"العمل الإسلامي" في مهب خلافات واتهامات.. تطور نوعي يصل إلى مرحلة إشكالية العلاقة بين الجماعة والحزب
"الحمائم" يلوحون بالاستقالة وتسريبات عن حل تنفيذي الإخوان ودعوات لـ "بني أرشيد" للتنازل عن منصب الأمين العام

الحقيقة الدولية ـ عمان ـ محرر الشؤون السياسية
■ ازمة طاحنة تدخل الحركة والحزب في عنق زجاجة صراعات داخلية
■ تدخل عقلاء الحركة ومكتب الارشاد العالمي قد يحول دون تفاقم الخلاف
الدكتور اسحق الفرحان الأمين العام لحزب الجبهة

المراقب العام الاسبق لجماعة الاخوان المسلمين سالم الفلاحات

رئيس مجلس شورى الجماعة الدكتور عبد اللطيف عربيات

القيادي في الحركة علي أبو السكر

المراقب العام لاخوان الاردن همام سعيد
بعد الدعوات التي وجهت الى عضو شورى جماعة الإخوان المسلمين زكي بني أرشيد للتنازل عن موقع الأمين العام للحزب، وكان أبرزها تلك التي جاءت على لسان المراقب العام الأسبق للجماعة سالم الفلاحات في بيان أصدره أمس، لوح بعض أعضاء الحركة المحسوبين على تيار الحمائم برغبتهم في ترك المواقع القيادية في الحركة مع تأكيدهم عدم الانشقاق واستمرارهم بالعمل في الحركة ضمن المعارضة الداخلية.
الفلاحات أبدى زهده في موقع الامين العام للحزب وقال في بيانه "أعلن (بالقليل الذي أملك من شق تمرة في الحق) لمن لا يعرف موقفي حتى اليوم من إخواني الذين أشغلهم الضجيج والصخب الداوي عن سماع الحقيقة، وحجبهم الغبار الكثيف عن الرؤية الواضحة أنني أسحب نفسي من مجرد التفكير بإشغالي موقع الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي ، حتى لو جاءني ذلك على توافق وتفاهم ولو اجتمع عليّ ضغط الإخوان الذين أحبهم".
وقال الفلاحات في بيانه أدعو "أخي الفاضل " زكي بني ارشيد " وأنصحه النصيحة الواجبة في ظل هذه الأجواء الطارئة والغريبة على دعوتنا أن يخرج نفسه من هذا الزحام طواعيةً ومبادرة منه فماذا لو اجتمعت عليك يا أخي أغلبية الأصوات والأيادي وتسلحت بالقرار ، وتفرقت من حولك القلوب ، وماذا لو أصبحت أميناً عاماً لحزب جبهة العمل الإسلامي على أشلاء وحدة الجماعة ، وعلى خلاف ونزاع تدمى له قلوب الإخوان والمحبين وتكتب سطراً في صفحة تاريخ هذه الدعوة وتلقى الله على ذلك".
وبذلك تبقى أزمة الحركة الإسلامية مستمرة، والأفق ما زال ضبابيا، ولا ينبئ بظهور اي دخان ابيض مرتقب، يشير الى انتهاء ازمة الإسلاميين، ويخرجهم من عنق الزجاجة التي دخلوا فيها، اثر الخلاف على شخصية الامين العام للحزب وانتخاب رئيس مجلس الشورى.
ما يجري في "البيت الاخواني" يشير الى أزمة مستعصية تعيدهم الى المربع الاول الذي دخلوه قبل نحو عامين اثر ارتفاع وتيرة الخلاف بين تياري الحركة (الصقور والحمائم) والذي نجم عنه استقالة او اقالة الامين العام السابق للحزب زكي بني ارشيد، وتسمية الدكتور اسحق الفرحان امينا عاما مؤقتا للحزب للخروج من الازمة.
