الأردن.. النواب يتهمون مراكز قوى داخل السلطة بتحريك الصحافة ضدهم
الأردن.. النواب يتهمون مراكز قوى داخل السلطة بتحريك الصحافة ضدهم وأزمة ضريبة الثقافة مستمرة وسط صمت حكومي
قرار رئيس مجلس النواب الاردني عبد الهادي المجالي بمنع الصحفيين من التجول في اروقة البرلمان نزولا عند رغبة النواب الغاضبين على الصحافة لا يعكس اجواء المصالحة النسبية التي تحدثت عنها الاوساط السياسية لاحتواء ازمة غير مسبوقة بين المؤسسات الصحفية والبرلمان لا زالت تحتل الصدارة على مستوى التجادل والتجاذب الوطني.
وهذا القرار يعني سياسيا بأن النار لا زالت تحت الرماد بخصوص العلاقة المتوترة بين النواب والمؤسسات الصحافية التي تفننت لاظهار عيوب المجلس النيابي في مقابل خطوة النواب بفرض ضريبة جديدة باسم الثقافة على الاعلانات المنشورة وبشكل يقلص من ارباح المؤسسات الصحافية.
ورغم كثرة الحديث عن المصالحة وترطيب الاجواء الا ان السخونة لا زالت مرصودة لدرجة ان رئيس اللجنة القانونية في المجلس النيابي نصح نشطاء مدنيين بتجنب اقامة اي حوارات بين الطرفين في هذه الايام والاكتفاء بالقدر المرصود من الاثارة بسبب اجواء الغليان التي يشعر بها اعضاء البرلمان تجاه الصحافة والصحافيين.
ومن الواضح ان التوتر مرده ليس حملات النقد الصحافية على النواب ولا ضريبة الثقافة الجديدة فالحملات يمكن وقفها دائما والضريبة يمكن تخفيفها او التراجع عنها بعشرات الطرق التي يعرفها الوسط الصحفي جيدا.
لكن تصور شخصيات مهمة واخرى مستجدة في العمل البرلماني ان مواجهة حملات الصحافة الآن يعني التصدي للآليات التي تعمل داخل اروقة القرار على تشويه مجلس النواب على اساس ذهنية تستند الى ان الهجوم الان على المؤسسات الصحافية يرد بشكل غير مباشر على بؤر متنفذة داخل اروقة الحكم والحكومة يرى بعض النواب انها معادية ليس فقط لمجلس النواب ولكن للخيار الديمقراطي والبرلماني نفسه.
النائب المسيس الدكتور ممدوح العبادي اعتبر خلال جلسة حوار ترأسها مساء الاحد حول الانتخابات البلدية وتغطية الصحافة ان ما يجري الآن هو حوارصحي وديمقراطي بين سلطتين لكنه ابلغ ضيوف الحلقة الحوارية من العرب والاجانب بان الصحافيين يهاجمون الآن النواب بقسوة وشراسة ليس فقط من باب التحاور الديمقراطي ولكن لان الغطاء رفع عن النواب ولان المؤسسات الصحافية تعرف بان الهجوم على المجلس لم يعد مكلفا الآن اذا لم يكن مطلوبا .
ورأى العبادي ان تبادل الانتقاد والمراقبة بين الصحافة والبرلمان لا يضر بالمصالح العامة معتبرا ان جزءا من الازمة مفتعل اصلا وان استمرارها لا يضر الوطن بل يوحي بالديمقراطية، لافتا لان الهجوم الصحافي القاسي على النواب له مبرراته ومسوغاته وقد لا يكون من بينها احساس الجسم الصحافي المفاجىء بالجرأة ورفع السقف، مصرا على انه شخصيا يؤيد رفع سقف الحوار في كل الاتجاهات.
ما يؤشر عليه العبادي وغيره في الواقع من النواب هو الاحساس العام بأن سلطة الصحافة وتحديدا مؤسساتها تصطف في مواجهة الخندق النيابي لاسباب لا تتعلق بحريات الاعلام بقدر ما تتعلق بجزئية ضريبة الثقافة التي فجرت السجال اصلا بين الاطارين .
بالمقابل لم يخف النواب الذين صوتوا لضريبة الثقافة الجديدة سرا وهم يقولون بأنهم لا يوجهون سهام النقد القاسية ايضا للصحافة بقدر ما يوجهونها لمن هم وراء التحرش الصحافي سواء داخل مؤسسات القرار او مراكز القوى.
ولان النواب يتصورون بان الهجمة التي تستهدفهم صحافيا مبرمجة ومسيسة ومرتبطة على نحو او آخر باجندة يجري تسويقها الآن في مواقع القرار وتحمل عنوان حل المجلس النيابي واجراء انتخابات مبكرة... لذلك لا يمكن القول وهذا ما يتضح الآن عمليا ان مجلس النواب في مزاج مصالحة مع الجسم الصحافي او مع المؤسسات الصحافية التي استهدفته.
المؤسسات الصحافية بدورها رأت في السياق ان الآلية الديمقراطية المتاحة سمحت لها بالرد ـ دون اعتراض من الدولة او الحكومة ـ على النواب الذين قرروا فرض الضريبة الجديدة بذريعة دعم الثقافة وبنسبة 5% على اعلانات الصحف وهي ممارسة طبيعية في المجتمعات الديمقراطية كان يمكن ان لا تولد اصلا لو ان السلطات الحكومية تدخلت لتخفيف الضغط الصحافي على مجلس النواب او على الاقل يتصور النواب ذلك. في المحصلة لا زالت الاجواء مشحونة والازمة متواصلة والوسطاء يفشلون في الاحتواء والسبب مرة اخرى ليس موجة الجرأة المفاجئة التي اجتاحت مؤسسات صحفية تساهم بها الحكومة وليس بالضرورة تصورات النواب الذهنية التي ترقى احيانا الى مستوى التخيل.
صمت الحكومة وضعف دورها في السياق والالعاب السياسية البدائية التي قام بها وزير الثقافة لعبت دورا في تغذية المشهد لكن مستوى الاستقطاب والاستقطاب المضاد يثبت مرة اخرة ان الاشكال الحالي بين الصحافة والنواب يخفي في اعماقه اشكالا اكثر تعقيدا في البعد الوطني، فالأزمة بالتأكيد اعقد واعمق ولها علاقة بالسؤال الديمقراطي نفسه .. كيف صيغ والى ماذا انتهى؟
المصدر : الحقيقة الدولية – القدس العربي 29.6.2009
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الاسطورة
المفضلات