افرجوا عن الدموع
وسط تكهنات تبتعد عن تفسير مقنع لاستهلال المولود حياته بالبكاء بعد خروجه من ظلمة الأحشاء ، تترافق الدموع وبدايات الحياة لتصبح فيما بعد اللغة التي يعبر من خلالها عن حاجاته المختلفة ، اذا مرض او اراد من يحمله ، احس بالجوع او العطش او بلل ثيابه و... رغم ارتباطها بالحزن والالم ورحيل الاحبة والنهايات الموجعة وخيبة الامال والاحلام والخسائر والهزائم ، غير أننا نذرف الدموع اذا غمر الفرح قلوبنا او داهم الحزن حياتنا ، نجحنا او اخفقنا.. شفينا ام مرضنا ، لتكون لتلك القطرات التي تغرق فيها العيون في لحظة انفعال جميل وقع اخر .
هناك من يبرر دموعه التي انسكبت رغما عنه ، يقول البعض :'' لم نستطع حبسها ، الموقف كان مؤثرا جدا، اكبر من احتمالنا ، اجهشنا بالبكاء رغما عن ارادتنا او:'' نكره لحظات الوداع تحفزنا على البكاء ، لانريد لدموعنا أن تظهر امام الغير، لكنها برغم ذلك كثير ما تهطل'' ويضيف اخرون:'' لم نجد سوى الدموع نفضفض بها عن همومنا ، نكاد نختنق بدونها ، فهي من تأخذ بيدنا في دروب الحياة الصعبة''.!
الدموع فرج ولها دورحيوي في التخفيف من التوترالنفسي المسبب للامراض المختلفة ، مثل ارتفاع ضغط الدم والقلب والسكري والاكتئاب والقولون العصبي وغيرها ، ويفسرمسؤول بمركز ابحاث الدمع وجفاف العين بولاية ميناسوتا الامريكية ''د.فري '' بأنها عملية تنظيف شبيهة بالتعرق والتبول تسهم في اعادة التوازن لكيمياء الجسم وتخلصه من السموم ، فهناك 85% من النساء و73% من الرجال شعروا بارتياح شديد بعد البكاء ، وهي نتائج تعززتوصيات المؤتمرالاول لعلم الدموع الذي عقد عام 1985 تحت شعار'' ابك تعش اكثر''والذي اوصى بأهمية تحليل الدموع اسوة بغيرها من التحاليل المخبرية الشائعة كالدم والبول والتي يتم من خلال نتائجها تقييم حالة المريض الصحية.
رحلة المرأة مع الدموع تتجاوزالتعبيرعن مكنونات النفس الى كونها رمزا للانوثة وسلاحا فتاكا تستخدمه للايقاع بالرجل بحسب رأي بعض الادباء والفلاسفة ، ومنهم ''سافييل '' الذي قال :'' نظرات المرأة اقوى قانون ودموعها اصدق برهان ، اما ''الفرد دوفيليه'' فاعتبربأن: المرأة لاتكون قوية الا عندما تتسلح بدموعها ، أما اسكندر دوماس فحذر منها :'' لاتخدعك دموع المرأة فقد تدربت عيناها على البكاء''،فيما تحمل نظرة ''سقراط'' بعض المبالغة في قوله تستطيع الشمس أن تجفف مياه المحيط، ولكنها لن تستطيع ان تجفف دموع المرأة ''.!
بسبب هرمون البرولاكتين والعرف السائد بان الدموع تتنقص من الرجولة ، فإن النساء يبكين أربعة اضعاف الرجال ،ويحكي مبرمج كمبيوتر ''منصور 44عاما '' : اتجنب الدموع امام اي انسان حتى زوجتى، لكن هذا لايعني باي حال من الاحوال بانني لاابكي ،فأنا كثير البكاء لكن بصمت بيني وبين نفسي اذا ما تذكرت امي او زرت قبرها ، حيث أطلق العنان لدموعي . .ويضيف : موظف استقبال '' ايمن 32'': تعودت ان اواجه الامور بصلابة ، والبكاء للنساء فقط، انهن الاضعف ، ولايقدرن على كبت مشاعرن فهن سريعات البكاء ،منذ كنت صغيرا وابي يعاقبني اذا بكيت ، لذا لا اعرف كيف ابكي وربما لو اردت لااجيد ذلك اولااجد الدموع . .وتتابع المعلمة''ناديا 29عاما'': لااحب ان اشاهد اي رجل يبكي ، ، ابي لم يبك امامنا طيلة حياته ، كذلك اخوتي وزوجي ..الرجل اقوى واقدر على منع الدموع من الانهمار اكثر بكثير من المرأة التي لاتستطيع ان تخفي دموعها عن الاخرين . .وتقول ''ريما 25عاما '': الدموع تنفيس عما بداخل الانسان سواء ، فلماذا يحرم الرجل من هذا الحق بلا دوافع منطقية سوى ان هذا عيب مثلا،الكبت يضر بصحة الانسان الى درجة كبيرة.
و عقب دموع لايمكن ان تنسى لمشاهير الكرة مثل ديفيد بكهام ومايكل بالاك امام الملايين في مباريات كأس العالم 2006 خرجت دراسة المانية لمعهد ابحاث الاستهلاك شملت 1969 شخصا بأعمارتبدأ من 14 عاما فما فوق ، أفادت بان البكاء لم يعد محظورا على الرجال ، بل وخلصت الى ان ''الربع'' من جرى عليهم الاختبار لايجدون مشكلة في ذلك ، فيما بلغت النسبة بين السيدات 6,48 %، ، فالجميع شعر بمزيد من الراحة والتحرر من الاعباء بعد ان بكى .سواء امام آخرين او في خلوة ..!
الفوائد النفسية والجسدية التي يجنيها الانسان من البكاء تدعو للافراج عنها بلا مبرر سوى اقوال باهتة بانها دليل ضعف انساني فيما تكون في كثير من الاحيان هي القوة والارادة والتحدي .!.
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دكتور عمار
المفضلات