كشف إحجام الكثير من الألمان عن التبرع لإغاثة المتضررين من كارثة الفيضانات بباكستان عن ظاهرة جديدة تخالف ما اشتهر به الشعب الألماني من المسارعة للتبرع لمساعدة ضحايا أزمات وكوارث طبيعية مماثلة حدثت خلال السنوات الماضية.
فقد وجه السفير الباكستاني في برلين شهيد كمال نداء للرأي العام الألماني لتقديم إغاثة عاجلة تساعد بلده في مواجهة الكوارث التي اجتاحت المناطق الوسطى والشمالية الغربية وتسببت في مصرع 1600 وتضرر عشرين مليونا، بيد أن استغاثة السفير لم تلق سوى استجابة محدودة حيث بلغ إجمالي ما تبرع به المواطنون الألمان 16.4 مليون يورو.
يُشار إلى أن الألمان سبق وتبرعوا بأكثر من مليار يورو عقب كارثة تسونامي في دول جنوب شرق آسيا في ديسمبر/ كانون الأول 2004 ، و بـ74.5 مليون يورو لمساعدة منكوبي زلازل الهند وباكستان في أكتوبر/ تشرين الأول 2005، وثلاثين مليون يورو لمتضرري زلازل الصين في يناير/ كانون الثاني 2008، و45 مليونا لمساعدة ضحايا زلزال هايتي مطلع العام الجاري.
دور الإعلام
وأظهر استطلاع للرأي تخوف شرائح واسعة من الألمان من عدم وصول تبرعاتهم إلي المنكوبين الحقيقيين واستقرارها في النهاية بأيدي حركة طالبان أو المسؤولين الباكستانيين "الفاسدين".
قنوات التلفزة الألمانية رفضت تنظيم حملات مباشرة لحث المواطنين على التبرع
وعزز الإعلام الألماني مخاوف مواطنيه بحديثه عن اختفاء 376 مليون يورو من أموال المساعدات الدولية التي جمعت لمساعدة باكستان على مواجهة تداعيات زلزال 2005.
كما أشارت تقارير صحفية إلى تحويل الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري -الذي لم يقطع زيارته إلى فرنسا وبريطانيا رغم الفيضانات- تلك الأموال إلى جهة غير معلومة يرجح أن تكون حساباته الشخصية.
من جهة ثانية استخدمت القناتان الألمانيتان الرسميتان "آي آر دي" و"زد دي أف" والقناة الخاصة "آر تي إل" موضوع الخوف من ذهاب التبرعات لحركة طالبان كمبرر للإعلان عن عدم رغبتها في إقامة حفلات جماهيرية تبث على الهواء لجمع تبرعات للمتضررين من الفيضانات الباكستانية.
وقالت منظمات الإغاثة الألمانية الكبرى إن حملاتها لحث المواطنين على التبرع لضحايا فيضانات باكستان تعادل نفس مستوى حملاتها السابقة عند وقوع كارثتي تسونامي وزلزال هايتي.
تأثيرات متباينة
ولفت المتحدث باسم منظمة الإغاثة المسيحية كاريتاس أخيم راينكا إلى أن الاستعداد للتبرع يزيد في حالة الزلازل عن حالة الفيضانات بسبب العدد الكبير للضحايا الذي يصدم المشاعر ويثير التعاطف.
وأوضح في حديث للجزيرة نت أن الرأي العام في ألمانيا أو غيرها لا يدرك أن أعداد المحتاجين للإغاثة في الفيضانات أكبر منه في الزلازل بسبب تداعياتها البعيدة المدى، نافيا وجود أي دور للعامل الديني وراء تراجع التبرعات في ألمانيا لضحايا فيضانات باكستان.
وذكر راينكا أن الألمان تبرعوا بسخاء للضحايا المسلمين في إندونيسيا بعد موجات تسونامي وللمتضررين من الزلازل في باكستان نفسها عام 2005.
وتوقع المتحدث أن يسهم التكثيف الحالي للتغطية الإعلامية بشأن كارثة باكستان الحالية في زيادة إقبال الألمان على التبرع للمنكوبين هناك، مشيرا إلى عزم منظمته توفير المواد الغذائية ومياه الشرب وأواني الطعام ومواد النظافة والأدوية لنحو 250 ألف متضرر باكستاني لمدة ثلاثة أشهر.
المصدر: الجزيرة
المفضلات