تجلت روح الأخوة عند أبناء الشعب الأردني في ابهى صورها، تجاه الأهل والأشقاء في غزة، مساندين لهم في محنتهم التي يتعرضون لها منذ ان بدأ الطيران الإسرائيلي بصب حمم غضبه على الأبرياء العزل لا يفرق بين طفل أو امرأة أو شيخ، فالهدف أمام العدو واحد هو قتل الفلسطيني داخل بيته.
وقدم الأردنيون للأشقاء أغلى ما يملكون الدم وعلى رأسهم جلالة الملك عبد الله الثاني الذي رفض العدوان وهب لنجدة الشعب الفلسطيني المنكوب بشتى أنواع الدعم بالمال والدواء والدم والدعاء.
لقد رسم الأردنيون قيادة وشعباً لوحة نادرة من لوحات الإخاء والتعاون والوقوف بصدق تجاه الشعب الفلسطيني الذي ما انفك يرزح تحت نير الاحتلال منذ ما يزيد على الستين عاماً، وها هو اليوم يُمطر باعتى أنواع الأسلحة، ويذبح فيهم الأطفال قبل الكبار، وأما المكلومون فان لسان حالهم يقول..حسبي الله ونعم الوكيل.. ولا حول ولا قوة الا بالله.
الأطفال ساءهم وأحزنهم ما يجري لأقرانهم في غزة من قتل وتجويع وإرهاب، حتى ان انعكاسات الوضع القائم هناك أثرت فيهم لدرجة إنهم باتوا يتابعون احداث العدوان على غزة بشكل ملفت.
الطفل سائد عبد الله قرر ان يتبرع بمصروفه اليومي ربع دينار لصالح إخوانه في غزة، وطالب والده ان يقدم كل ما يملك لأهل غزة وان يدافع عنهم ويوقف العدوان الإسرائيلي عليهم.. كلمات بريئة ولكنها عبرت عن مكنون ما يعتمل في صدور الأطفال الأبرياء.
ما عبر عنه الأردنيون هو ما يعتمل في صدور العرب والمسلمين الرافضين للغطرسة والهيمنة الصهيونية، التي احتلت الأرض وشردت الملايين وما تزال تقتل الأبرياء، في الوقت الذي تصور نفسها أمام العالم بأنها بريئة مما تفعله وان ما تقوم به يندرج تحت باب الدفاع عن إسرائيل وأمنها.
الغزيون يودعون عامهم وهم يغرقون بحمام من الدم، في أجواء مشحونة بالخوف والجوع والحرمان، وهؤلاء يحتاجون الى الوقوف معهم بحزم وقوة لان الجهاد يكون بالمال أولا ثم بالنفس ثانياً، وان الدعم المادي وان كان قليلاً فإنما يسد حاجة محروم أو جريح أو جائع يلتحف السماء في ليالٍ حالكات تتدنى فيها الحرارة الى دون الصفر، وفقاً لما أفضى به الشيخ الداعية سليم الهلالي.
أئمة المساجد أدوا دوراً كبيراً في الدعاء الى الله أمام المصلين ان يخفف عن أهل غزة ويجعل قذائف وقنابل وصواريخ العدو الإسرائيلي .. برداً وسلاماً عليهم، وفي العديد من مساجد المملكة أقيمت صلاة الغائب على أرواح شهداء غزة، كما فتحت أبواب التبرعات من قبل لجان الزكاة التي نشطت منذ بداية العدوان على غزة السبت الماضي.
وقال إمام مسجد ابو نصير الكبير:ان الأهل في غزة هم أحوج ما يكونون الى دعائنا، ان يخفف الله عنهم ويجنبهم ضربات العدو التي لم تفرق بين مدني اعزل أو رجل امن أو شيخ، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم حين يؤم بالصحابة يدعوا على أهل الكفر والمتغطرسين الذين يعيثون بالمسلمين قتلاً وفتكاً.
وبدأت العديد من الجمعيات الخيرية والهيئات الوطنية بحملة تبرع لصالح أبناء غزة، لشراء الغذاء والدواء لهم، في حين تنادى بعض موظفي القطاعين العام والخاص بجمع تواقيع زملائهم للتبرع بيوم عمل للأهل في غزة.
