وزارة البيئة تنفي بشدة.. وخبير دولي يكشف:
محاولات صهيونية لدفن نفايات خطرة في الأردن
الحقيقة الدولية – خاص – مروان شحادة
يعتبر ملف النفايات السامة الخطيرة على صحة وحياة المواطن الأردني من الملفات الشائكة التي يصعب الاقتراب منها، والتي تحاط بسرية كبيرة، وبخاصة ذلك الجانب المتعلق بشبهة السماح لبعض الدول من خارج الأردن باستخدام مكاب النفايات السامة الخاصة بالمواد الطبية وغيرها، في تلك المواقع التي تستخدم لدفن أو حرق النفايات الخطيرة، بمعنى أن المكاب المحلية تحولت إلى مكاب إقليمية وربما دولية.
وقد أثير جدل كبير بين منظمات المجتمع المدني والجهات الحكومية في السنوات الماضية حول استيراد خردة الحديد الملوث بالإشعاعات النووية من العراق، جراء ثبوت استخدام اليورانيوم المستنفد في عتاد قوات الاحتلال الأمريكي أثناء حربها على العراق، ويعتبر اليورانيوم المستنفد من المواد الخطرة على صحة البشر، حيث يذوب في الدم والبول ويترسب في العظام والكلى، ويؤثر على الأجنة، ويؤدي إلى تشوه خَلـْقي وتحولات في الخلايا ينتج عنها الإصابة بالسرطان، وكذلك الإصابة بالرعاف والالتهابات العصبية، وظهور آلام في الظهر، واضطرابات في البصر، وزيادة التحسس عند بعض الأشخاص.
ولم يتم التأكد من صحة خبر مفاده أن بعض المواطنين وبخاصة في محافظة عجلون يعزون سبب انتشار الأمراض السرطانية إلى وجود مكاب نفايات خطرة وسامة في المحافظة أو بالقرب منها في الجانب الصهيوني.
وقد تضاربت الأنباء حول دخول نفايات سامة وخطرة إلى مكاب النفايات في الأردن من خارج البلاد، من خلال بعض السماسرة المتنفذين، وتحاط عمليات نقل وتخزين تلك النفايات بسرية تامة، ولا يمكن معرفة الأماكن التي تلقى فيها، ولا الإجراءات الوقائية لمنع وصول إشعاعاتها الخطرة على المواطنين الذين يقطنون بالقرب من مواقع تلك المكاب.
وفي هذا السياق قال خبير شؤون البيئة والتخطيط المهندس الدكتور سفيان التل: إن هناك نوعين من النفايات الخطرة والسامة، الأولى: النفايات الطبية، والثانية: نفايات الأسلحة النووية، كاليورانيوم المستنفد، ولا يمكن التقليل من خطورة النفايات الطبية، إذا لم يتم التعامل معها بالطريقة الصحيحة، حيث من المفترض أن يتبع لكل مستشفى موقع خاص بنفاياتها الطبية الخطرة، والتي تشمل بقايا العمليات ومخلفات الأعضاء البشرية.
وبين التل بأنه لا بد من توفر إجراءات مناسبة ومحارق خاصة تساعد على التخلص من النفايات الطبية الخطرة والسامة، والتي من الممكن أن تحتوي على فيروسات وأمراض معدية وأدوية وعلاجات خطرة على الإنسان، ويتوجب حرقها في محارق صممت لهذه الغاية، ويجب أخذ الحيطة والحذر أيضا أثناء عمليات نقل هذه النفايات، على أن تستخدم في عمليات النقل حاويات مغلقة بإحكام، ليتم فيما بعد حرقها في المحارق المركزية، والعناية بالغازات المنبعثة منها بطرق حديثة، بحيث لا تنتقل هذه الغازات عبر الرياح إلى مناطق مأهولة بالسكان، وهذه مشكلة أخرى بحاجة إلى معالجة جذرية مناسبة.
وأوضح التل، وهو أحد المسؤولين السابقين في قطاع البيئة في الأردن، بأن النفايات الخطرة كانت ترمى بشكل عشوائي فيما مضى، وبأن موقع مكب النفايات في سواقة تم اختياره بعد التأكد من بعده عن المناطق المأهولة بالسكان، وكذلك عدم وجود مياه جوفية في المنطقة، ومعرفة اتجاه الرياح في المنطقة على مدار السنة من جهة، ومن جهة ثانية، ضرورة توفر كافة المستلزمات لمثل هذه المكاب.
