الأحزاب بدأت انتخابيا!
بدت الأحزاب السياسية راهنا أكثر حراكا من ذي قبل تجاه الانتخابات النيابية التي ستجرى في التاسع من تشرين الثاني المقبل.
بيد أن هذا الحراك لم يصل حتى الآن إلى مستويات تنبئ بإمكانية إيصال متحزبين مقبلين لقبة مجلس النواب السادس عشر.
الحراك الحزبي "خجول" و "غير جدي" في اغلب الأحوال، وما زالت الأحزاب، إسلامية، ووسطية، ويسارية، وقومية لم تعطِ للانتخابات الاهتمام الكافي المطلوب.
حتى الأحزاب التي سبق أن أعلنت صراحة أنها بصدد المشاركة في الانتخابات، ضمن قوائم حزبية واضحة ومعلنة، لم يظهر منها حتى الآن سوى إعلانها ذاك، ولم يصل حراكها ذروته، وإنما اكتفت فقط بالكلام دون العمل.
ربما كانت الأحزاب الوسطية الأكثر إعلانا عن مشاركتها في الانتخابات، إذ أعلن التيار الوطني مشاركته بقائمة، وكذلك حزب الجبهة الموحدة، والوطني الدستوري، والرسالة، والوسط الإسلامي، ودعاء، ولكن بعضها اكتفى بالإعلان، وبعضها نشر أسماء مقترحة لمرشحين في دوائر معينة، ولم يظهر بعد ذلك أية دلائل على أن الحزب يتحرك شعبيا بين الناخبين، ولم تظهر دعوات جادة للمواطنين، سواء للمشاركة في التسجيل الذي انتهى يوم الخميس الماضي، أو الاعتراض على الجداول.
قد يقول احدهم إن بعض الأحزاب فعلت ذلك، وربما قامت بأكثر منه، ولكن الحياة الحزبية لا تقوم على حزب أو اثنين، وإنما يجب على الأحزاب كلها، التي تحصل على دعم مالي من موازنة الدولة، المشاركة في العملية الانتخابية بكثافة إذا قررت المشاركة في الانتخابات، وعدم الركون إلى ما تفعله وما تقوم به الحكومة، والاكتفاء بنقد هذا التوجه، والإشادة بذاك.
أحزاب اليسار والإسلاميون، المشكلون لما يعرف بلجنة تنسيق أحزاب المعارضة، ما زالوا حتى الآن يبحثون في المشاركة في الانتخابات المقبلة من عدمها.
وفق تسريبات حصلت عليها "الحقيقة الدولية" فان اغلب أحزاب (المعارضة) ستشارك في الانتخابات المقبلة، وبعضها قرر المشاركة مثل حزب البعث العربي الاشتراكي، فيما لا يزال موقف أحزاب أخرى غير واضح حول المشاركة من عدمها.
حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسي لجماعة الأخوان المسلمين، ما زال يدرس قرار المشاركة، ولهذا الغرض فان الحزب متجه لعقد اجتماع لمجلس الشورى فيه ليقرر ذلك.
بعيدا عن الأحزاب، وما تقوم به من تحركات "بطيئة" فان مقرات عشائرية وروابط عائلية وجمعيات تشهد حراكا انتخابيا، يتمثل في دعوة عشائر لاجتماعات موسعة لأفرادها للاتفاق على مرشح إجماع لها، كما أنهت عشائر أخرى فرز مرشحيها، وبدأت تعمل لتأمين الدعم لهم، والعمل من أجل إيصالهم إلى قبة مجلس النواب.
الصورة غير واضحة حتى الآن فيما يحدث في الساحة الأردنية السياسية، فالواضح أن الحراك نحو انتخابات (خريف 2010) حتى الآن "عشائري" أكثر منه "حزبي" الأمر الذي من شأنه أن يؤشر إلى قوة العشيرة في ظل غياب حزبي، وتضاؤل تواجدها أمام قوة العشيرة والانتماء إليها.
وشهدت الانتخابات السابقة وجود قيادات حزبية على مستوى الوطن تقود تيارات حزبية تراجعت في طروحاتها الحزبية وتبنت الطرح العشائري ومصلحة العشيرة حتى تحصل على رضا العشيرة لتحقيق النجاح في دائرتها الانتخابية.
ما يحدث داخل الأحزاب وتحديدا المعارضة منها، يشير إلى أنها متأنية في اتخاذ موقف من الانتخابات، وربما ستعمل على تأجيل اتخاذ قرار لها إلى أكثر من أسبوعين أو ثلاثة.
فحزب جبهة العمل الإسلامي ذهب نحو استفتاء الهيئات والقواعد الحزبية لمعرفة وجهة نظرهم في الانتخابات، ووفق مصادر داخلية حزبية فان الاستفتاء يذهب نحو مقاطعة المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، ومن المتوقع وفق المصدر الإعلان بشكل حاسم عن موقف الحزب قريبا.
