كتب توماس ماكنمارا في صحيفة لوس أنجلوس الأميركية أن الولايات المتحدة وبعد أكثر من تسع سنين لا تزال لا تعرف كيف تجد الإبرة في كومة القش عندما يتعلق الأمر بالطيران المدني.
ينتقد الكاتب السلبية التي تتسم بها ردود فعل السلطات الأميركية تجاه التهديدات الأمنية، فيقول بعد أحداث سبتمبر منعت سلطات الطيران المدني القاطعات اليدوية والمقصات ومقصات الأظافر، وبعد حادثة ريتشارد ريد تم البدء بإخضاع الأحذية للتفتيش عبر الماسحات الشعاعية، وبعد حادثة لندن 2006 منعت السوائل على متن الطائرات.
أما الآن -يتابع الكاتب- وبعد أن اكتشفت المتفجرات تحت الملابس الداخلية للمفجر المفترض لحادثة يوم عيد الميلاد لجأت السلطات الأمنية الأميركية لتفتيش المسافرين بالكشف عن ما وراء ملابسهم.
ولكن السؤال هو -كما يقول ماكنمارا في مقاله- ما هي إستراتيجيتنا؟ لأن ردود الفعل الحالية تنم عن قصور في التفكير الإستراتيجي، دون أن يعني ذلك أن الإجراءات المتبعة عديمة الفاعلية، وإنما هي غير فاعلة بما فيه الكفاية.
ابتكارات
ويرى الكاتب إذا استمرت ردود الفعل الأميركية بهذا الشكل -وخاصة بعد الاختراق الأمني الأخير لإجراءات الأمن في المطارات- فإن ابتكارات الإرهابيين ستستمر بالتفوق، مما يؤدي إلى المزيد من الخسائر في الأرواح والموارد والأمن.
وينصح الكاتب أن تنفذ مراجعة إستراتيجية تنظر في جميع الخيارات وتنتقي الإستراتيجية الأفضل ثم تضع نظاما لمراقبة الإستراتيجية المنتقاة وتحليلها وتقييمها بشكل دوري، إلى جانب إجراء مراجعة دورية لوزارة الأمن القومي.
ويضرب الكاتب مثلا في كومة القش، فيقول أن أول ما علينا فعله لإيجاد إبرة في كومة قش هو أن نقلص حجم الكومة كي نبحث في جزء القش الذي يحتوي على الإبرة وليس الكومة كلها، والأمر نفسه ينطبق على امن المطارات، معتبرا أن كومة القش هي كل من يسافر جوا أما الإبرة فهي الإرهابيون وأسلحتهم.
النمط السلوكي
إجراءات الأمن على أساس اللون والعرق والدين لم تثبت فاعليتها (الفرنسية)
ويقول الكاتب إن تقليص حجم الكومة يعتمد بصورة كبيرة على تحديد مكان البحث عن الإبرة مقدما لذلك فكرتين: الأولى التي توجب عدم اعتبار جميع المسافرين من الإرهابيين، واستكمال إجراءات أكبر عدد من المسافرين (غير الإرهابيين)قبل وصولهم إلى المطار عن طريق برنامج "المسافر الموثوق" الوطني.
وهو برنامج وطني تطوعي يعتمد على فحص خلفية المسافر ووثائقه الثبوتية. الحرمة والحريات المدنية يمكن حمايتها بتشريع قوي تشرف عليه هيئة مستقلة. أما التكاليف فيمكن أن يتقاسمها الركاب والمطارات وشركات الطيران والحكومات.
ويرى ماكنمارا أنه وفي حال إسقاط نصف عدد المسافرين اليومي من الذين تأهلوا لصفة المسافر الموثوق وثلث المسافرين على الرحلات الدولية فإننا بذلك نكون قد قلصنا حجم كومة القش بشكل كبير، متسائلا عن الحكمة من مرور المسافرين بشكل روتيني وطواقم الطائرات بنفس إجراءات الأمن ملايين المرات سنويا.
موقع الإبرة
أما الفكرة الثانية -يقول الكاتب- فتتصل بالتركيز بشكل إستراتيجي على تحديد موقع الإبرة أو الإبر، أي الإرهابيين المحتملين.
ويضيف "بعد هجمات سبتمبر طبقنا إجراءات معينة على جنسيات معينة ثم تخلينا عن ذلك، وبعد ذلك عدنا ثانية إلى ذلك النوع من الإجراءات بعد حادثة عيد الميلاد".
بيد أن ماكنمارا يشير في مقاله إلى أنه لا يوجد هناك تحليل يثبت أن الإجراءات التي اتخذت ضد جنسيات معينة قد أتت أُكُلها على الإطلاق، كما أن وقف تلك الإجراءات لم يثبت أنه أفرز أي نتائج.
وأشار إلى أن اتخاذ إجراءات أمن على أساس العرق أو القومية أو الجنسية غير فاعلة وتنتج ردود فعل غير مستحبة. هذا بالإضافة إلى أنها تكلف الملايين بدون أن تساهم في تعزيز الأمن.
ورأى الكاتب أنه وبدلا من ذلك، يتعين على السلطات المعنية تطوير برنامج أوسع لتقييم الشخصية بناء على الأفعال والنمط السلوكي، ولا يعتمد العرق واللون كأساس ولكنه لن يهملها بشكل كامل أيضا، لكنه يستند بشكل أساسي على المعلومات الاستخباراتية وقوة القانون ثم الاستشارات القنصلية والخطوط الجوية والمعلومات الأخرى ذات العلاقة والتي تعطي فكرة كاملة عن النمط السلوكي للفرد على صعيدي الماضي القريب والبعيد.
ويختتم الكاتب مقاله بالقول إن السياسة العسكرية الأميركية قد تمت مراجعتها مرات عديدة منذ عام 2001 إلى اليوم، وأنه يجب أن يعطى الأمن الجوي نفس الاهتمام على أن يكون مقرونا بتطوير إستراتيجية فعالة لضمان أمن مطارات الولايات المتحدة.
المصدر: لوس أنجلوس تايمز
المفضلات