إن الجريمة بمفهومها العام -استناداً لنظريات علم الجريمة المثبتة علمياً- هي عبارة عن إحدى مخرجات الحراك الاجتماعي الناتجة عن السعي الدائم لأفراد المجتمع لامتلاك الحاجات المختلفة بقصد سد احتياجاتهم وإشباع غرائزهم الانسانية المتنوعة، ونزاعهم الذي لا يتوقف لامتلاك تلك الحاجات الأمر الذي يُظهر هذا التنافس والنزاع بشكل وقالب الجريمة، هذه الظاهرة الاجتماعية التي تتجدد وتتطور تبعاً لتطور وتجدد حاجات الأفراد، وتتجدد أدوات الجريمة وتتنوع أساليبها مع تقدم الوقت، وهي تمثل طرفي النزاع بين الخير والشر؛ فرجل الأمن لا ينفك السعي الحثيث لكبح الجريمة وضبط فاعلها، وفي المقابل يسعى المجرم جاداً إلى تقليل فرص رجل الشرطة في القبض عليه والإفلات من قبضة العدالة، وقد لعبت وسائل الاتصال المتنوعة دوراً فاعلاً في نقل الجريمة بين المجتمعات وجعلت من انتشارها أمراً في غاية السهولة.
وقد كانت جريمة الاحتيال -كما غيرها من الجرائم- قد طالها الحداثة والتنوع وهي من الجرائم الواقعة على الأموال، وتقع بفعل عوامل متعددة أبرزها؛ أفعال المجني عليه نتيجة إما طمعه وجشعه في حب المال، وإما سذاجته وقلة تجربته الحياتية؛ أمام الجاني الذي يسخر ذكاؤه بمكر ودهاء في حمل المجني عليه وجعله يقوم بتسليمه ماله وبالتالي الاحتيال عليه، وقد ساهم في انتشار هذه الأساليب الجرمية تغيّر الكثير من القيم الاخلاقية التي أدت إلى ضعف الضوابط الاجتماعيه وغياب الرادع الشخصي واستمراء الممنوع أمام سحر المادة وقلة الردع في العقوبة، وكذلك عوامل أخرى غير المذكوره آنفاً نحجم عن الإفصاح عنها في هذا المقال لأن قلة ذكرها أنفع؟.
وقد كان للتجدد والتنوع في جرائم الاحتيال أن أُفرز أساليباً جديده وطرقاً حديثة في آخرها وأكثرها معاصره هو؛ الاحتيال باستخدام الدولار، رغم الكثير من التوعية العامة في مختلف وسائل الإعلام التي نبهت من مخاطر هذا الأسلوب وما ينتجه من ضرر مادي كبير، وإفلاس المجني عليه نتيجة الطمع والجشع واللهاث وراء سراب جني المال بصورة سريعة.
ما هو الاحتيال بالدولار
هو قيام شخص أو مجموعة من الأشخاص بالادعاء؛ أن في حوزتهم كمية من الدولارات ذات الأرقام المتسلسلة تقدر بالملايين أُحضرت من إحدى دول الجوار وأنهم لا يستطيعوا تصريفها في السوق المحلي الأردني لأسباب منها: أنها أموال معمم عليها وأنها تحمل أرقاما تسلسلية وهي مطلوبة وأنها معمم عليها محلياً ولا يستطيعون تصريفها لدى السوق المحلي وأنها تحمل علامات فارقة تميزها وبالتالي فإن من الممكن ضبطها ومصادرتها.
وعليه فإنهم يبحثون عن مشترٍ ليقوم بشحنها خارج الأردن وتصريفها بمعرفته الخاصة، وأن هذه الأموال معروضة للبيع بسعر مغري (30-40) قرشا للدولار، علماً بأن القيمة الحقيقية لصرف الدولار تتراوح بين (70-72) قرشا للدولار الواحد.
كيف يقوم الجناة باصطياد الضحايا.
