صفقة بين صقور الاخوان المسلمين وخالد مشعل تختبر جدارة حماس بالاستقلال التنظيمي.. عودة التفاهم عشية انتخابات 2010.. وبني أرشيد منزوع الدسم

يمكن القول ببساطة شديدة ان الصفقة التي أنجزها مشايخ تنظيم الإخوان المسلمين في الأردن مساء الخميس وانتهت بقرارين من الطراز الثقيل والمهم ستختبر حتما وفورا ثلاثة احتمالات أساسية.
هذه الاحتمالات هي اولا مقدرة القيادة السياسية لحركة حماس فعليا على التحرك في الافق العربي باستقلالية تامة عن شعبة الاخوان الاردنية.
وثانيا، طبيعة العلاقة مستقبلا بعد تفكيك العلاقة بين الاخوان وحماس بين السلطة الاردنية وخالد مشعل من جهة وبين السلطة نفسها والشيخ زكي بني ارشيد من جهة اخرى.
وثالثا، وقد يكون الاهم حجم وحصة الإسلاميين في مقاعد البرلمان المقبل الذي سينتخب في عمان في الربع الأخير من العام الحالي. ومضمون الصفقة كان مباشرا ومكشوفا، فقد تمكن بموجبها الشيخ الإشكالي بني ارشيد احد اقطاب المعارضة الأكثر إثارة للجدل من الإفلات من مقصلة الإقصاء والفوز بترشيح المطبخ الاخواني لرئاسة الأمانة العامة بحزب جبهة العمل الإسلامي اكبر أحزاب المعارضة الأردنية.
وحصل ذلك مع ان الشيخ بني ارشيد لم يقدم اي تنازل سياسي، متمسكا بنفس الأدبيات التي ابقته معزولا عن السلطة قبل عامين عندما اصر على الشراكة وليس التبعية بين التيار الاسلامي والسلطة في الاردن، كما قال عدة مرات.
وبالموجب ايضا حصلت حركة حماس بضغط مكثف وراء الكواليس من خالد مشعل على قرار إخواني يعتمد توصية مكتب الارشاد العالمي للاخوان بخصوص تفكيك العلاقة التنظيمية بين حماس والنسخة الاردنية التي ترعاها تنظيميا منذ ربع قرن. وهو قرار كان يريده خالد مشعل لعدة اعتبارات منها الحصول على دعم الاخوان المسلمين في مكاتب الخليج بدون وصاية من بيت الصقور في عمان اولا، والتمكن من العودة للساحة الاردنية المهمة جدا لحماس سياسيا كفصيل فلسطيني مستقل غير متهم في اروقة القرار الاردنية بالتدخل في الشؤون الداخلية.
يعني ذلك ان مشعل حصل على ما يريده ويستطيع بعد الآن استثمار الثقل الذي تتيحه القضية الفلسطينية لتعزيز حضوره ضمن خارطة بلاد الشام في ترتيبات المؤسسة الدولية للاخوان المسلمين.
والتحدي الذي يواجه خالد مشعل مرحليا هو إثبات جدارة حماس بالتحول الى تنظيم اخواني مستقل عن شعبة عمان، الامر الذي وضع مشعل من اجله خططا تنفيذية بعدما سهر عبر دمشق مساء ليلة الجمعة وهو يراقب نتائج اجتماع شورى عمان.
بالتوازي لا توجد ضمانات بأن يستعيد مشعل علاقته بالأردن بعد تنفيذ شرط تفكيك العلاقة الاخوانية بما يتناسب أيضا مع ممثلي المعتدلين في عمان دعاة شعار باردنة الحركة الراغبين دوما بإلقاء حركة حماس عن أكتفاهم حتى لو تمت التضحية بمكاتب دول الخليج.
لكن بالتوازي ايضا من غير المعلوم بعد ما اذا كان تخفيف الشيخ بني ارشيد أقوى حلفاء مشعل في عمان من ثقل التبعية لحماس ومشعل سيساعده في تحقيق قبول ما لدى اركان السلطة محليا، فبني ارشيد سيتقدم بموافقة خصومه الحمائم لرئاسة الحزب الأهم في البلاد بعدما نزع عنه دسم حماس تنظيميا.
بمعنى آخر ثمة نسخة جديدة من الشيخ الإشكالي بني أرشيد سيعرضها مشايخ الاخوان على رئيس الوزراء سمير الرفاعي وأركان السلطة فهل يقبلها الأخير؟.. هذا السؤال أيضا يحتاج لوقت إضافي لتحصيل إجابة.
وتبقى المسألة الثالثة وقد تكون الاهم، فالصفقة المشار إليها قد تزيل الضباب عن صورة الشراكة القديمة بين الحكومة والحكم والمعارضة الاخوانية املا في تحقيق ترتيب ما قبل انتخابات 2010 ، وهي انتخابات يبدو انها تبرمج على أساس إسقاط الاعتبارات التي تخشى الحركة الإسلامية ونفوذها وتؤمن "بالتزوير"، ضدها ففي الوقت الذي تمسك فيه الشيخ بني ارشيد بمبدأ الشراكة مع القرار يستمع زوار مفاصل القرار لعبارات تؤيد إعادة إحياء الطريقة القديمة في التعامل مع الإسلاميين والانتخابات، وهي حصريا الجلوس معهم قبل الانتخابات والتفاهم على عدد مرشحيهم ومقاعدهم دون اي صدام.
المصدر : الحقيقة الدولية - القدس العربي 8.5.2010
المفضلات