كتبت - رانيا تادرس -لم يخطر ببال المعلمة سائدة المنهمكة بشرح معادلات حسابية على اللوح في الغرفة الصفية ان احدى طالباتها تنتظر لحظة لاقتناص صورة لها عبر الخلوي بوضعية او حركة ما ،ونشرها فيما بين الطالبات عبر البلوتوث .
لكن المحظور وقع كما تقول المعلمة سائدة التي تحفظت عن ذكر اسمها الحقيقي في احدى المدارس الحكومية ، وتفاصيل القصة كما ترويها ان « احدى الطالبات المشاغبات تحتفظ بهاتف خلوي وقامت بتصويرها في عدة لقطات داخل الصف وهي تشرح ، وقامت بارسالها الى صديقاتها عبر البلوتوث «. ونتيجة تبادل الصور تم اكتشاف الامر وفقها.
وتتابع « تم ابلاغ الادارة وفتح تحقيق مع الطالبة والصف كاملا لنكتشف ان هناك العديد من المعلمات تم تصويرهنّ من قبل هذه الفتاة ومجموعة تساندها» .
وعن الاجراء الذي اتخذ ، تقول اولا تم شطب الصور عن الخلوى قبل نشرها وتوزيعها ،وكذلك تم معاقبة الطالبات بتوجيه انذارات واستدعاء اولياء الامور.
وفكرة التقاط صور للمعلمات لم تقتصر فقط على الغرف الصفية وانما في اروقة المدرسة ، الهام معلمة اخرى تم تصويرها لكن هذه المرة خلال احتفال مدرسي وهي تشارك الطالبات في دبكة .
وقالت ان قيام احدى الطالبات بتصويرها ليس من باب البراءة بل لتبادل هذه الصور ونشرها على الفيسبوك والتعليق عليها .
وتتابع تم معاقبة الطالبة وفصلها نهائيا من المدرسة لحفط كرامة المعلمات وتأديب اي طالبة قد تفكر بتصوير معلمة .
ورغم ان انظمة وتعليمات وزارة التربية والتعليم محددة بشأن الهواتف الخلوية اذ انها تمنع دخول الهاتف الخلوي الى الغرفة الصفية وفي حال وجوده يبقى مغلقا خلال ساعات الدوام او عند الادارة المدرسية ،ومن التعليمات كذلك ان يكون الهاتف بلا كاميرا .
وقضية تصوير الطالبات للمعلمات من السلوكيات التي انتشرت خلال الاونة الاخيرة وتحديدا في مدارس الاناث وباتت هاجسا يمس هيبة وكرامة المعلمات والشعور بغياب الامان المدرسي ونمط من الرقابة الذي يخلق الارتباك عند المعلمة مما يقلل من عطائها بحسب المعلمات .
وتعترف المعلمة اروى الهباهبة (لغة عربية) في مدرسة الاميرة بسمة بوجود هذه السلوكيات وانتشارها بشكل ملحوظ في مدارس الاناث .
والاسباب التي تجعل هذه المشكلة تتفاقم بحسب وجهة نظرها عدة عوامل منها « التراخي في تطبيق الانظمة والتعليمات وكذلك غياب العقوبات الرادعة لمن ترتكب هذه المخالفة من قبل ادارة المدرسة» .
وتتابع ان «الاسرة هي المسؤولة عن تنامي هذه السلوكيات لان الانتشار الواسع لوسائل الاتصال من اجهزة الخلوى والدخول الى مواقع التواصل الاجتماعي بات امرا طبيعيا وعاديا في المنازل وفي ذات الوقت يقابله غياب التوعية والتوجيه للاستخدام الصحيح لها من قبل العائلة» .
المعلمة رشا الطراونة(ثقافة عامة) في مدرسة الزهراء الثانونية تعتبر ان هذه المشكلة مرتبطة بالاسرة اولا والمعلم ثانيا .
وتقول « ضعف شخصية المعلمة في ضبط الصف وعدم قدرتها وامتلاكها لمهارات التعامل مع الطالبات مما يخلق مشاعر كره عند الطالبات وروحا انتقامية ، وكذلك غياب تواصل المدرسة مع الاهالي بشكل دائم ومستمر من الاسباب الرئيسية لاستمرار وتفاقم هذه المشكلة» .
لكن ادارة المدرسة من يقع عليها المسؤولية للحد من هذه السلوكيات وبهذا الاطار، تقول مديرة مدرسة القويسمة الثانونية الشاملة للبنات منيرة الحديد ان «الجهاز الخلوى كوسيلة اتصال بات ضرورة وليس ترفا في الحياة اليومية، لكن مع الاسف هناك سوء استخدام من قبل الطالبات للهواتف الخلوية» .
