الأردن... مشروع الأقاليم أصبح يتيما.. الحكومة تسعى لترحيله.. المعارضة تتسع... نخب البرلمان الكبرى تتبرأ والخائفون يترقبون دفنه في الأرشيف

اصبحت الهجمة الداخلية على مشروع الاقاليم الذي امر به القصر الملكي اكثر شراسة خلال الايام القليلة الماضية، الامر الذي يهدد مسار هذا المشروع الحيوي بالنسبة لأجهزة الادارة الاردنية بسبب جدل سياسي الطابع ندد به عدة مرات رئيس الوزراء نادر الذهبي دون فائدة.
وتوسعت مؤخرا قاعدة المعارضة لهذا المشروع لتشمل ما يمكن اعتباره بانقلاب على الفكرة من قبل نخب كلاسيكية في اوساط التيار المحافظ كانت قد ايدت المشروع سابقا لكنها خففت من تأييدها الآن وسط حملة دعائية مضادة ترتكز على مخاوف سياسية من خلفيات المشروع، كما اثرت على نوايا الحكومة نفسها التي يبدو انها لا تحمل درجة الحماس اللازمة لإنجاز المشروع.
وكان القصر الملكي قد شكل لجنة لاقتراح آليات تنشط الادارة المحلية وتعزز التنمية واللامركزية في المحافظات والمناطق في المملكة ووضعت اللجنة التي ترأسها زيد الرفاعي رئيس مجلس الاعيان تصورها لسلسلة افكار في السياق. وسكت الجميع تقريبا عن المشروع طوال السنوات التي كان فيها داخل الادراج ولم يطرح علنا كما حصل ابان حكومة الرئيس معروف البخيت.
لكن اليوم انطلقت شرارة المعارضة الكلاسيكية وفي اكثر من جبهة ومسار بمجرد تشكيل لجنة وزارية في حكومة الذهبي لبحث تنفيذ المشروع الذي يعبر عن رؤيا ملكية كما قال رئيس الوزراء علنا.
لكن تردد الحكومة في التنفيذ ساهم في تصعيد ردود الفعل الاعتراضية التي يبدو انها الآن في طريقها للنجاح في اقصاء المشروع تجاوبا مع نمط تقليدي في الحياة السياسية يحارب اي افكار جديدة على صعيد الادارة ومؤسسة البيروقراطية التي لا تتخذ رموزها الأهم موقفا جديا في تأييد المشروع.
وفكرة الاقاليم قائمة على تقسيم البلاد لاربعة اقاليم تنموية وادارية يؤسس في كل منها برلمان محلي وحكومة مصغرة مركزية بهدف تحقيق اللامركزية في القرار، لكن المخاوف السياسية ذهبت باتجاه الخوف من معادلات غير معلنة قد يصوغها المشروع وتؤثر على مسار الانتخابات والتوازنات الديمغرافية.
ويلاحظ المراقبون ان درجة حماس وزارة الذهبي للمشروع تخف يوما بعد يوم في ظل تصاعد الدعوات المحذرة، فالخبراء لاحظوا مؤخرا بأن حديث الحكومة عن عرض المسألة برمتها على استفتاء شعبي وحوار وطني وعن تأجيل عرض قانون المشروع على البرلمان لدورتين على الاقل يحمل مؤشرات مبعثرة قد تفيد بان الحكومة الحالية لا ترغب في تحمل مسؤولية الجدل عن هذا المشروع وترحب بترحيله الى حكومة اخرى كما لاحظ الصحافي المتابع رداد القلاب.
ويرى سياسيون كبار بأن رئيس الحكومة خرج عن التقليد وهو يربط علنا بين الاقاليم وبين توجيهات القصر الملكي حتى لا يتحمل مسؤولية التنفيذ ومنطلق الفكرة، كما يرى آخرون، بأن مجلس الوزراء لا يحمل الحماس الكافي ولا يجمع على درجة قناعة معقولة بالمشروع الذي يسير الآن ببطء شديد، وبدأ يترنح بفعل مستجدات لا يمكن الاستهانة بها.
ومؤخرا فاجأ احد اهم انصار المشروع وهو رئيس الوزراء الاسبق عبد الرؤوف الروابده الموصوف باعتباره (والد مشروع الاقاليم) بلغة مختلفة عبر تعبيرات صحافية قال فيها بوضوح ان مشروع الاقاليم بوصفاته المطروحة حاليا ليس الابن الشرعي الذي كان مطروحا. الروابده تبرأ من تفاصيل المشروع بصيغتها الحالية وعرض ملاحظاته رغم ان الذهبي قال علنا وعدة مرات بأن التفاصيل لم تظهر بعد ولم تنته.
ومع صمت لاعب مهم هو عبد الهادي المجالي رئيس مجلس النواب ازاء الجدل حول السياق تاهت مجددا (ابوة) المشروع وتخلى عنه رعاة اساسيون فأصبح (يتيما)، كما قال احد الصحافيين بعدما رصد بان الرفاعي الذي صاغ المشروع لا يقول شيئا في الدفاع عنه، فيما ينتظر المجالي ان يسقط المشروع بعدما تخلى الروابده عمليا عنه، فيما لا يعتبره الرئيس الذهبي بكل الاحوال ابنا حقيقيا لحكومته.
وقبل ذلك كان خليط من المعارضة الاسلامية واليسارية يشغل الدنيا بضجيج متواصل يحذر من دواعي المشروع السياسية والتغييرات التي يثيرها في بنية المجتمع والادارة، حيث يعارض التيا ر الاسلامي المشروع ولا يدافع عنه اطلاقا اي من الشخصيات الوسطية الاساسية، وتتنامى المؤشرات بالنتيجة على احتمالات دفن هذا المشروع في ارشيف ومدفن الوثائق الاصلاحية الذي يضم وثيقة الاجندة الوطنية ووثيقة كلنا الاردن ووثيقة الاردن اولا وملف قانون الانتخاب ومدينة الاعلام الحر وتوظيف العقارات.
المصدر : الحقيقة الدولية -القدس اللندنية 20.4.2009
المفضلات