المجالي : تطور الحياة الحزبية مرهون بتوفر إرادة حقيقية للتغيير
عمان - الراي - وصف امين عام حزب الجبهة الأردنية الموحدة امجد المجالي التجربة الحزبية في خمسينيات القرن الماضي بالغنية والزاخرة بالمعاني الوطنية،
معتبرا انها اكتسبت أهمية كبيرة كونها بداية العمل الحزبي على مشارف رحيل الاستعمار الغربي الحديث للعالم العربي .
وقال «كانت الأحزاب الأردنية تعكس أحلام وتطلعات الجماهير التي كانت تتلاقى مع الرؤى العربية في كافة أقطار العالم العربي» .
واضاف المجالي الى «الرأي» «لذا كان الجانب العاطفي والرومانسية السياسية يسيطران على العناوين والأفكار التي تنادي بها الأحزاب ، وايضا هناك قاسم مشترك بين كل الأحزاب القومية والدينية والوطنية اليسارية واليمينية من حيث مناداتها جميعا بالحرية والاستقلال والتنديد بالاستعمار والدعوة لتحرير فلسطين وطرد الصهاينة منها».
وزاد المجالي «كانت هذه هي ببساطة الحالة الحزبية السائدة غير أننا لا يمكن أن ننكر أن الأحزاب الأردنية كانت مؤثرة وفاعلة وكان الإقبال الجماهيري عليها كبيرا خاصة بين النخب المثقفة والمتعلمة في ذلك الوقت ، وقد كان للأحزاب وقفات هامة وعلامات فارقة في بناء الدولة الأردنية الحديثة ، فحكومة سليمان النابلسي حكومة حزبية بامتياز رئيس الحكومة أمين عام لحزب سياسي ومكونات الحكومات كانت على أساس سياسي وحزبي ، كما أن موقف الإخوان المسلمين وهم أحد الأحزاب السياسية في ذلك الوقت وإن اختلفت التسمية كان مؤثرا ولهم تأثيرهم في النظام السياسي بشكل عام».
واضاف «إن أحزاب الخمسينيات أحزاب وطنية كان من بين روادها زعماء من رجالات الوطن وكان إيمانهم عميقا بالحياة السياسية الوطنية المبنية على المصالح الوطنية العامة كما أن تلك الفترة تميزت بأن أسست لحياة سياسية برلمانية حقيقية تقطعت في بعض الأحيان إلا أنه كان لها الدور الرئيس في بناء الأسس الحزبية الأردنية».
وعن سبب تراجع تلك الحالة وعدم صمودها ، علل المجالي «كان في ثنايا الوضع العربي العام الذي كان متشرذما وممزقا ومحاولة بعض الأنظمة العربية استخدام بعض الأحزاب السياسية لخدمة مصالحها مما أدى بالضرورة إلى حالة تصادم بين المصالح الوطنية والخارجية وحالة خلل في الولاء الوطني مما اضطر الدولة إلى اتخاذ إجراءات أدت إلى انحسار النشاط الحزبي في الأردن ولم ينج من ذلك إلا حركة الإخوان المسلمين التيار السياسي الوحيد الذي كان يملك البرامج والبنى السياسية التحتية القوية القادرة على الصمود والبقاء والقادرة على إدارة تناقضات المرحلة بمهارة وكفاءة تنظيمية».
وعن الأحزاب اليوم ،اشار المجالي الى عودة قانون الأحزاب ، وقال « أننا ما نزال نعاني من خلل كبير في البنى الحزبية والسياسية الوطنية ، بالرغم من أن القانون قد سمح بتشكيل الأحزاب إلا أنه بين القانون وبين الإرادة السياسية للدولة فرق كبير وبين النظرية والتطبيق مساحة واسعة لم يتمكن الأردنيون من ملئها بصورة ملائمة ، فالأحزاب السياسية الأردنية بقيت متعثرة جدا على كل الصعد وكانت أشبه بديوانيات سياسية مع شيخ لكل حزب أكثر منها أحزاب ديمقراطية سياسية قادرة على قيادة العملية السياسية والرأي العام وتشكيل تيارات وطنية قادرة على الوصول لرئاسة الحكومة ، وما تزال كل الأحزاب خارج الحكومة تماما بينما يتشكل البرلمان على أساس شخصي خدمي نفعي مشفوعا ببعض التعيينات وتتشكل الحكومة بالقرعة أو الدور مما جعل الناس تحجم عن العملية السياسية برمتها وتنأى بنفسها عن المجازفة بالعمل في أحزاب غير قادرة على فعل أي شيء» .
