزء من مسؤولية التراجع الذي يحدث للمرأة باعتبار ان تلك الحكومات كان عليها ان تؤطر الدعم اللوجستي للمرأة من خلال قوانين تساهم في تطوير المجتمع ككل، وتشير الجمعاني بكل امتنان إلى الدعم الذي تلاقيه المرأة من لدن جلالة الملك عبد الله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبد الله.
إما عضو مجلس النواب الخامس عشر المنحل السيدة ريم القاسم فأنها تؤيد بقاء الكوتا النسائية، وتعتقد بضرورة توسيعها لتصل الى 20%، فيما ترفض الطريقة التي يتم فيها توزيع المقاعد الحصص في الكوتا السابقة، باعتبار ان تلك الطريقة ساهمت في إيقاع ظلم كبير على بعض النساء اللواتي حصلن على أرقام عالية ولم يحصلن على مقعد نيابي.
وترى ان الحكومات المتعاقبة لم تقدم الدعم المطلوب للمرأة لتغيير نظرة المجتمع إليها، مشيرة انه لا يجوز الاعتماد فقط على الدعم الكلامي واللفظي، وإنما يجب ان يتطور الأمر الى دعم لوجستي من خلال تشريعات وقوانين تغير نظرة الرجل والمجتمع السلبية للمرأة، والدفع بأنظمة وقوانين تساهم في هذا الأمر.
الأمينة العامة للجنة الوطنية لشؤون المرأة والوزيرة السابقة أسمى خضر ترى وفق تصريحات سابقة ان: نظام تخصيص مقاعد للنساء (كوتا) في مجلس النواب "تمييز ايجابي" وأخذت به معظم نظم الانتخاب في العالم لجسر الفجوة التي نشأت إثر إقصاء النساء عبر سنوات طويلة.
وترى ان تخصيص كوتا للنساء في البرلمان هو تدبير أوصت به المؤتمرات الدولية ويعد أساسيا في معالجة الخلل الناجم من عدم اعتياد المجتمع على وجود المرأة في المواقع السياسية.
أما رئيس لجنة السياسات في البرلمان العربي النائب السابق محمد أبو هديب يؤيد زيادة حصة المراة في مجلس النواب لتصل الى 12 سيدة، بواقع سيدة عن كل محافظة، معتبرا ان تجربة النساء في البرلمان لم تكن سيئة.
بالمجمل فان الموروث الاجتماعي ما زال يشكل عائقا أمام اخذ المراة لحقها ودورها، وهذا يتطلب من الحكومات سن الكثير من القوانين التي من شانها تغيير النظرة السلبية لدى المجتمع عن المراة، وإقناعه بأنها عنصر فاعل قادر على العطاء كما الرجل.
المصدر : الحقيقة الدولية – عمان – محرر الشؤون البرلمانية 8.3.2010

المفضلات