كتب ماثيو كاسيل في مقاله بصحيفة غارديان أن الإعلام الغربي يصبغ الشخصيات الإسلامية من إيران إلى حزب الله بصبغة مناوئة للغرب تتجاهل أصولهم.
وقال كاسيل إن تواطؤ وسائل الإعلام الغربية مع حكوماتها لم يكن أكثر وضوحا مما كان عليه الأسبوع الماضي عندما زار الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لبنان.
فالرسالة الضمنية بأن زيارة أحمدي نجاد كانت "استفزازا"، كما وصفتها الحكومات الأميركية والفرنسية والإسرائيلية، عززتها بدورها وسائل إعلام تلك الدول. فقد كتب صحفي أميركي، أشبه ببوق إعلامي، في مجلة سليت "هذه هي أول زيارة لأحمدي نجاد إلى لبنان، وما كان ليختار وقتا أفضل لإثارة الغضب من هذا".
وتساءل الكاتب عمن أغضبهم بالضبط، وقد خرجت مئات الآلاف من اللبنانيين الشيعة في مناسبات مختلفة تحتفل بزيارة أحمدي نجاد. وحتى الساسة المسيحيون من اليمين خرجوا للترحيب بأحمدي نجاد، مثل سمير جعجع الذي وصف نجاد فيما بعد بأنه صاحب نبرة معتدلة.
وعلق كاسيل على مقالة كتبها أحد هؤلاء الصحفيين في صحيفة سيدني مورنينغ هيرالد وافتتحها بأنه تم نحر بعض الإبل على شرف أحمدي نجاد، وسالت الدماء في الطرقات. لكن لم تهتم الصحيفة بذكر أن الإبل المضحى بها كانت ستؤكل بعد ذلك. وقال إن المعنى الضمني، عندما يتعلق الأمر بالعرب أو المسلمين، هو أنهم همجيون يقتلون لمجرد القتل.
"
السخرية من حزب الله وجمهورية إيران الإسلامية لا تزال متفشية في تغطية وسائل الإعلام الغربية
"
ماثيو كاسيل/غارديان
لكن الأكثر أهمية مما ورد في معظم التغطية الغربية الأسبوع الماضي هو ما استُبعد. فالسخرية من حزب الله وجمهورية إيران الإسلامية لا تزال متفشية في تغطية وسائل الإعلام الغربية.
وتحدث الكاتب عن ظروف قيام الجمهورية الإسلامية وميلاد حزب الله اللبناني بعدها بسنوات قليلة. وفي الوقت الذي كانت فيه الأغلبية الشيعية في الجنوب تتعرض لهجوم واحتلال من قبل إسرائيل (صديقة الولايات المتحدة المدللة في المنطقة) فإن أولئك الشيعة اللبنانيين كانوا ينظمون ويسلحون أنفسهم بمساعدة النظام الإيراني الوليد لتحرير أرضهم، وقد فعلوها مرتين.
وأشار إلى أنه في ظل هذا السياق التاريخي القاسي ليس من الصعب فهم مدى معارضة هذه الجماعات لسياسات الحكومات الغربية، وأن يكون لديهم أيضا دعم شعبي مشروع.
فقد كان لبنان دائما ساحة لكثير من المعارك السياسية الإقليمية. وقد أصبح حزب الله، بمقاومته الصامدة لإسرائيل والغرب، أقوى لاعب في الخريطة السياسية اللبنانية. كما أن حلفاء حزب الله، سوريا وإيران، قد تمتعوا أيضا بزيادة في نفوذهم الإقليمي.
وقال كاسيل إنه إذا كانت زيارة أحمدي نجاد للبنان أشارت إلى أي شيء، فإنها أشارت إلى أن ميزان القوة بدأ يتحول في الشرق الأوسط. ومع حدوث هذا الأمر فمن المرجح أن نرى المزيد من القادة والحركات في هذه المنطقة يقفون ضد سياسات الحكومات الغربية.
وتمنى كاسيل أن تنأي وسائل الإعلام الغربية بنفسها عن حكوماتها بإبراز هذه التغييرات بطريقة دقيقة، بدلا من المشاركة في الإدانة والإحباط، وهو ما يمهد الطريق أمامها لتضع تهديداتها موضع التنفيذ.
المصدر: غارديان
المفضلات