وتابع «هكذا بقيت معظم الأحزاب إن لم يكن كلها في سنوات التسعينيات وبدايات القرن الحالي حتى حصل تحديث على قانون الأحزاب أدى إلى إعادة تشكيل القوى النافذة في الحركة السياسية في أحزاب جديدة حاولت تلافي أخطاء الماضي والصعود بالحركة الحزبية نحو أفاق جديدة» .
وقال المجالي «رغم أن هناك بعض الأحزاب تحاول الخروج من هذه الشرنقة وبناء أسس سليمة لنفسها إلا أن عدم اكتراث والحكومات بالحالة الحزبية وضرورات المرحلة الوطنية التي تحتاج للأحزاب جعل الحالة الحزبية تتأرجح بين مد وجزر دون أن تتمكن من الاستقرار على أسس ثابتة».
واضاف المجالي «لم تتمكن الحكومات من لعب دور مهم وفعال في تنشيط الحركة الحزبية لعدم رغبتها في أحزاب فاعلة قادرة على القيام بدور رقابي ولرغبتها في أن يبقى مجلس النواب مجلسا ضعيفا قابلا للمساومة والأخذ والعطاء ، ولإنجاح التجربة الحالية بحاجة إلى إعادة النظر في منظومة التشريعات والقوانين التي تنظم العمل السياسي والحريات العامة وقانون الانتخاب الذي نرى في حزبنا أنه يجب أن يكون قانونا حديثا قادر على الجمع بين ضرورات التركيبة الاجتماعية وضرورات التحديث والتطوير ، ومن هنا فإننا نرى ضرورة الجمع بين الدائرة لاعتبارات عشائرية وجغرافية وديمغرافية والقائمة النسبية التي تدفع المسيرة الديمقراطية والتعددية السياسية وتبني الدوائر الكبيرة».
واكد ان التجربة السياسية الحالية ليست هي أفضل المأمول وهي تعتبر تجربة قاصرة إذا ماقيست بتجربة الخمسينيات من القرن الماضي وبالتالي فإن مستقبل الحياة الحزبية لن يتطور إذا ما بقيت الأمور على حالها وإذا لم تتوفر الإرادة السياسية الحقيقية للتغيير.
وشدد المجالي «على اهمية التغييرات من جانب الحكومة وتغييرات من جانب الأحزاب واعتماد الأحزاب على البرامج والمؤسسات وليس على شخصية سياسية أو اقتصادية ذات نفوذ أو على كارتيلات ومصالح اقتصادية مشتركة ، فالأحزاب الوطنية يجب أن تكون وعاء وطنيا قادرا على احتواء مصالح ورؤى الناس وتطلعاتهم الوطنية والمعاشية ومصالحهم الفردية والاهتمام بشؤونهم الضرورية كل ذلك ضمن أطر واضحة وشفافة ، كما أن على الأحزاب أن تكون جهة رقابية قادرة على أن تكون جزءا أصيلا من العملية السياسية وليس جزءا هامشيا مكملا لها كما هو الحال الآن».
وقال «أن على الحكومة أن تهتم بالتوجيهات الملكية التي الحت في أكثر من موقف على ضرورة تهيئة المناخات الملائمة للعمل الحزبي وتمكين المواطنين من المشاركة في العملية السياسية من خلال أحزاب فاعلة قادرة على الوصول الى البرلمان والمشاركة في سن القوانين الحديثة ودفع العملية السياسية الأردنية الى الأمام».
وختم المجالي حيثه بالقول «نطمح إلى أن تكون التجربة الحزبية الأردنية نموذجا يحتذى قادر على المشاركة في الحكم من خلال عملية ديمقراطية يتم خلالها تداول السلطة الحكومية بين الأحزاب الأكثر قدرة والأكثر فاعلية حتى نتمكن من بناء الأردن الحديث الديمقراطي ومعالجة العيوب التي تخللت المسيرة الوطنية والتي تحتاج بالضرورة الى قوى سياسية وطنية قادرة لتصويبها وادارتها».
المفضلات