ما كادَ أن يخرج من بوابة مُصلّى العَمَل -بعد صلاة العِشاء- حتّى بادرهُ "أبو عَبّود" بالسلام، مُردِفاً :
" بِدّي مِنّك خِدمِه لو سمحت"
: "إكفينا شرّك يا رجل" !
: " لا، لا .. مِش تقرير عمل .. بِدّي رسالة للملك عبدالله بن عبد العزيز"
: " أيوه، أيوه .. بِدّك تشحد فلوس"!
: " مِش هيك أبو العبد .. بِدّي أحكيله إنّي بحبّه وخايف ع صِحته .. وهو لحاله رح يبعث فلوس"
: "إنت مِتعشّي سردين ؟! "
: " يا رجل بس رُد علَي.. خِدمة منّك لحبيبك أبو عبّود"
نِعمة إتقان الكِتابة، تكون أحياناً مَصدراً للمتاعِب، وبعض التفاهات المُحرِجة، ولكِن ما عسى المرءُ أن يفعل مع مَن يَقصدُهُ آمِلاً منه العون !
قابلَ بِصَدرِهِ البحر، وأخذَ أنفاساً عميقة مُتلاحقة .. أحدثت عاصِفَةً داخلَ رئتيهِ، ودوخةً خفيفة لكثافة إختلاط الأكسجين بالدّم وعدم انتظام إحتراقِهِ ..!
كانت لا تزال تلاحقه نظرات تلك المرأة الشقراء بِتلكَ السيّارة السياحيّة.. حدّقت فيه بِقوّة والتفتت لرفيقها السائق، فحدّق فيه هو الآخر، بِتركيز ..!
ربّما كان أحد كوابيسهما المُشتركة، مَن يَدري !!
رنّ هاتفه الخلوي ..
: "أهلاً حبيبتي .. كيفك .. كيف الزغار.. ممكن .. حسب الظروف .. ماشي .. ماشي .. طيّب ..تأمري..حاضِر.. طيّب.. وبعدين؟ خلص عِندي شُغل !"
هذا القلبُ يَتّسِعُ للكثير مِن البشَر..
وهو ليسَ فقط بأربعة حُجيرات .. بل فيه مِئات الأجنحة الفُندقيّة..!
ولكن لا شيء يُضاهي المقهى الموجود بِداخله..فهو خالٍ مِن كل البشر .. إلاّ مالِك القلب
"الموفمبيك" هذا عجيبٌ جِدّاً .. وناعِمٌ جِدّاً .. ودافيءٌ أيضاً ..
ولا يَتّسِع لأكثر مِن وجهينِ و عِشرينَ إصبَعاً "مِنها ورائيا" !!
: " إيش أبو عبّود .. عجبتك الرسالة للملِك ؟"
: " ما شاء الله على قلمك .. بالتقارير بيقطر سَم .. وفي الرسائل بينقط عسل "
: " قدّيش بِدّك تعطيني؟!"
أخرجَ هاتفه، وقال : " إسأل أختك أم عبّود قديش كان نصيبك بالحلم إذا مِش مصدقني ..(10) آلاف دينار.. هَه إتّصِل .."
: " وحِّد ربّك يا رجل .. مِن كل عقلك.. خلص موافق.. بركي صلّحت مسّاحات السيارة فيهن !!"
أحلامنا تكاد تنحصر بين شهوتين : شهوة المال، وشهوة النسِاء !
بعضنا لا يُقاوم سرقة المال .. وبعضنا لا يقاوم سَرِقة القلوب
أن تَسرِقَ إمرأةً .. أو تسرقك إمرأةٌ .. وكلاكما مسرورٌ أن يكون سارِقاً ومسروقاً..!
تَدَفّقَت دِماءٌ حارّةٌ في عروقهِ، وهاجمته رغبةٌ عارِمةٌ وشوقٌ جارف لإحتضانها
لم يُخفِّف عنه إلا لَكمَةً بقبضتهِ هوى بِها على وسطِ مِقوَدِ سيارتِه.. تنفيساً لِدَفقةٍ نَفَرَت مِنها عُروق رقبته
ما هذا الذي يُصيبه ..!
مِن أينَ يأتي هذا ؟!
المفضلات