بسم الله والحمد لله والصلاة على رسول الله وبعد :
اعلموا أن النصح للمسلمين وللخلائق أجمعين من سنن المرسلين . قال الله تعالى إخباراً عن نوح عليه السلام : { ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم } . وقال شعيب عليه السلام : { ونصحت لكم فكيف آسي على قوم كافرين } . وقال صالح عليه السلام : { ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين } . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن العبد إذا نصح لسيده وأحسن عبادة ربه كان له أجره مرتين " صحيح ـ السلسلة الصحيحة . وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الدين النصيحة ! الدين النصيحة ! الدين النصيحة ! قيل : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين ولعامتهم " رواه مسلم . فالنصح في الجملة فعل الشيء الذي به الصلاح والأمانة، مأخوذ من النصاحة وهي السلوك التي يخاط بها وتصغيرها نصيحة، تقول العرب : هذا قميص منصوح أي مخيط . ونصحته نصحاً إذا خطته .
ويختلف النصح في الأشياء لاختلاف الأشياء .
فالنصح لله : هو وصفه بما هو أهله ، وتنزيهه عما ليس بأهل له عقداً وقولاً ، والقيام بتعظيمه والخضوع له ظاهراً وباطناً ، والرغبة في محابه والتباعد عن مساخطه ، وموالاة من أطاعه ومعاداة من عصاه ، والجهاد في رد العصاة إلى طاعته قولاً وفعلاً ، وإرادة بث جميع ما ذكرناه في عباده .
والنصيحة لكتابه : إقامته في التلاوة وتحسينه عند القراءة ، وتفهم ما فيه واستعماله والذب عنه من تأويل المحرفين وطعن الطاعنين ، وتعليم ما فيه للخلائق أجمعين ؛ قال الله تعالى : { كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب } .
والنصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم : مؤازرته ونصرته ، والحماية من دونه حياً وميتاً ، وإحياء سنته بالطلب وإحياء طريقته ببث الدعوى ، وتأليف الكلمة والتخلق يالأخلاق الطاهرة .
والنصيحة للأئمة : معاونتهم على ما تكلفوا القيام به في تنبيههم عند الغفلة وإرشادهم عند الهفوة ، وتحذيرهم ممن يريد السوء بهم ، وإعلامهم بأخلاق عمالهم وسيرتهم في الرعية ، وسد خلتهم عند الحاجة ونصرتهم في جمع الكلمة عليهم ، ورد القلوب النافرة إليهم .
والنصح لجماعة المسلمين : الشفقة عليهم وتوقير كبيرهم والرحمة لصغيرهم ، وتفريج كربهم ودعوتهم إلى ما يسعدهم ، وتوقي ما يشغل خواطرهم ويفتح باب الوسواس عليهم . ومن النصيحة للمسلمين : رفع مؤنة نفسه وبدنه وحوائجه عنهم .
من كتاب سراج الملوك ج1 ص64
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين
المفضلات