وفق مصدر مطلع رفض الكشف عن اسمه فإن غالبية القواعد متوافقة على المقاطعة، وان هذا الموقف يؤيده بشكل لافت جناحا الحزب المعروفان بـ "المتشددين والمعتدلين".
ومن المقرر أن يوجه مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين دعوة لاجتماع أعضائه للانعقاد لإصدار توصيته بشأن قرار المشاركة، وفق ما أشار إليه رئيس مجلس شورى الجماعة الدكتور عبد اللطيف عربيات، لافتا إلى أن المشاورات جارية لعقد اجتماع قبل نهاية الشهر الحالي.
التصريح الأكثر وضوحا فيما يتعلق بالانتخابات المقبلة أطلقه رئيس مجلس شورى حزب جبهة العمل الإسلامي علي أبو السكر الذي قال إنه لا يوجد أي تغيير في القرار الرسمي تجاه الانتخابات وانه لا تتوفر أي ضمانات تكفل نزاهتها.
بدوره بين الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي حمزة منصور انه من السابق لأوانه القول إن الجماعة ستشارك أو تقاطع الانتخابات، مضيفا انه من المنتظر أن يعقد المكتب التنفيذي للحزب اجتماعا مشتركا مع مجلس الشورى للتباحث في موضوع الجلسة، التي دعا إليها مكتب شورى الحزب، السبت المقبل.
وسبق للحركة الإسلامية المشاركة في الانتخابات البرلمانية منذ عودة الحياة الديمقراطية للمملكة في العام 1989، فيما قاطعتها في العام 1997، لكنها عادت للمشاركة في انتخابات العامين 2003 و2007.
أما الحزب الشيوعي الأردني فان أمينه العام الدكتور منير حمارنة أشار إلى أن المشاورات الداخلية مستمرة بشأن حسم قرار مشاركة الحزب في الانتخابات النيابية المقبلة، مبينا أن نتائج التصويت في المؤتمر العام للحزب، الذي عُقد مؤخراً، أظهر ضرورة عقد مزيد من المشاورات بشأن المشاركة في الانتخابات.
وأوضح أن قرار خوض الانتخابات يحتاج إلى مزيد من الدراسة، نظراً للأوضاع الداخلية الحرجة في البلاد، فضلاً عن القضايا الخارجية، وما يرافقها من تهديدات إسرائيلية للمنطقة.
وتطرق الأمين العام إلى المناخ العام السائد في البلاد معتبرا أنه يقلل في ظل وجود قانون الانتخاب الحالي من فرص نجاح الأحزاب في الوصول إلى قبة البرلمان.
أما المؤتمر الوطني الخامس لحزب الشعب الديمقراطي الأردني "حشد" الذي أنهى أعماله مطلع الأسبوع الحالي فإنه اظهر توجها عاما للحزب للمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، ودعا أعضاءه للانخراط بحيوية في المهام المترتبة على هذه المشاركة والتي ستحدد طبيعتها ومستوياتها اللجنة المركزية القادمة، على الرغم من موقف الحزب النقدي المعروف تجاه قانون الانتخابات النيابية.
ويرجع أمين عام حزب الشعب الديمقراطي الأردني احمد يوسف أسباب طغيان الطرح العشائري على أجواء الانتخابات النيابية إلى قانون انتخاب الصوت الواحد، معتبرا أن القانون افرغ الانتخابات من مضمونها السياسي والوطني من خلال عدم إتاحة المجال أمام القوى السياسية والأحزاب لطرح برامجها الشاملة وتمكينها من إقامة التحالفات الحزبية التي توصل مرشحيها للبرلمان، ما انعكس سلبا على الحياة السياسية وإمكانية خلق تنمية سياسية فاعلة في المجتمع الأردني.
أمين عام حزب الرسالة حازم قشوع يرى أن إعلان الأحزاب الوسطية عن ائتلاف يجمع تسعة أحزاب من بينها الرسالة، يأتي ضمن تنسيق الجهود لخوض الانتخابات، مؤكداً أن من مصلحة الأحزاب المشاركة وليس المقاطعة.
حاصل القول: إن الأحزاب التي تحصل على دعم حكومي سنوي، بحاجة لإثبات نفسها، والخروج من معمعة الانتخابات المقبلة بصيد معقول، ووضع أرضية مناسبة لسيروة وديمومة العمل الحزبي مستقبلا، وإلا فان الحديث عن أي تطور في الحياة الحزبية سيبقى حديثا تذروه الرياح، وستبقى العشيرة هي "السيد" في الانتخابات المقبلة، وسيبقى الموقف من الحكومات أو معارضتها تحت القبة معارضة وقتية، يتحكم فيها رضا النائب عن وزير معين.
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الدراوشه
المفضلات