حالة انتظار يعيشها جرشيون لموعد توزيع الـ 50% من أموالهم المستثمرة في شركات البورصات العالمية، إلا أن الخوف يغلب على فترة الانتظار بعد أن أعلنت الحكومة أن تحصيلها لباقي حقوق المستثمرين سيتم من خلال شيكات أو كمبيالات من أصحاب الشركات أو إقرار خطي بالمبالغ.
وكانت الحكومة بينت أنه في حال حدوث خلافات مستقبلا بين المتعاملين بالبورصات وأصحاب الشركات، فإنه سيتم اللجوء إلى القضاء النظامي لحل الإشكال، ما اعتبره النائب في البرلمان عن محافظة جرش محمد زريقات "تهربا من الحكومة عن تحمل مسؤولياتها تجاه المواطنين المتضررين".
وطالب زريقات الحكومة بأن "لا ترفع يدها عن ملف البورصات، وأن تبقى قضية إعادة النصف المتبقي من الأموال ضمن مهام محكمة أمن الدولة".
وأضاف "على الحكومة وضع آلية واضحة تضمن إعادة المبالغ المتبقية للمواطنين بعيدا عن المحاكم النظامية التي من شأنها إعادة المستثمرين إلى دائرة التصادم مع أصحاب شركات البورصة".
ولفت زريقات إلى أن "ربط حصول المواطنين على حقوقهم المتبقية من خلال المحاكم سيجعل أصحاب الشركات عرضة للملاحقة من قبل المستثمرين الذين سينتظرون طويلا لاستعادة أموالهم المتبقية عبر المحاكم النظامية".
واعتبر زريقات "محافظة جرش منطقة منكوبة حيث ابتلي 90% من سكانها بشركات وهمية ادعت تعاملها بالبورصة".
يذكر أن عدد الشكاوى التي رفعت إلى نيابة أمن الدولة ضد شركات البورصات الوهمية من أبناء محافظة جرش بلغت نحو 70 ألف شكوى وذلك بنسبة 19% من الشكاوى الواردة إلى نيابة أمن الدولة من إجمالي الشكاوى على مستوى المملكة، حسب تصريحات سابقة لرئيس الوزراء المهندس نادر الذهبي.
جرش، تلك "المدينة المنكوبة"، كما أجمع أبناؤها على تسميتها، ضخ سكانها ما يقارب الـ 80 مليون دينار في شركات زعمت تعاملها بالبورصة الوهمية، حيث كان بريق المال المتأتي منها في أول أشهر تشغيلها أوقع بكبيرهم قبل صغيرهم في حلم الثراء.
عائلات أصبحت في مهب الريح، وأخرى لا تجد سوى رغيف الخبز لإطعام أولادها، فيما آخرون ما يزالون يندبون حظهم بعد أن خسروا "تحويشة العمر"، جميعها قصص تتسيد جلسات صباحية تجمع كبار السن من سكان مدينة جرش.
حاجة سبعينية تعيش بلا معيل وحيدة في منزلها ولا ينقذها من العوز سوى مساعدات من هنا وهناك، كانت تحتفظ بمبلغ لا يتجاوز الـ200 دينار، وما أن ترامى إلى مسامعها عن استثمارات البورصة، أودعت المبلغ وفي ظنها توديع أيام الفقر والحاجة.
ولا يفوت الجرشيين في كل جلسة تتمحور حول تبعات خسائر البورصة وصف الحاجة وهي جالسة أمام إحدى شركات البورصة التي أعلنت إفلاسها تنوح وتلطم وجهها نادبة حظها.
"المبلغ الذي أودعته ليس بحجم المبالغ التي أودعها آخرون من سكان المحافظة، لكنه كان يعني لها الكثير فهي على باب الله"، كما يقول مصطفى الزبون، أحد الجرشيين.
وبين الزبون أن "تأخير صرف حقوق المتعاملين مع تلك الشركات أوقع عائلات كثيرة في محافظة جرش في ضائقة مالية دفعت بالبعض إلى التوقف عن تعليم أبنائهم المنتسبين إلى الجامعات، فيما آخرون خرجوا من بيوتهم بعد أن باعوها وأصبحت أجرة البيوت المستأجرة هاجسا يطاردهم في وقت يعجز فيه غالبيتهم عن تأمين المأكل لأولاده.
قرار الحكومة بتوزيع ما نسبته 50% من أموال المواطنين المستثمرين في نهاية الشهر الحالي اعتبره الزبون "انتقاصا من حقوقنا التي ساهمت الحكومة بضياعها لأنها التزمت الصمت لفترة طويلة أغرقت خلالها الشركات السوق الأردني بالإعلانات الدعائية، فضلا عن أن مزاولتها للمهنة كانت في العلن".
"خيبة الأمل التي أصابت الجرشين وهم أكثر المنكوبين بملف البورصة ما تزال تلقي بظلالها على شؤون حياتهم اليومية، كما أن انتظارهم لموعد توزيع الأموال يشوبه القلق"، بحسب أبو محمد الزبون الذي أشار إلى أن "تصريحات الحكومة المتصلة بضمان توزيع باقي حقوق المواطنين من خلال شيكات أو كمبيالات من أصحاب الشركات للمواطنين أو إقرار خطي بالمحافظة على باقي حقوقهم ستحمل في طياتها إشكالات أخرى لا يحمد عقباها، وستتسبب بتصادم المتضررين مرة أخرى مع أصحاب الشركات".
وبين أن "خيبة أمل أخرى سيصاب بها ضحايا البورصة بعد طول انتظار لاستعادة أموالهم التي لن يحصلوا عليها دفعة واحدة وسيصبح الانتظار لسنوات طويلة الخيار الوحيد أمامهم بعد أن تصبح عملية تحصيل باقي حقوقهم عبر المحاكم النظامية".
رد مع اقتباس
المفضلات