وهذا خلق لنا العديد من المشاكل في مدارسنا لعل التصوير واحدة من هذه المشاكل بحسب الحديد .
وتعليمات الانضباط المدرسي بشأن الهواتف الخلوية محددة تذكر منها الحديد انه «يجب اغلاق الخلوي في الحصة الصفية او وضعه صامتا ، وكذلك في حالات يجب تسليم هذا الجهاز للمرشدة في المدرسة صباحا قبل الطابور الصباحي لان وجود الخلوى معها بهدف الاتصال مع عائلتها للتسهيل عليهم او كذلك اطمئنان الاهل عليهن وهذا حق لا نعارضه» .
لكن الحديد تؤكد ان تطبيق التعليمات بشأن الخلوى مسؤولية المديرة اذ عليها تفتيش الطالبات يوميا وبشكل مفاجئ لضبط وتقليل الحوادث التي قد تنجم عنها للطالبة نفسها او المعلمة.
لكن التباين في ضبط مشاكل الخلوى يختلف من مدرسة الى اخرى وحسب المنطقة الجغرافية كما تقول مديرة مدرسة سحاب الثانوية للبنات حليمة ابو زيد . وتضيف انه «من الاساس يجب منع الهواتف الخلوية في المدارس لان اغراض استخدامه السلبية تطغى على ايجابياته .فلم يعد وسيلة اتصال فقط وانما يستخدم في اغراض سلبية منها مثلا تصوير المعلمات او الطالبات لبعضهن البعض ،الى جانب استخدامات اخرى .
واقعيا ، هناك تجاوزات من بعض الطالبات للتعليمات حيث تتواجد الخلويات في الغرف الصفية ، ولم تنكر كل من الحديد وابو زيد ان هناك تحديا واضحا من بعض الطالبات .
ولكن هذا التجاوز يقابله اجراءات صارمة من قبل ادارة المدرسة وتتمثل كما تذكر الحديد « انه عندما تصل الادارة شكوى تتعلق بأي استعمال للهاتف الخلوي يتم استدعاء الطالبة ومصادرة الجهاز ثانيا و احضار ولي الامر واشهار التعهد الموقع من قبل الطالبة ضمن قاعدة السلوك المدرسي والعقوبات تتدرج من توجيه انذار ،او فصل جزئي ، وفي بعض الاحيان فصل كلي من المدرسة نهائيا .
واجمعت المعلمات اللواتي تحدثنّ الى «الرأي» على ان قضية تصوير المعلمات او الطالبات لبعضهن البعض تهدد الامان المدرسي وتخلق حالة من التوتر والقلق عند المعلمة وهذا ينعكس على ادائها مما يؤثر على العملية التعليمية .
وحول الحلول المناسبة للحد من الظاهرة والقضاء عليها اجمعت المعلمات على ضرورة تفعيل قرارات مجلس الضبط المدرسي وتشديد العقوبات خصوصا فصل اي طالبة ترتكب مثل هذه الافعال ومنع قبولها في اي مدرسة ، اضافة الى ضرورة قيام الوزارة بمنع الاجهزة الخلوية بتاتا في المدارس ،وعليها توفير جهاز خلوي لكل مدرسة كوسيلة اتصال عندما تحتاج الطالبة الحديث مع عائلتها للاطمنئان عليها .
وزارة التربية والتعليم وعلى لسان مديرعام التعليم الدكتور صالح الخلايله يؤكد ان « تعليمات الوزارة في موضوع اجهزة الخلوي محددة ، وتؤكد ضرورة ان يكون الهاتف الخلوي بدون كاميرا ومغلقا اثناء الحصة واستعماله عند الضرورة ويبقى في الادارة المدرسية،وهذه التعليمات ارسلت منذ بداية العام الدراسي .
وقال:إن « الوزارة لم تتلق شكاوى بخصوص التصوير معترفا ان التجاوزات من قبل الطلاب واردة ، لكنه اشار الى ان اي قرار فصل يأتي الى الوزارة من قبل مجلس الضبط المدرسي حيال الطلاب توافق عليه الوزارة متحفظا عن ذكر ارقام فصل الطالبات في شكاوى تصوير الاجهزة الخلوية .
واكد انه «تفاديا لتطور مثل السلوكيات والمشاكل التي قد تنجم عنها سنرسل مجددا تعميما بهذا الخصوص» .
رد مع اقتباس
المفضلات