ويقف "حكماء" الحركة حتى الان عاجزين عن تقديم حلول ناجعة لتسكين الازمة او ترحيلها، رغم ان الاسلاميين مدعوين لخوض انتخابات نيابية مقبلة في تشرين الثاني على ابعد تقدير، وهم مطالبون بتقديم مرشحين قادرين على الوصول الى قبة البرلمان، ومسح صورة اخفاقهم في الانتخابات السابقة عندما حصلوا على 6 مقاعد نيابية فقط بعد ان كان عدد مقاعدهم في البرلمان الرابع عشر 17 مقعدا.
كل الجهود والمحاولات التي تجرى لرأب الصدع انبأت بصعوبة التوصل الى حل جذري بين طرفي الخلاف، وتم الاكتفاء بتسكين الأزمة وترحيلها الى جلسة شورى الحزب التي تأجلت بعد ان كان من المفترض عقدها السبت الماضي.
ازمة البيت الاخواني بدات بعد توصية شورى الجماعة بانتخاب بني ارشيد امينا عاما للحزب، بفارق صوتين عن المراقب العام الاسبق للجماعة سالم الفلاحات، وتفاقمت بعد انتخاب علي ابو السكر رئيسا لمجلس شورى الحزب، وانتخاب احمد الزرقان نائباً للرئيس بالتزكية وجعفر الحوراني ومحمد فريحات مساعدين بالتزكية، تلك الجلسة والانتخابات اتي جرت بمقتضاها اعتبرها ما يعرف بـ "تيار الحمائم" غير قانونية ولوحوا بالطعن فيها.
وبعد يوم على انتخاب ابو السكر رئيسا لمجلس شورى الحزب قرر مكتب مجلس شورى حزب الجبهة الجديد دعوة جميع اعضاء المجلس للاجتماع واستكمال بحث جدول الاعمال المقر في جلسة شورى الحزب، إلا ان امين عام الحزب الدكتور اسحق الفرحان اعتبر انتخاب ابو السكر باطلا وغير شرعي وان كل شيء يصدر عنه باطل ولاغ، وتتابعت حرب البيابنات بين اعضاء الحزب وقياداته وتبادل الاتهامات لحين عقد المكتبين التنفيذيين للجماعة والحزب اجتماعا مشتركا مساء الاربعاء الماضي وتم التوافق على تأجيل جلسة الشورى التي كان ابو السكر قد دعا اليها لاستكمال الحوارات بين طرفي الخلاف في محاولة لتطويق الازمة الى جانب تشكيل لجنة قانونية لدراسة قانوينة انتخابات شورى الحزب.
رئيس مجلس شورى الجماعة الدكتور عبد اللطيف عربيات كشف ان هناك جهودا مستمرة لطي الخلاف وان عددا من قيادات الجماعة أوصوا بتشكيل لجنة من جميع الأطراف لتدارس الأمور بجميع تفاصيلها من اجل ازالة الخلاف، معربا عن امله في ان تنجح الوساطات القائمة في جهودها، مستبعدا ان تلجأ الحركة او احد منها الى تقديم شكوى لاي طرف، او وجود نية لرفع قضية لدى محكمة العدل العليا.
هذا الكلام يتفق معه الامين العام للحزب الدكتور اسحق الفرحان الذي يشير الى وجود تحركات داخلية من الطرفين للاتصال، من اجل عقد لقاء مشترك واجراء حوار للخروج من عنق الزجاجة ومعالجة الازمة الداخلية.
وكانت مصادر داخل الحركة الإسلامية أكدت ان مكتب الارشاد العالمي للاخوان حاول التدخل لحل الازمة الداخلية التي عصفت بالحركة على خلفية الاحتجاجات على ترشيح شورى جماعة الاخوان المسلمين زكي بني ارشيد امينا عاما لحزب جبهة العمل الاسلامي وانتخابات شورى الحزب.
وفي الامر عينه يقول علي أبو السكر ان هنالك معارضة من تيار الحمائم ممن هم أعضاء في الحزب للانتخابات ولشخص بني رشيد، ويضيف أن الباب مفتوح أمام من يرغب بترشيح نفسه لمنصب الأمين العام للحزب.
