اضطرابات في القدس: لننهي النزاع
يعقوب احيميئير
الى متى تتواصل المظاهرات لقسم من الجمهور الاصولي في القدس احتجاجا على فتح موقف السيارات البلدي كارتا في السبوت؟ لا ريب ان روح الجمهور الاصولي المحتج، حتى بالعنف، لم تنكسر في ضوء استمرار تشغيل موقف السيارات.
فتح موقف السيارات هو، من زاوية نظر علمانية اولى، قرار مبرر ولكن مشكوك جدا ان يكون تم التوقع المسبق لاحداث الواقع العنيف التي لا نرى لها نهاية. هناك من يقول ان المظاهرات العنيفة لمتطرفي الجمهور الاصولي تتم لاغراض خارجية كي يشاهد مؤيدوا هذا الجمهور في نيويورك الصور التي تخلد الصدام العنيف بين شرطة القدس وبين الجمهور الاصولي فسيستيقظون لخوض حملة تبرعات من اجل سكان المدينة الاصوليين. ولكن هناك اصوليين ايضا من نوع اخر: اصوليون علمانيون، قلقون من وضع العنف السائد في العاصمة.
في عهد الانتفاضتين الفلسطينيتين، ادار الكثير من سكان القدس ظهورهم عن احياء شرقي القدس في المدينة فقد خشوا على سلامتهم الجسدية ولكن في هذه الايام بالذات يديروا سكان القدس العلمانيون وليس فقط هم ظهورهم الى الاحياء الاصولية التي تلامس شرقي المدينة. والان ينبغي وصف الواقع في القدس كما هو، دون مجاملة: مثلما تعلمنا في دورات الجيش الاسرائيلي، فان كل منظومة تنقسم الى ثلاثة اجزاء. ومثل كل منظومة من انتاج اسرائيل، هكذا ايضا عاصمة اسرائيل: تنقسم الى ثلاثة.
القسم المسمى ولا سيما باللغة السياسية، دوليا، ''غربي القدس'': مكان استقرار المؤسسات الرسمية العليا. هنا، في ''الغرب'' يسكن، اساسا، سكان يهود، علمانيون ومحافظون لا يحدثون ''عناوين رئيسة''. وفي ''الشرق'' يسكن، اساسا السكان المسلمين والمسيحيين في المدينة، وبالطبع مواطنيها اليهود، من سكان الاحياء التي ضمت بعد 1967. بين ''الغرب'' و ''الشرق'' تسود هدنة مباركة وملعونة على حد سواء: الفجوة بين هذين القسمين من المدينة يجد تعبيره ضمن امور اخرى - وفي جانبه الظاهر - في تدني مستوى البنى التحتية في ''الشرق'' بالقياس الى ''الغرب'' المتطور.
والان يتجذر الحد الجغرافي للثلث الاخير (حاليا!) في القدس: الحي الاصولي الذي يتميز بكونه ساحة معارك شوارع بين الشرطة ومتطرفي الجمهور الاصولي. هل في ضوء هذا الواقع لا يزال ممكنا الحديث عن ''مدينة موحدة''!؟ من يتجرأ، هذه الايام على التماهي بالشعار العابث عن ''المدينة الموحدة''؟ يجب الاعتراف بهذا الواقع. لا يجب الاخفاء، الطمس او التمويه لهذه الحقيقة بمغسلة الكلمات والمفاهيم.
وبأسف ينبغي القول ايضا: الحكومة وكأن بها تغمض العين في ضوء ما يجري في العاصمة. فنحن لا نسمع ونحن لا نعرف عن اي مسعى وطني على المستوى السلطوي الاعلى، والمطلوب حقا، وعلى عجل تفترضه حالة الطوارىء في ضوء ما يجري في القدس. هذه الايام ايام ظروف صعبة ومعقدة للغاية ايام عنف مخيفة - ولا نرى عملا قياديا في ضوء الحرب الاهلية البلدية التي تقع في العاصمة. ليس افراد شرطة القدس وحدهم سيضعون حدا لهذا الوضع.
امم العالم تنظر فقط في هذه الايام الى عواميد الدخان المتصاعدة في القدس، الى الصدمات بين فرسان الشرطة والمتظاهرين العنيفين، ولعل هناك سياسيون اجانب يفكرون بينهم وبين انفسهم اليست اسرائيل هي التي تسعى الى اقناعنا بأنها هي الحارس الامين على سلامة القدس ووحدتها. فهل حقا؟ اذ انها اذا كانت هي لا تستطيع ان تجسر الهوة بين اليهود واليهود، فكيف يمكنها ان توحد وان تلهم التعايش، من اي نوع كان، ديني وغيره، بين السكان اليهود في المدينة واولئك غير اليهود.
وعليه فمحظور على الحكومة ورئيسها ان يبقيا غير مكترثين في ضوء المعارك في القدس 2009.
المفضلات