الزميل حلمي الاسمر يكتب.. مطلوب عدو فورا!
الحقيقة الدولية - عمان
كتب الزميل حلمي الاسمر مقالا لـ"الحقيقة الدولية" بعنوان " مطلوب عدو فورا" تحث فيه عن حاجة " الأمم الحية إلى عدو يجمعها، ويرص صفوفها، وينسيها حالات الاختلاف والقنابل الموقوتة المزروعة في أعماقها".
ولفت الزميل الاسمر في مقاله إلى حاجتنا لعدو "كي نكف عن أن "ندق" في بعضنا البعض، عبر هذه الصور المتكررة من حوادث الشغب والعنف، مرة في العقبة وأخرى في حي الطفايلة، وثالثة في الكرك، ورابعة في البادية، وخامسة بين شرقي وغربي؟! نحتاج لعدو، كي نعيش بسلام وأمن مع بعضنا البعض، خاصة بعد أن ذاب ثلج السلام وبان وسخ مرجه".
وفيما يلي نص مقال الزميل الاسمر
تحتاج الأمم الحية إلى عدو يجمعها، ويرص صفوفها، وينسيها حالات الاختلاف والقنابل الموقوتة المزروعة في أعماقها، وأحسن وأذكى من يلعب هذه اللعبة أمريكا و"إسرائيل"، ونستذكر هنا حالة اليتم الرهيبة التي شعرت بها أمريكا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، فقد تحركت مختبرات صناعة القرار وبنوك الأفكار لتبتدع قصة الإرهاب الإسلامي والخطر الأخضر كعدو جديد، يغذي صناعات الأسلحة، ويشغل بال المواطنين، ويجعلهم يتجرعون السموم التي ينفثها الساسة برضى وقناعة كجزء من الواجب الوطني، لأن الأمة لا تستطيع أن تعيش بلا عدو، وهكذا كان، وتحت هذا المسمى صُنعت حوادث ووقعت تفجيرات مفبركة، وافتُعلت وقائع، حتى إنك لا يمكنك أن تعرف ما هو الحقيقي وما هو المصنوع، إلا إذا كنت عاملا في "مطبخ" صناعة القرار، أما "إسرائيل" فهي أكثر ما تخشاه السلام والوئام، وانعدام شعورها بالخطر وفقدان العدو، لأن هذا الشعور هو الذي يجمع بني "إسرائيل"، ويحرك صناعاتهم، ويزيد لحمتهم، ويعبىء الشقوق الهائلة في بنيتهم الإجتماعية الهشة، وثمة دول عربية أخرى استخدمت قياداتها هذه القصة بذكاء شديد لترسيخ سلطتها، عبر فرض قوانين الطوارىء والحكم العرفي، وتغييب البرلمانات، وتصفية الخصوم السياسيين بحجة وجود "العدو الصهيوني" خنجرا في خاصرة الأمة!
ولعل هذا ما يفسر تصدر ما يسمى "الإرهاب العربي" قائمة المخاوف المواجهة للمجتمعات المتحضرة، وكذلك التصعيد من خطر بلدان كاليمن، سوريا، ليبيا وغيره على الأمن العالمي. وكذلك تحول قضية الهجرة العربية إلى الخطر الرئيسي المهدد للسلم المدني والتوازنات الاقتصادية والاجتماعية والهوية في بعض البلدان الأوربية، كما ورد في الويكيبيديا، فضلا عن إن عملية نزع الطابع الإنسانى عن العدو هي وسيلة لإضفاء الشرعية على استخدام العنف ضد الآخر، وتقليل الشعور بالذنب المصاحب لمثل هذا العنف، كما أن إيجاد عدو يساعد على مواجهة أزمات المجتمع، كأزمة الهوية، والأزمات الاقتصادية والتهميش، حيث يساعد "العدو" في إيجاد كبش فداء لتفسير تردى الأحوال الاقتصادية، سواء كان هذا الآخر دولة أخرى (مثل صورة العرب كعدو اقتصادى لدى الرأي العام الغربى بعد الحظر النفطى في 1973) أو كان الآخر داخل حدود نفس الدولة (مثل صورة المهاجرين العرب كمصدر لمشاكل البطالة في الدول الغربية) كما يسهم "العدو" في تحييد الصراع الطبقى ومواجهة الأزمات السياسية والعقيدية الأيديولوجية، والكلام يطول عن توظيف صورة العدو في تحقيق السلم الإجتماعي في المجتمع، وإطفاء بؤر اللهب فيه!
ألم يحن الوقت لإيجاد هذا العدو في مجتمعنا المحلي، كي نكف عن أن "ندق" في بعضنا البعض، عبر هذه الصور المتكررة من حوادث الشغب والعنف، مرة في العقبة وأخرى في حي الطفايلة، وثالثة في الكرك، ورابعة في البادية، وخامسة بين شرقي وغربي؟! نحتاج لعدو، كي نعيش بسلام وأمن مع بعضنا البعض، خاصة بعد أن ذاب ثلج السلام وبان وسخ مرجه!
المصدر : الحقيقة الدولية - عمان 2.5.2010
المفضلات