يقوم الجناة باصطياد ضحاياهم من خلال نشر معلومات حول ما يحوزون وبصورة مستورة على حيازتهم لهذه الكميات، ويقوموا برمي شباكهم لاصطياد الضحايا من خلال وسطاء يعملوا لديهم؛ إما عن قصد وهؤلاء الوسطاء يعملون لقاء بدل مادي مقداره من (15%-20%) من قيمة المبلغ المتحصل من الضحيه عند إتمام العملية، أو أن هؤلاء الوسطاء لا يعلمون بكنه العملية وإنما تنطلي عليهم الحيلة كذلك ومقتنعون بأن المبالغ المعروضة صحيحة وبالتالي فإنهم يبحثون عن مشترين وانه سيطالهم جزء وفير من الأرباح عند البيع، على أن معظم عمليات البيع التي يقوم الجناة بعرضها في بادئ الأمر تكون شراء ذهب أو شراء أغنام ثم ما يلبث الجاني أن يقوم بتحويل موضوعها إلى التجارة بالدولار.
كيف تتم عملية الاحتيال
بعد أن يصل الخبر إلى علم الضحية يقوم بدوره بالاتصال بحائز المال (الجاني) وترتيب موعد معه وفي غالب الأحيان يكون الضحايا أشخاص من خارج الأردن حيث يقومون بإبلاغ الجاني عن توقيت وصولهم ويقوم هو بدروه بإرسال من يصطحبهم إلى بيته بسيارات فارهه، ثم يقوم باستقبالهم إما وحده أو بصحبة أشخاص آخرين ثم يقوم بعرض عليهم عينه للمبلغ المزعوم تقدر ما بين (10-20) ألف دولار وهي أوراق نقديه صحيحة قد احضرها من بنك أو محل صرافة معتمد وتحمل في غالب الأحيان أرقاما متسلسلة، ثم يقوم الجاني بإعطاء المجني عليه مبلغا يقدر ما بين (3-4) ورقات من فئة المائة دولار، أو الطلب منه اختيارها بنفسه والتوجه بها إلى بنك أو محل صرافه بمعرفته لغاية فحصها والتأكد منها وبعد ذلك يعود الضحية إلى الجاني، وهنا تبدأ عملية المفاوضات حيث يطلب الجاني أعلى مبلغ شراء ممكن الحصول عليه من الضحية، وعند إحضار مبلغ الشراء يطلب الجاني تسلّمها في بيته خوفاً من ضبطها من الشرطة حسب زعمه ثم يبادر إلى ما يلي:أخذ المبلغ والطلب من الشاري ومغادرة منزله تحت تهديد القوة والسلاح وأخذ المبلغ والادعاء بأنه سيقوم بإحضار الدولارات المتفق عليها من الغرفة المجاورة، بحيث يخرج من المنزل ويقوم بالاتصال بالشاري والتذرع بأن هناك ما يبطئ عملية التسليم ويؤخرها، والطلب منه مغادرة المنزل لحين إحضار الكمية وأخذ المبلغ والخروج من الغرفة لغايات إحضار المبلغ المتفق عليه والطلب من إحدى السيدات وفي الغالب زوجة الجاني بأن تطلب من الشاري مغادرة المنزل وإلا الشكوى عليه والادعاء لدى الشرطة بأنه تحرش بها ويقوم الجاني أو الجناة باستقبال المجني عليه في بيوت إما مملوكة لهم أو مستأجرة وتكون هذه البيوت فخمه جداً ومؤثثة بأغلى الأثاث والتجهيزات التي توحي للمجني عليه بأنه أمام شخص ثري وحائز للمال الأمر الذي يقوده إلى تسليم أمواله.
أدوات الاحتيال
يستخدم الجاني بعض الأساليب والوسائل التي تمكنه من إقناع الضحية بصدق ما يدعي وبالتالي حمله على تسليم أمواله بقصد الشراء وتوليد القناعة في نفسه بأن عملية البيع صحيحة وهذه الأدوات:استخدام السيارات الحديثة جداً والفارهة خصوصاً التي تقوم بنقل الضحايا القادمين من خارج المملكة واستخدام الأشخاص المساعدين بكثرة مثل السواقون والخدم وارتداء الملابس الأنيقه غالية الثمن وفي معظم الأحيان اللباس العربي وتقديم القراء والضيافة بشكل تبذيري ملفت للانتباه للتعبير عن ثرائه .