وأشار التل، إلى أن هناك العديد من السماسرة المنتشرين في العالم المتخصصين بالاتجار بالنفايات السامة والخطرة، وتتمثل مهمتهم بنقل هذه النفايات من الدول المتقدمة، والتخلص منها في بلدان العالم الثالث، مقابل مبالغ خيالية.
وكشف التل، عن عدة محاولات قام بها الكيان الصهيوني لإدخال نفايات سامة وخطرة إلى الأردن في السنوات العشر الماضية، وبأن بعض تلك المحاولات تم كشفها، وتم إخفاء بعضها في الأراضي الأردنية من خلال دفنها وصب الإسمنت عليها، لتجنب أخطارها على البيئة والإنسان.
ولا يستبعد التل نجاح محاولات الكيان الصهيوني في نقل نفاياته الخطرة والسامة إلى الأراضي الأردنية، ويرجح أن يكون هناك تكتم حكومي شديد حول آلية نقلها وتخزينها والتخلص منها.
من جهته نفى مدير إدارة المواد الخطرة والنفايات في وزارة البيئة الدكتور محمد الخشاشنة بشدة، استخدام مكاب النفايات المحلية من قبل أي دولة خارجية وبالأخص الكيان الصهيوني، حيث يعتبر ذلك مخالفة واضحة وصريحة وتحت طائلة المسؤولية التي يعاقب عليها القانون.
وأكد الخشاشنة بأن الوزارة تتعامل بحزم مع أي جهة، محلية كانت أم أجنبية، تحاول إدخال نفايات خطرة وسامة إلى الأراضي والأجواء والمياه الإقليمية الأردنية، وتقوم بتنفيذ عقوبات صارمة ضدها، وفي حال اكتشاف دخول أي ملوثات للبيئة، فإن وزارة البيئة تقوم وبالتنسيق مع الجهات المعنية بإعادة تلك الملوثات إلى مصدرها على حساب الجهة المسؤولة عن شحنها ونقلها وإدخالها للمملكة، مع تحميلها كافة الغرامات والنفقات والخسائر التي تسببت بها وتعرضت لها البلاد.
واعتبر مدير إدارة المواد الخطرة والنفايات، بأن المادة (6) من قانون حماية البيئة، بكافة بنودها تعد قانوناً رادعاً بقوة لكل الجهات التي تسعى إلى إدخال نفايات خطرة وسامة للأردن، حيث نصت المادة (6) من قانون حماية البيئة على أنه "تحدد بموجب تعليمات يصدرها مجلس الوزراء بناء على تنسيب الوزير – البيئة ـ المواد التي يحظر إدخالها إلى المملكة، ويحظر إدخال أية نفايات خطرة إلى المملكة وتحدد هذه النفايات بموجب تعليمات يصدرها مجلس الوزراء بناء على تنسيب من الوزير، وفي حال اكتشاف أي نفايات خطرة تم إدخالها للمملكة أو تم إدخال أي ملوثات للبيئة إليها بصورة غير مشروعة، تعمل الوزارة وبالتنسيق مع الجهات المعنية على إعادتها لمصدرها على حساب الجهة التي أدخلتها للمملكة وتحميلها الغرامات والنفقات والخسائر التي تعرضت لها المملكة، ويعاقب بالحبس كل من خالف أحكام هذه المادة بغرامة لا تقل عن (20000) عشرين ألف دينار، أو بالحبس لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، ولا تزيد على خمس عشرة سنة، أو بكلتا العقوبتين معاً".
وقد تضاربت أقوال بعض المتخصصين والمواطنين حول استخدام مكب النفايات الخطرة في منطقة سواقة، من قبل بعض الدول الخارجية ليكون مكباً لنفاياتها الإشعاعية الخطرة، إلا أن مدير إدارة المواد الخطرة والنفايات في وزارة البيئة، الدكتور محمد الخشاشنة نفى ذلك بشدة؛ مؤكداً بأن وزارة البيئة، وبهدف تحسين وتطوير أداء إدارة النفايات بكافة أنواعها – النفايات الخطرة الصناعية والطبية - المولدة في المملكة قامت بتخصيص مكان خاص للتخلص من هذه النفايات، الذي تتوفر فيه المعايير والمواصفات الفنية المطلوبة لمثل هذه الأنواع من النفايات منذ عام 1989م.