القيادي في حركة الاخوان المسلمين ارحيل غرايبة أطلق تصريحات عبر وسائل الإعلام انتقد فيها الحركة من باب أنها تفرض على الحزب اختيار أمينها العام بما يخالف النظام الأساسي للحزب، مؤكدا بأنه لا يجوز تسمية بني ارشيد وهو الشخص الخلافي الذي عزل من منصبه كأمين عام لحزب الجبهة قبل أقل من عام للطريقة التي يقود بها الحزب.
مصادر مطلعة قالت ان عضوا من مكتب الارشاد العالمي حضر جلسة شورى جماعة الاخوان المسلمين التي جرت الخميس قبل الماضي وانتخب فيها بني ارشيد امينا عاما للحزب وقدم تقريرا مفصلا عما جرى في الجلسة وتداعياتها.
كما ان المعلومات الراشحة تقول ان المراقب العام لاخوان مصر اتصل هاتفيا مع المراقب العام لاخوان الاردن همام سعيد وبحث معه المشكلة الداخلية في الحركة.
بيد ان معلومات اخرى تقول ان صقور الحركة يرفضون محاولة تدخل مكتب الارشاد العالمي في شؤون الحركة معتبرين ان ما يجري إنما هو شأن داخلي لا يجوز التدخل فيه.
يشار الى ان مكتب الارشاد العالمي الذي يضم في عضويته المراقب العام الاسبق لجماعة الاخوان عبد المجيد الذنيبات كان قد تدخل في ملف المكاتب الادارية الخارجية للاخوان الذي تسبب في تفجير ازمة داخلية في الحركة الاسلامية انتهت بقرار مكتب الارشاد بفك العلاقة التنظيمية بين اخوان الاردن وحركة حماس.
المحلل السياسي عريب الرنتاوي يرى ان ما يحدث في البيت الاخواني طبيعي ويقول: "أزمة الأخوان في معظمها (إن لم نقل جميع) جوانبها الرئيسة هي أزمة وطنية بامتياز" ويضيف: "ودلّوني على ملف خلافي واحد تصطرع الجماعة بشأنه وتنقسم على نفسها حوله، لم يكن سببا في انقسام وطني عريض، وباعثا على جدل لم ينته بعد".
وردا على من يعتقد ان ما يحدث في الجماعة قد يقود الى الانشقاق يرى مراقبون ان سيناريو الإنشقاق أشبه بالمستحيل ولطالما أثبت تاريخ الحركة ذلك، إذ أن جميع الأطراف تتمسك بالحركة وتعتبر نفسها الممثل الشرعي الوحيد لها.
وفي هذا السياق يستبعد الكاتب والمحلل إبراهيم غرايبة حصول أي انشقاق داخل حركة الإخوان أو الحزب، وذلك لتمسك طرفي الخلاف بالحركة واعتبار كل منهما لذاته الممثل الشرعي للحركة والحزب.
ويرى أن المشكلة الأساسية ما زالت تتمحور حول حركة حماس، فبرغم ما نشرته وسائل الإعلام حول قرار حركة الإخوان بإنهاء الازدواجية معها، إلا أن الخلاف لم يحسم، حيث أن تأثير حماس موجود بشكل كبير داخل الحركة، إضافة لوجود اعتقاد لدى الحمائم بأن حماس تؤثر في انتخابات الحزب والحركة حتى هذه اللحظة.
الكاتب محمد أبو رمان قرأ تطوراً نوعياً في شكل الخلاف داخل الحركة الإخوانية، فبعد أن كان الخلاف حول الارتباط مع حماس بات الآن حول إشكالية العلاقة بين الجماعة والحزب.
بعض المراقبين يطرحون عدة سيناريوهات من الممكن حدوثها في المرحلة المقبلة داخل حركة الإخوان، وهي: إما القبول بالحل الذي سيقدمه وفد مكتب الإرشاد العالمي لحركة الاخوان المسلمين، أو إعادة الانتخاب، وفي هذه الحالة يكون بني ارشيد أمينا عاماً لحزب الجبهة وذلك للأغلبية التي يتمتع بها الصقور.
المصدر : الحقيقة الدولية ـ عمان ـ محرر الشؤون السياسية 23-5-2010
المفضلات