صعوبات التقاضي في هذه الحالات
ما أن يكتشف المجني عليه أنه وقع عملية احتيال حتى تبدأ فصول مأساته ومعاناته وإلى أن يسترد ماله المسلوب - وهذا صعب- أو جزء يسير منه؛ تعترضه جملة من الصعوبات نسوق أبرزها على سبيل المثال لا الحصر وهي كما يلي:عدم معرفة الاسم الحقيقي للجاني سيما وأن المحتالون يتعارفوا بالكنى (أبو خالد، أبو عبدالرحمن، أبو....الخ من الالقاب) واعتقاد المجني عليه خصوصاً إذا كان غير أردني بأنه لا يستطيع مقاضاة الجاني لأن ما طلب شرائه هو ممنوع ومخالف للقانون حسب ما أُملي عليه من الجاني أو معاونوه بحيث يغادر البلاد ويترك حقه ولا يشتكي والتهديد الذي يتلقاه المجني عليه من الجاني ومعاونوه وتحول القضيه من السرقه بأسلوب السلب إلى قضية حقوقية خصوصاً عندما يقوم الجاني بإرجاع جزء من المبلغ للمجني عليه وعمل التسويه فيما بينهما ويرضى الضحيه بالنزر اليسير من ماله المسلوب لأن الجزء أفضل من لا شيء؟ والعقود الوهمية التي يقوم بتوقيعها المجني عليه للجاني على أن العملية كانت ثمن لشراء ذهب أو أغنام بحيث يقوم الجاني بإبرازها لدى القضاء حين ضبطه وشهادات الشهود المعاونين للمحتال ضد الضحية في القضاء التي تضيّع حقه.
نصائح
ليس عيبا على الإنسان أن يسعى إلى تحسين وضعه المادي وان يسعى إلى امتلاك المال ولكن عليه أن يكون منطقياً في طلبه وان يتحرى الحلال ففي بادئ الأمر وعند عرض المال على الشاري للشراء فإن الضحيه يعرف بأن هذه الدولارات وضعها ليس قانونياً والمحتال يكون قد أوضح ذلك وابلغه للمجني عليه وأن السلطات تبحث عنها وهي موضوع مطالبه فكيف به هو أي المشتري المجني عليه كيف تسوّل له نفسه شراء ما هو غير قانوني فليتق الله في نفسه أولاً.
وعليه فإن مديرية الأمن العام إدارة البحث الجنائي تدعو جميع المواطنين إلى أن يتسلحوا بالعلم والمعرفة والثقافة الأمنية وأن يأخذوا أقصى درجات الحذر والانتباه من المحتالين والتصدي لهم عن طريق: الابتعاد عن الطمع والجشع ووسائل الكسب السريع والتأكد من هوية الأشخاص عن طريق الأوراق الثبوتية في جميع المعاملات وعدم اللجوء إلى البيع والشراء إلا عن طريق الوسائل الشرعية والرسمية والابتعاد عن وسائل الكسب غير المشروع الذي يرتب عدم قدرة الضحية على مقاضاة المحتال والانتباه.! الانتباه.! فلا وجود إطلاقاً لما يسمى بـ(دولار بأقل من سعر السوق) أو(دولارات محروقة) ولا تهتم بتسلسل أرقام النقد طالما أن أوراقه صحيحة وإن القنوات الصحيحة في شراء الأموال هي من خلال البنوك ومحال الصرافة المعتمدة وليس عن طريق الأشخاص الفرديين ولا تدع فضولك يقودك إلى حتى ولو مجرد المعرفة بالبيع والشراء عن طريق هؤلاء الأشخاص لان مجرد الاستماع لهؤلاء الأشخاص هو وقوع في الفخ وإبلاغ اقرب مركز شرطة حال التعرض لأية عملية احتيال وعدم التحرج أو الخجل أو التباطؤ في تقديم الشكوى وعلى البنوك ومحال الصرافة التوقف ولو قليلاً عند من يطلب نقدا بأرقام تسلسلية لأنه؛ (ما يضيرك بالرقم المتسلسل للنقد طالما أن أوراقه صحيحة).
أرقام وهواتف إدارة البحث الجنائي.
هواتف إدارة البحث الجنائي /عمان 4602435 أو 4602420 .
أو من خلال مديرية الأمن العام على الرقم (911) .
أو من خلال أو عمليات مديرية شرطة وسط عمان (192) .
التاريخ : 10-09-2011
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الاسطورة
المفضلات