حزب جبهة العمل الإسلامي .. يخوض حربا ضد الرأي الآخر
الحقيقة الدولية – خاص – مروان شحادة
حزب يخوض حربا ضد الرأي الآخر، منسلخا من مفهوم حرية الرأي التعبير، الذي طالما دعا إليه بحجة أنه عنوان الديمقراطية، ليعلن رفضه بشكل قاطع لكل من يخالفه الرأي، بل يذهب إلى الكيل بمكيالين، فتجده يوسع من يعارضه ضربا بالاتهامات، مستعينا بوسيلة إعلامية يقوم عملها على "الانحياز" لما فيه خراب الدنيا وتدميرها.
نتعجب بشدة حينما تصدر الدعوات للحد من الحريات الإعلامية والصحفية، وحق الأفراد في حرية الرأي والتعبير، عن حزب سياسي يعتبر نفسه معارضاً ومدافعاً عن منظومة المطالبات العادلة للشعب – على حد شعاراته المباشرة وغير المباشرة-، رغم أنه أكبر الأحزاب السياسية العاملة في الأردن وأسرف من عمره الكثير وينادي بالعدل والمساواة وضرورة منح المواطن الأردني حقه في التجمهر والانتخاب وفق قانون يساوي بين الجميع.
وغالبا ما تنشغل تلك الأحزاب بالجانب السياسي، وبما ينعكس على مصلحة الحزب وأعضائه وقياداته بالدرجة الأولى، بغض النظر عن تعارضها مع المصلحة العامة، مصلحة الفرد والمجتمع والدولة.
وفي هذا الصدد، انشغل هذا الحزب في مهاجمة المؤسسات الإعلامية الوطنية بالتصريح مرة وبالتلميح مراراً، بدلاً من أن ينشغل الحزب في تبني القضايا الإنسانية العامة، وتنعكس إيجاباً على معيشتهم الاقتصادية، بل أنه ذهب إلى مهاجمة هذه المؤسسات من خلال بيان وزعها عليها، لنشرها، بل سمح لنفسه لأن يكون بوق في فم قناة الجزيرة القطرية، غير المعنية الا بكل ما فيه خراب ودمار.
عندما نرفض الرأي الآخر، فهذا يعني أن حجة الرافض هي ضعيفة تنطلق من مصالح شخصية آنية، وهي من تسعى إلى زرع الفتنة بين أبناء الوطن.
العلم والعرف يقول، "لك الحق في التعبير، وعليك أن لا تحرمني من هذا الحق، حتى وإن كان موقفي يتناقض مع ما جئت به من أفكار".
ففي تحليل مضمون البيان الذي صدر عن حزب جبهة العمل الإسلامي والذي عنونه بـ" بشأن التحريض والتعبئة والتحشيد ضد قوى الإصلاح في الوطن"، نلحظ بأن الحزب حصر مسألة الإصلاح فيما أسماه بـ" قوى الإصلاح"، ويقصد بذلك نفسه، وكأن الإصلاح يرتبط فقط في جهة حزبية أو شعبية أو حكومية، وليس مسؤولية جماعية يشترك ويتداخل فيها الرسمي والشعبي، على مستوى الأفراد ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب والحكومة بمؤسساتها المختلفة ذات العلاقة.
ونعت البيان الصادر عن حزب جبهة العمل الإسلامي وتسلمت " الحقيقة الدولية" نسخة منه بعض الجهات الإعلامية بـ " المشبوهة"، وكأن كل الجهات التي تحمل منهجاً أو فكراً مخالفاً للحزب، مشبوهاً أو خائناً أو عميلاً، وهذا يؤكد منهجية الحزب في إقصاء وتهميش وقمع الآخر الذي يمارسه الحزب، الذي يعتبر الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، كبرى الجماعات الإسلامية المعاصرة.
وسواء رضي الحزب أم أبى فإن تشكل الأحلاف والجماعات بأطياف وتوجهات مختلفة ربما يصب بعضها في مصلحة جانب على حساب جانب آخر.