وذكر احمد عبد الرحيم -موظف في إحدى الوزارات- بان التبرع بيوم عمل إنما يساعد الأهل ويحقق منظومة التكافل الاجتماعي بين أبناء المجتمع وإخوانهم الفلسطينيين، فهؤلاء يحتاجون منا الدعم والمساندة والمؤازرة ليس فقط بالشعارات ولكن بالفعل، أي بشراء المستلزمات الطبية وإرسالها لهم من خلال الهيئة الخيرية الهاشمية.
أما المربية بثينة ابو الرب فإنها عكست شعورها ووقوفها الى جانب الشعب الفلسطيني، وخصوصاً الأشقاء في غزة بالفعل، إذ أنها تبرعت ببعض مصاغها الى الأشقاء، وطالبت الأمهات وبنات جنسها ان يحذين حذوها خصوصاً في ظل المشاهد البشعة التي تنقلها الفضائيات عن المشهد في غزة.
وقالت:إنني كمربية سأقوم بحملة تبرعات في مدرستي أولا ثم المحيط الذي اسكن فيه، وان هذا العمل الخير تلقى تشجيعاً عليه من زوجها وأبنائها، الذين آلمهم منظر الطفلات الخمس اللواتي استشهدن تحت ركام منزلهن بعد تعرضه للقصف الإسرائيلي الهمجي.
ويؤكد مازن عبد الرحمن سليم ان الغطرسة الإسرائيلية إنما تولد مزيداً من الغضب والعنف تجاه اليهود، لان العمل العسكري ضد العزل وبهذه البربرية، لا يؤدي الى تعايش بسلام وامن مع العدو الإسرائيلي الذي احتل الأرض ويملي بشروطه للعيش بسلام مع أصحابها الأصليين.
ويرى سليم بان من واجب الأشقاء علينا مساندتهم ودعمه بالمال والدم، مشيداً بمواقف جلالة الملك عبد الله الثاني تجاه الأشقاء، وخصوصاً تبرعه السخي بدمه، ليعبر بصراحة عن دعمه الموصول تجاه الفلسطينيين بالدم والمهج والأرواح.
ويدعو محسن العابد الدعجة، الأردنيين ان يلغوا احتفالاتهم بليلة راس السنة الميلادية، وان يتبرعوا بالأموال التي رصدوها لهذه الغاية لصالح الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، لان الواجب والضمير العربي والإنساني، يملي عليهم ذلك.
وأشار الى ان كثيرا من المواطنين قرروا عدم الاحتفال بليلة راس السنة الهجرية، تعاطفاً مع أهل غزة وحزناً على شهدائها، وهؤلاء قدموا تبرعات مجزية لصالح الأهل في غزة.
ويؤكد الدكتور فايز المجالي من جامعة مؤتة ان مواقف جلالة الملك تجاه أهل فلسطين ليست حديثة العهد وإنما جاءت امتدادا للدعم الهاشمي للإخوة في فلسطين من عهد الملك المؤسس طيب الله ثراه مروراً بجلالة المغفور لهم طلال بن عبدالله والحسين بن طلال وصولاً لعهد الملك عبدالله الثاني بن الحسين.
وأشار المجالي الى ان الأردنيين عبروا عن مواقفهم تجاه إخوانهم سواء كان باستنكار وشجب الجريمة النكراء التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي، أم عن طريق الدعم المالي بالأغذية والأدوية والدماء.
وقالت خريجة الأعلام سميرة رضوان ان الأوضاع في غزة مأساوية للغاية، وان إسرائيل بعدوانها على غزة لن تنهي وجود حماس، وبالتالي فان التوتر والعنف سيظل مستمراً.
وأكدت رضوان ان وقوف الاردن تجاه الفلسطينيين، ليس بالأمر بالجديد وإنما له تاريخ طويل، كما ان العلاقة الأردنية الفلسطينية لها خصوصية، إذ انه يعيش في الاردن ما يزيد على مليوني أردني من أصول فلسطينية.
وأشارت الى ان جلالة الملك عبد الله الثاني جسد الدعم الأردني للأشقاء بتبرعه السخي بدمه، وهذا ان دل على شيء إنما يدل على حرص جلالته على مساعدة الأشقاء ودعمهم دعماً مادياً ومعنوياً فضلاً عن تحركاته واتصالاته الدبلوماسية لوقف العدوان.
رد مع اقتباس
المفضلات