فايز الفايز
... والازدواجية لا تعني بالضرورة الثنائية ، بل أحيانا تعني الانفصام ، ولهذا فلكل منا ازدواجيته في بعض الأحايين تبعا لردود الأفعال ، ولكن يضطر شخص ما الى التساؤل ما الذي يدفع أشخاص بعينهم الى الاختباء وراء ردود فعل الشارع ، لتبرير أخطائهم ، ويزداد التساؤل حيرة إن كان هؤلاء الأشخاص هم أعضاء نادي الرؤوساء وهم الذين يجب عليهم في المفهوم العام أن يكونوا أكثر واقعية وأكثر حصافة ، وأكثر دقة فيما يقولون وفيما يفعلون ، في المقابل فإن النقابات مثلا أو بعضها تحديدا نجد لها العذر في الاختباء وراء شعارات القومية التي تخلى عنها الأقوم بن أبي الأقوم في العالم العربي ، حتى تخفي عيوبها ، فما هي الحكاية .
شخصية محترمة مثل رئيس مجلس أعيان الأردن طاهر المصري ، يخرج في ذكرى يوم وطني مهيب ليلقي كلمة الأصل فيها أنها مدروسة جيدا لأنها مكتوبة مسبقا ومنقحة ، ويلقيها رجل بوزن المصري بصفتيه الشخصية والوظيفية ، في دار رئاسة وزراء الأردن ، و بين يدي جلالة الملك ، كان الأولى أن لا تتضمن عبارات ولا جمل تحتمل التأويل على أكثر من قول ورأي ، فهناك فهم واحد أنها لم تكن ضمن سرد تاريخي ، فالمناسبة ليست حصة تاريخ في غرفة صف مدرسي ، ولكن الأستاذ المصري أكد لـ"عمون " أن مقاصد كلمته لم تكن في محل تأويل غير بريء كما وظفتها الصحافة الإسرائيلية ، لهذا سنقبل بتبريرات المصري ولكننا نطالبه أن يكون أكثر دقة في مقبلات الليالي ، فكلام كبار رجال الدولة يوزن بميزان هواء .
في المقابل خرج علينا عبدالرؤوف الروابدة عضو مجلس الأعيان الأردني أيضا ، والرئيس الأسبق ، ليجب على سؤال : هل الانتخابات السابقة تم التزوير فيها ، فأجاب : جرى التزوير في تلك الانتخابات جهارا نهارا ، كلام جميل واعتراف أجمل ، ولكنه الزمن البشع ، فيسأل سائل ، ولماذا يقبل رجل بوزن الروابدة المحترم أن يبقى في مجلس نواب تأكد أن التزوير فيه جرى نهارا وتم جهارا ، هذا إن كان التزوير دون علمه وعلم الرفاق في مجلس الوفاق والاتفاق السابق ، هل بعد هذا يطلب منا " ربّع الحكم والسياسة " أن نثق في كلامهم ، وفي قراراتهم !؟
كان الأجدى لو أن رؤساء الوزارات وفيهم الخير والبركة ، لو أنهم شكلّوا مجلس حكماء يضبطون إيقاع الاوركسترا التي فقدت "المايسترو " بل وأضاعت صفحات النوتة الموسيقية ، فأصبحت الموسيقى نشازا ، والإيقاع مضطربا ، والجمهور ملولا مملا ، فكيف حكمنا هؤلاء وكيف قرروا يوما ما ، وأمطرونا بأنظمة وقوانين رقصتنا " ع الوحدة ونص " ، حتى تحولنا إما الى راقصة أو طبّال أو " جامع نئطة " .. أعتذر إن أخطأت في الأوصاف ، فليس لي خبرة طويلة في الليل وآخره ، ولا تزال معاملة الملهى الليلي الخاص بي في طور الإجراء .
ماذا بقي من ورق أصفر لم نتصفحه ؟ نقابة المحامين ، ما شاء الله ، هل فعلا لم تكن تحمل اسم "الأردنيين " هذا اكتشاف عسر ، يدل على بلاهتنا ، ثم ماذا ، عندما طالبت مجموعة من الهيئة العامة للنقابة بإضافة الأردنيين الى مسمى نقابة المحامين ، نهضت عروبة من قبرها ، وقامت قيامة القومية ، وطعنت الأردنية بشرفها ، فأصبح إطلاق وصف الأردنية عنصرية عند البعض ، إذا ماذا نسمي هذا سوى انحطاط وطني ، في ظل صمت رسمي وشعبي غير بريء ، خاصة أن نقيب المحامين سحب اقتراح الإضافة خوفا من الانقسام ، وأي انقسام أكثر من هذا يا هذا ؟
يجب ان نعلم جميعا أننا في وطن له أسم وله تاريخ غير مزورين في ذاكرة أهله ، إن زورت الكتب والأوراق ، ولهذا فيجب أن يقول أحد ما لهؤلاء ، إننا عندما نحب وطننا ونعشق هواه ونبجل أهله لا يعني بأي حال من الأحوال أننا نكره أي بلد عربي آخر أو أهله ، بالعكس فمن يحب لا يعرف الكراهية ، ولكن أصحاب الغايات والتأويلات وخلفاء عبدالله بن الملجم يجب أن يلجموا قبل أن يجروا علينا " الأشعث " وفتنته لا أيقظها الله ، فلا يخرج علينا أحد ليطرح نفسه رمزا لموالاة ولا لمعارضة وهو يبحث في جيوبنا عن عود ثقاب ليحرقنا به ،، ولأذكر الجميع أن القدس لا تزال محتلة رغم أنوفنا جميعا ، وغزة محاصرة رغم أنوفنا ، وإسرائيل هي عدونا الذي سيلتهم ما بقي من لحومنا إن بقينا نتناهش ويهمزنا أصحاب الغايات والمآرب من أصحاب عقيدة التقية السياسية .
المفضلات