كما كال البيان جملة من الاتهامات – لمخالفيه – مثل إثارة النعرات وتفتيت المجتمع، وتمزيق الوطن إلى موالاة ومعارضة، ناهيك عن الوقوف في وجه الجهود التي يبذلها الحزب وحده في وجه عمليات الإصلاح المطلوب، وهنا يتبادر إلى ذهننا السؤال التالي: ما هو الإصلاح الذي ينشده الحزب، هل يصب هذا الإصلاح في المصلحة العامة أم الخاصة للحزب والجماعة؟
ويتعامل الحزب مع المخالف وفق منهجية، تعتمد على الإقصاء والتهميش وكيل الاتهام، على الرغم من أنه يستند إلى المرجعية الإسلامية التي تحث على مكارم الأخلاق، لقوله صلى الله عليه وسلم: " بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، والاختلاف في وجهات النظر يعتبر من الظواهر الصحية، فقد اختلف فقهاء الأمة وبرزت مدارس تعمل وفق منهج عام، هو منهج أهل السنة والجماعة.
حيث عبر البيان عن ذلك جلياً، بقوله "ومن اجل ذلك يستوردون ثقافة البلطجة السياسية والإعلامية، ويمارسون كل أنواع الإرهاب الفكري والإعلامي والمجتمعي".
ويحمل البيان الحكومة المسؤولية في عدم وقف بعض وسائل الإعلام التي تتعارض رؤيتها ومواقفها مع رؤيته ومواقفه، حيث جاء في البيان: " إننا نحمل الحكومة مسؤولية كل ما جرى ويجري من أعمال التجاوز والبلطجة والاعتداء على الشخصيات الوطنية وهي القادرة بحكم ولايتها على إيقاف هذه المهزلة وبغير ذلك فان الحكومة تكون شريكا في كل ما جرى ويجري وعليها أن تقوم بواجبها في حماية الوطن والمجتمع وردع العابثين بأمن الدولة والمجتمع".
فيما وجه الحزب تحذيراً آخرا للحكومة، والذي يحمل في طياته تهديداً مبطناً من التخوف في الوصول بالوطن إلى حالة من الانفلات الأمني، وذلك بحسب ما ورد في البيان: " إننا نحذر من استمرار هذه الظواهر التي من شأنها إذا استمرت دون رادع أن تزرع الفتنة وتؤسس لانفلات امني ومجتمعي وان تفجر الوحدة الوطنية وتضرب أساس الأمن والسلم الأهلي".
وعلى الرغم من تضارب تصريحات قيادة الحزب حول موقفه من الحكومة الحالية، من خلال أعطائها الفرصة الكافية لإجراء الإصلاحات، إلا أن الحزب يواصل مطالبته الحكومة بالرحيل وتقديم الاستقالة، ويقدم نفسه بديلاً عن الحكومة لإجراء تلك الإصلاحات المنشودة.
على ما يبدو فإن حالة الترهل والجمود التي تمر بها الجماعة، ناهيك عن العجز في إيجاد الحلول للأزمات والمشكلات المستعصية التي تواجهها الأمة الإسلامية، ولعب دور فاعل في نهضة الأمة دون تجييره لصالح الحزب أو الجماعة، وضع الجماعة في موقف حرج، جعلها تتخبط في مواقفها، ما أثر على سلوكها بحيث طغت العدوانية في تعاملها مع المخالفين.
للإطلاع على نص البيان:
بيان صادر عن حزب جبهة العمل الإسلامي
بشأن التحريض والتعبئة والتحشيد ضد قوى الإصلاح في الوطن
باهتمام بالغ تابع حزبنا حركة التحريض والتعبئة والتحشيد التي تمارسها بعض الجهات المشبوهة من إثارة للنعرات وشحن للنفوس وتفتيت للمجتمع وتمزيق للوطن واستخدام بعض وسائل الإعلام وتحت عناوين المزايدة وتقسيم المواطنين إلى موالاة ومعارضة .
