
تنطوي مكة المكرمة على خصائص لا مثيل لها دينياً وتاريخيا وثقافياً.. ما يُكسبها أهمية عظمى في حياة البشرية.. وهذا ما دفع المتحف البريطاني في لندن.. لإقامة أول معرضٍ من نوعه باسم "رحلة إلى قلب العالم الإسلامي" لاكتشاف عوالم مكة.. فيما مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تمثل المملكة في هذا المعرض.. ويتناول التقرير الحادي عشر من سلسلة "مكة.. المكان والأزمنة"، التي تبثها قناة "العربية" المشاعر المقدسة.
في مكة تفيض القداسة، وتلقي بظلالها الروحية على كل شيء. كيف لا، والحجاج منذ أن تطأ أقدامهم المكان بغية الحج أو العمرة، يبدأون رحلة أخرى دليلها وحاديها الأرواح الظامئة الباحثة عن طمأنينة واغتسال يضيئها مجدداً.
من مكة المكرمة يبدأون، بطواف القدوم، هنا تعانق أرواحهم، ربما للمرة الأولى، الكعبة بكل جلالها وبهائها. هنا يتلمسون بأفئدتهم قبل أناملهم، الحجر الأسود ومقام إبراهيم. ويرتوون من زمزم ومن المكان نفسه.
وها هم يسعون بين الصفا والمروة. التحام بشري يذيب الأعراق والألوان والطبقات لتتوحد القلوب في نداءاتها العميقة متوجهة إلى المعبود.
المشاقُ في مكة تصبح ميسورة يجللها الرضا النفسي العميق لأن كل مشقة إنما هي في مرضاة الله. هنا يقفون في عرفة، ثم يبيتون في مزدلفة قبل توجههم إلى منى.
ها هم يرمون الجمرات، وها هي قوافلهم تتجه ثانية صوب الحرم المكي لأداء طواف الوداع. لكن، من يمكنه القدوم إلى هنا دون أن تشرئب روحه إلى يثرب.
في مكة المكرمة ترق الأرواح وتشفّ وتكاد تطير إلى المسجد النبوي، والذاكرة تسترجع تاريخاً طويلاً من المجاهدات الكبرى والصبر والمحبة والتسامح. تاريخٌ من القيم الرفيعة والأخلاق التي تسبغ على الناس إلى يومنا هذا مآثرها الكبرى.
مكة.. بوصلة الثقافة الروحية والأخلاقية
تعتبر مكة البوصلة للثقافة الروحية والأخلاقية، وجزءاً جوهرياً في الحضارة والإسهام الإنساني على مر العصور.
نشأت مكة مدينة فريدة في كل شيء.. فهي بيت المسلمين من كل مكان.. وهؤلاء أتوها بثقافاتهم وخلفياتهم المتنوعة.. فأغنوا مع أهلها هذه المدينة لتضحي جوهرة العالم الإسلامي.
كل لبنة من لبنات الطراز المعماري حكاية لهوية شديدة الخصوصية.. تشكلت على مدى قرون من جماع الفنون والعمارة الإسلامية لتصب في قالب العمارة المكية.
وإلى جانب العمارة، الطرقات القديمة، والشبابيك، إضافة إلى الأزياء والأسواق والأحياء والبيوت القديمة المثقلة بالتاريخ والأطعمة الشعبية والمطاعم، علاوة على الطرقات التاريخية والمساجد والمآذن.
كل ذلك يشكل ذاكرة مكان عظيم القداسة، نقشه البشر حوله، نوراً في صدروهم، واحتفوا به أيما احتفاء، وزادوا من بهائه وحسنه بتفانيهم في خدمته ورفده بأثمن ما يملكون.
هذه هي مكة.. التاريخ والثقافة الضاربة في القدم، وهذه هي الجبال تحيطها، كأنها محارات عملاقة تضم أبهى وأغلى لؤلؤة إسلامية.
مكة..المكان والأزمنة".. "منى.. مزدلفة"

تنطوي مكة على خصائص لا مثيل لها دينياً وتاريخيا وثقافياً.. وهذا ما دفع المتحف البريطاني في لندن لإقامة أول معرضٍ من نوعه باسم "رحلة إلى قلب العالم الإسلامي" لاكتشاف عوالم مكة.
ومثلت الممكلة العربية السعودية في المعرض مكتبة الملك عبدالعزيز العامة.
مزدلفة
مزدلفة ثالث المشاعر المقدسة التي ينزلها الحجاج، ويفيضون إليها من عرفة ليلة العاشر من ذي الحجة، ويصلون فيها المغرب والعشاء قصراً وجمعاً، ومنها يأخذون الجمار التي يرجمون بها طيلة أيام منى.
وتعود تسمية مزدلفة إلى معانٍ عدة، منها نزول الناس في زلف الليل، ويُقال أيضا لأن الناس يزدلفون فيها إلى الحرم.
تقع مزدلفة في منتصف الطريق بين منى وعرفات، بين مأزمي عرفة، وهما جبلان متقابلان بينهمـا طريق.. وتُعد امتداداً لوادي منى، وليست ثمة مبان سوى مسجد منشأ فوق المشعر الحرام، ويُدعى مسجد مزدلفة. وتُستحب فيه الصلاة والدعاء والاستغفار..
"منى"
"منى" هي المشعر الثالث إلى جانب عرفات ومزدلفة، فهي وادٍ تحيط به التلال، على بعد نحو خمسة كيلومترات شرق مكة المكرمة، ويقضي الحجاج فيه جل نهارهم ويبيتون ليلتهم.
ويقضي الحجاج في منى وقتاً طويلاً، ففيها ينزلون يوم التروية، وهو الثامن من ذي الحجة، ويصلون فيها الصلوات من الظهر إلى الفجر، ثم يتوجهون إلى عرفات، ثم مزدلفة، وفي فجر العاشر من ذي الحجة يعود الحجاج إلى مِنى لرمي الجمرة الكبرى، جمرة العقبة، ليقيموا فيها ثلاثة أيام تسمى أيام التشريق لرمي الجمرات الثلاث جمرة العقبة والجمرة الوسطى والجمرة الصغرى..
المفضلات