مفلح العدوان - مثل كَشفٍ جميل، كانت حكاية الذين أحصنوا حلمهم، وأحسنوا خيارهم، فجاء ثلاثتهم إلى واد غير ذي اسمنت، وأرض لم تلوثها آفة الإسفلت، ثم بدأوا حوارهم مع الريح، والسماء، وألوان الطائرة، وحبال لا يرقصون عليها، بل يوجهون بها مسار صعود رؤاهم للأعالي، وهم يرتلون: أول الطيران أمنية، وتوق، ودهشة القراءة الأولى في أبجدية السنابل.. اعلم بلاغة الدرس هذا، يا من بلغت أرذل العمر، وأنت عن حلمك غافل!!
***
بعيدا عن تلك البيوت..
بعيدا عن أسئلة العامة، ودسائس الخاصة..
بعيدا عن حسابات السماسرة، وزُمَر التجار، ويأس الكهول، ورعونة الشباب.. بعيدا عن كل هؤلاء خرج الثلاثة كأنهم مرهونون للحظة الوادعة، كي تكون هذه اللقطة الرائعة.. بأيديهم يصنعون حلمهم، يَرتحلون معه، يتبعونه، ويفرحون حين تحلّق طائرتهم الورقية، بعد أن تهاوت طائرات وهم الواقع التي قوامها حبال الكذب، وحبر الورق، وقَصَب الضحك على الذقون!!
***
هكذا دون أي رياء: طائرة ورقية، وثلاثة أطفال، ومدينة بعيدة، بعيدة، رغم التصاقها، وقربها.. مدينة، بعيدة، بعيدة، لم تناجي نبض العازفين وتريات الريح، ولم تتهجَ حلم العارفين لغة السنابل.. اعلم يا عديم القلب، دلالة الحال هذا، بعد أن تبعثر عمرك، وأنت عن حلمك غافل!
المفضلات