مقعــد الحــب والأحـــزان
البحرُ بنطاقه الشاسع تجلى كَرمه علينا بنسيمٍ رطبٍ ، مُنعش ، ونحن في المقعدِ الخشبي نتحاضنُ الأجساد ... أتذكرين أضواءَ الشاطئ الملونة وذاك اللون الأحمر فوقَ مقعدنا الهادئ ... دمعةً ترددت في عينيكِ البراقتين تقول لي : أخاف الموت ... لماذا هذا الشعورُ تجول في صدركِ في تلك الساعة ؟؟! ... الموت ... أهو حزنٌ قادم من البحر الصديق ؟؟! ... لقد أحسستُ بخوفٍ شديد يُطبق على صدري حينما ارتميتِ علي كجثةٍ هامدةٍ قائلةً : لا أريد أن أموت ... حبيبتي ... كفاك حمقاً ... كأسُ الموت ... لا مفر من شربِ جُرعةٍ تؤولُ بنا تحتَ التراب ... أرجوكِ لا تقلبي حُبنا إلى حزنٍ يُسجل في تاريخِ أحزان أهل الغرام ... ومقعدنا الشاهد الوحيد على لحظاتِ الحب التي غمرتنا في أحضانه إلى رمادٍ أسود تنثره رياحُ الأوهام ... .
عناقكُ لذيذ ... فيا لها من لحظاتٍ نُغلق فيها العيون ونشعر بالجنون ... مقعدنا الحزين ارتوى من عبراتك المنهمرة بحرقةٍ مدمرة ... فتاتي ... إن قلبك صادق الإحساس وأخشى أن يصدق ما يخيفه .
بحارٌ جافية ... أشجارٌ عارية ... أمطارٌ هاطلة ... فتاةٌ شاحبة ... وغابت الشمس الخائفة تحت أستار الغيوم ... وصدقَ القلبُ الصادق ... الشعورُ تحول إلى حقيقة مرعبةٍ ، مروعةٍ ... إلى حقيقةٍ محقت الأشجار بعد التعري من اللباس ... يا حباً غرق في بحر الدموع ... فتاتي ... نامت عيناكِ والبراءةُ تعلوهما ... أنت المستلقية فوق المقعد السعيد بجسدك ... الحزين بنومك ... أحدقُ بجسدك شبراً شبراً دون عجلة ... أنعمُ النظر بهذا التكوين المتناسق وأندبُ حظي ... وأبكي على مُفارقة الروح ... هل لي أن أستمتع بهذا الجسم بلا روح تُبادلني الشعور ذاته ؟! ... المطر يتساقط رذاذاً خفيفاً وأنت نائمة ... نومكُ أعقبني الوحدة والغربة والدمعة ... ها أنا أبكي فوق ما أكتب لكِ ... فلتكن دموعي حبراً أخط به مشاعري تجاهك ... المقعد يُشاركنا الحزن كما شاركنا الحب ... الشمس تغرق في البحر لتنام نوم الأطفال ... وأنت تغرقين في بحر الدموع والأحزان لتنامين نوم الأموات ... لماذا تَركتني وحيداً هكذا أصارع الأحزان التعيسة ؟؟ ... بوداعكِ هذا تعطل مصباحنا الأحمر ... ونام مقعدنا تحت أغطية الظلام ... لم يعد لذلك المقعد معنىً سوى أنه يحملُ ذكريات حزينة ... فالمقعد حزينٌ والأمطارُ حزينه ... والبحرُ حزين والشمس حزينه ... وأنا حزين وأنت حزينه .
المفضلات