إننا في حزب جبهة العمل الإسلامي ندرك أن قوى الفتنة المتضررة من الإصلاح تستنفر طاقتها وكل إمكاناتها لافتعال معارك جانبية وإشغال الرأي العام بصنع أزمات اجتماعية وسياسية على حساب الوطن ومصالحه الحقيقية وللتهرب من استحقاق الإصلاح المطلوب، والذي لم يعد يحتمل التأخير أو المماطلة، وتسعى في كل الاتجاهات كما كانت في كل المراحل السابقة لفرض مناخ التوتر والشد المجتمعي، لضرب المواطنين بعضهم ببعض وتجعل من الوطن وقودا لمعاركهم للمحافظة على مواقعهم ومكاسبهم ومن اجل ذلك يستوردون ثقافة البلطجة السياسية والإعلامية، ويمارسون كل أنواع الإرهاب الفكري والإعلامي والمجتمعي.
إنهم يحرقون الوطن بعقلية متأزمة وأدوات متخلفة ويشيعون الحقد والكراهية ويراهنون على ضعف المجتمع الذي كانوا السبب في إرهاقه وإنهاكه عبر سنوات طويلة من التفرد والإقصاء واحتكار السلطة والنفوذ .
إننا نحذر من استمرار هذه الظواهر التي من شأنها إذا استمرت دون رادع أن تزرع الفتنة وتؤسس لانفلات امني ومجتمعي وان تفجر الوحدة الوطنية وتضرب أساس الأمن والسلم الأهلي.
إننا نحمل الحكومة مسؤولية كل ما جرى ويجري من أعمال التجاوز والبلطجة والاعتداء على الشخصيات الوطنية وهي القادرة بحكم ولايتها على إيقاف هذه المهزلة وبغير ذلك فان الحكومة تكون شريكا في كل ما جرى ويجري وعليها أن تقوم بواجبها في حماية الوطن والمجتمع وردع العابثين بأمن الدولة والمجتمع .
إنها مرحلة حساسة وحرجة تستوجب الصدق والمصارحة وتكشف عن قدرة الحكومة على تحمل المسؤولية أو لتبرئ ذمتها وتقدم استقالتها وتفسح المجال لمن هو قادر على تحمل المسؤولية والتصدي لمهمة الإصلاح
حمى الله الأردن وأهله من كل سوء ومكروه
حزب جبهة العمل الإسلامي
عمان في : 8 ربيع الثاني 1432 هـ
الموافق : 13 / 3 / 2011م
ة / 3 / د
وحول حرية الرأي والتعبير تنص المادة 15 من الدستور الأردني، تكفل الدولة حرية الرأي، ولكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط أن لا يتجاوز حدود القانون، والصحافة والطباعة حرتان ضمن حدود القانون.
أما على صعيد العلاقة بين الإخوان والنظام فإن أبرز السيناريوهات المطروحة بحسب الباحث (ص56) هي:
1. سيناريو الاستئصال والتحجيم، إلا أن الباحث يرى أن هذا السيناريو مكلف، وقد يؤدي إلى نتائج معاكسة.
2. سيناريو الحظر، وهو الأسوأ بحسب الباحث إذ أنه سوف يفضي إلى فقدان الجماعة للسيطرة على أعضائها، خصوصًا إذا أدت إلى اعتقالات واسعة لأعضاء الجماعة، أو حظر الجماعة وحزبها.
3. سيناريو الاحتواء، وهو ينبني على فرضية بروز نخبة داخل مؤسسة الحكم تعيد النظر في إستراتيجية الإقصاء، أو ظهور عوامل ومتغيرات جديدة تعيد إستراتيجية التعايش.
وختامًا يمكن القول بأن هذا الكتاب الذي أعده الباحث محمد أبو رمان، يساهم بشكلٍ كبيرٍ على تفهم سلوك جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، وكذلك سلوك النظام السياسي الأردني في التعامل مع الجماعة، ويقدم تحليلاً تاريخيًّا لإشكالية العلاقة بين الجماعة والسلطة في الأردن، وعلى الرغم من تقديمه عدة سيناريوهات مستقبليّة إلا أنه لا يرجح أحدها على الأخرى ويترك للقارئ حرية التوصل إلى ترجيح أحد هذه السيناريوهات.
رد مع اقتباس
[/gdwl]
المفضلات