وأضاف الخشاشنة، بأن هذا الموقع يقع إلى الجنوب الشرقي من مدينة عمان، ويبعد عنها 125 كيلومترا، ويسمى مركز معالجة النفايات الخطرة (سواقة) حيث تتوفر فيه حالياً خلايا خاصة بطمر النفايات الخطرة الصناعية الخاملة والمستقرة كيميائياً – القابلة للطمر- بالإضافة إلى مستودعات خاصة بتخزين الأنواع الأخرى، التي تحتاج إلى حارقات خاصة، أو معالجة كيميائية أو فيزيائية.
وأوضح الخشاشنة بأنه يتم إجراء بعض المعالجات الكيميائية والفيزيائية لبعض النفايات، بالتنسيق مع دوائر أخرى في الدولة، وبخاصة تلك التي تحتاج إلى معالجة فورية.
ومن ضمن المشاريع والخطط المستقبلية للوزارة، فإنها عقدت اتفاقية ائتلاف مع شركات عالمية لإنشاء وحدات معالجة متكاملة وفقاً لأحدث المعايير والمواصفات الدولية، لمعالجة النفايات الخطرة – الصناعية والطبية ـ في مركزي "الغباوي" و "سواقة" حيث تبلغ تكاليف إنشاء هذا المشروع حوالي 30 مليون دينار أردني، تمول من قبل الشركة التي أحيل عليها العطاء، وفق مبدأ ( بناء – تملك التشغيل- نقل ملكية) B.O.O.T)، بحسب ما أفاد به الخشاشنة.
من جهة ثانية، أوضح الخشاشنة أن النفايات المنزلية تدار من قبل مجالس الخدمات المشتركة، وأمانة عمان الكبرى، إذ يبلغ عدد تلك المكاب حوالي 20 مكبا، موزعة في مناطق عديدة لتخدم كافة أنحاء المملكة، أكبرها في عمان، الذي يخدم محافظات العاصمة والزرقاء والرصيفة وما حولها، ويستقبل أكثر من 2500 – 3000 طن يومياً، من النفايات المنزلية الصلبة، ويعتبر مكب الغباوي من أحدث المكاب المخصصة لطمر النفايات الصلبة في منطقة الشرق الأوسط.
ولغرض الاستفادة من تكنولوجيا ما يعرف بإعادة التدوير (Recycling) في الدول الصناعية المتقدمة، بهدف التقليل من خطورة الانبعاثات الغازية، والاستفادة من النفايات، قامت أمانة العاصمة وبالتعاون مع شركة توليد الكهرباء المركزية بتأسيس مصنع لإنتاج الطاقة باستخدام الغاز الحيوي المنبعث من النفايات.
وتهدف هذه الشركة – غير الربحية - بالإضافة إلى إنتاج الطاقة الكهربائية إلى الحد من انبعاث الغاز الحيوي من مكاب النفايات، بواسطة تطبيق أنظمة سحب واستغلال الغاز الحيوي، إضافة إلى استغلال الجزء العضوي من النفايات، ويعد ذلك مساهمة كبرى في الحد من مشكلة الانحباس الحراري على مستوى الأردن.
ناهيك عن تأسيس مصانع أخرى تعيد تصنيع بعد المواد الكيميائية، بحيث تصبح صالحة للاستخدام البشري، ومثال ذلك تأسيس مصنع يقوم بإنتاج الفضة من مخلفات المواد الكيميائية المستخدمة في تحميض صور الأشعة.
يشار إلى أن هيئة الطاقة الذرية الأردنية، دشنت مستودعاً مركزياً للنفايات المشعة مطلع العام الحالي، لم يستخدم فعلياً لغاية الآن، حيث أسس هذا المستودع المركزي لتخزين المصادر والفضلات ذات الإشعاع المتدني، والتي تستخدم في المستشفيات والجامعات ومراكز البحوث العلمية والزراعية والمصانع، ويتمتع بمرافق متطورة، وبسعة تخزينية تبلغ حوالي 500 متر مكعب، تشكل حجم إنتاج النفايات المشعة في المملكة لخمسين سنة مقبلة بمعدل النشاط الحالي.
المصدر : الحقيقة الدولية – خاص – مروان شحادة 13-7-2010
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة wafa_mba
المفضلات