إعدام العملاء الفلسطينيين في غزة من صلاحيات الرئيس أم التشريعي؟
جدل في الشارع الفلسطيني
إعدام العملاء الفلسطينيين في غزة من صلاحيات الرئيس أم التشريعي؟
الحقيقة الدولية - غزة-علي البطة-
أثارت أول عملية إعدام تنفذها الحكومة الفلسطينية التابعة لحركة حماس في قطاع غزة جدلاً حول شرعيتين دستورية وحقوقية؛ فدستوريا رفضت السلطة الفلسطينية القرار، فيما أدان الحقوقيون الاعدام بشدة.
ونفذت وزارة الداخلية في غزة الإعدام بحق اثنين من المتهمين بالتخابر مع أجهزة المخابرات الإسرائيلية، هما ناصر أبو فريح، 35 عاماً، من شرق بلدة جباليا شمال غزة ، ومحمد إسماعيل، 36 عاما، من مدينة رفح، جنوب قطاع غزة .
ولطالما دعت القوى السياسية الفلسطينية واذرع المقاومة الفلسطينية إلى مكافحة المتعاونين مع الاحتلال "العملاء" لدورهم في اغتيال المئات من نشطاء المقاومة الفلسطينية على مدار سني الاحتلال الطويل ، لكن هذه الدعوات تواجه برفض المؤسسات الحقوقية لها .
ويؤكد وزير العدل في حكومة تسيير الأعمال الموالية للرئيس الفلسطيني محمود عباس أن تصرف سلطة حماس ، يعد لا قانونياً ولا شرعياً. وحملها المسؤولية الكاملة فيما أقدمت عليه .
وأضاف أن للمواطنين الفلسطينيين جميعاً الحق الكامل في الحياة الآمنة الذي كفلته كافة القوانين والمواثيق الدولية، والشرائع السماوية، والقانون الأساسي الفلسطيني والذي هو أساس لكل الحقوق.
وأكد خشان أن الإعدام كعقوبة حتى لو كانت بتهمة التخابر والعمالة، تعتبر أقصى حد قد تلجأ لها الأنظمة والحكومات، تستوجب استنفاذ كل الوسائل والإجراءات القانونية، مع ضمان كافة إجراءات المحاكمة العادلة والنزيهة.
وبينت أن سلطة حماس تفتقد لكل ما سبق، لجميع المعايير الدستورية والشرعية لوجودها سوى سلطة القوة والقمع.
ورفض الدكتور أحمد بحر النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني واحد قادة حركة حماس ما كره أبو خشان ، وقال : إن إعدام العملاء قرارٌ مشروعٌ ينسجم مع القانون والدستور الفلسطينيَّيْن.
وشدد بحر على أن إعدام العملاء الذين صدرت بحقهم أحكام بالإعدام، ينسجم تمامًا مع القانون والدستور الفلسطينيَّيْن، من حيث إتباع كافة الإجراءات والمعايير القانونية فيما يتعلق بتفاصيل مراحل عملية التحقيق والمحاكمة والتنفيذ.
وأكد أن ادعاء البعض اغتصاب صلاحيات الرئيس ، هو ادعاء ساقط تمامًا بالنظر إلى انتفاء شرعية محمود عباس ، وفق القانون الأساسي الفلسطيني المُعدَّل؛ ما ينقل الصلاحيات المختصة إلى الحكومة الشرعية في غزة المخولة دستوريًّا برعاية المصلحة الوطنية والعمل على تقديرها وموازنتها وفقًا لطبيعة الظروف والاحتياجات الوطنية.
واعتبر بحر أن الانتقادات التي أطلقتها بعض المراكز الحقوقية تعبِّر عن أزمة مبدأ حيال عقوبة الإعدام، وتخالف منطوق التشريعات السماوية والقوانين والدساتير الأرضية؛ بما فيها القانون والدستور الفلسطينيان، التي تشرع قانون العقوبات؛ بما فيها الإعدام، من أجل حفظ الأرواح وصيانة المجتمع من المفسدين والمجرمين، وتكريس السلم والأمن الاجتماعي.
ويؤكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بغزة أن المصادقة على أحكام الإعدام هو حق حصري للرئيس الفلسطيني بموجب قانون الإجراءات الجزائية رقم (3) للعام 2001، وأن أي تنفيذ لحكم إعدام بدون مصادقة الرئيس هو إجراء مخالف للقانون والدستور.
وشدد على موقفه المعارض لعقوبة الإعدام، حيث يرى فيها انتهاكاً صارخاً وغير مبرر للحق في الحياة، وأحد أشكال التعذيب وأقصى مراحل المعاملة القاسية واللا إنسانية، ولا تشكل هذه العقوبة رادعاً للجريمة، وفق تجارب الدول المختلفة التي تطبق هذه العقوبة.
وأوضح المركز موقفه من ملاحقة العملاء بالقول : إن من واجب السلطة الفلسطينية ملاحقة العملاء على اعتبار أنهم جزء لا يتجزأ من بنية الاحتلال ومن أخطر أدواته المزروعة في جسم الشعب الفلسطيني، إلا أن إلغاء هذه العقوبة لا يعني التسامح معهم، ولكن ينبغي النظر في عقوبة رادعة وتحافظ على إنسانيتنا في آن.
ويرى الناشط الحقوقي الفلسطيني مصطفى إبراهيم أن إقدام حكومة حماس على تنفيذ حكم الإعدام يؤسس للخشية لدى مؤسسات حقوق الإنسان، وقطاع ليس قليل من الفلسطينيين من استكمال المهمة وتنفيذ الحكم بباقي المحكومين بالإعدام، وبرغم من الإجماع الكبير لدى الفلسطينيين حول قضية تصفية العملاء إلا أنها اعتبرت خطوة على طريق تعزيز الانقسام.
ويتابع القول :" تعزيز الانقسام نابع ليس فقط من خلال تنفيذ حكم الإعدام في المخالفة القانونية الواضحة، وتجاوز القانون والنظام الأساسي الفلسطيني، والتأكيد على أن التنفيذ قانوني وان صلاحيات الرئيس انتقلت إلى الحكومة في غزة"، بل من خلال البيان الصادر عن المكتب الإعلامي الحكومي الذي أكد في ثناياه على أن أحد المدانين هو شرطي سابق في سلطة حركة فتح.
ويعزو إبراهيم إقدام حكومة غزة على تنفيذ حكم الإعدام إلى محاولتها ترميم ما تستطيع ترميمه من سمعتها وتدني شعبيتها في صفوف الفلسطينيين التي تأثرت كثيراً جراء الانتهاكات التي ترتكبها بحق المواطنين والممارسات التي تسلكها مع الناس.
ويذهب المحلل السياسي عادل عبد الرحمن في تفسير الإعدام إلى اعتبارها نقلة نوعية في تعميق الانقسام، ورفض المصالحة ووضع المزيد من العقبات في عودة اللحمة والوحدة الوطنية للشعب، لأنها بتجاوز صلاحيات الرئيس ووضعها في مهب الريح تكون قد قطعت جسور كثيرة.
ولم تلقى حماس بالاً بالانتقادات السياسية والحقوقية التي وجهت لقرارها إعدام العملاء ، إذ، أكدت على لسان أحد أهم قادتها السياسيين البارزين في غزة على مواصلة طريقها ضد العملاء.
وقال الدكتور خليل الحية: ليس أمام العملاء إلا طريقين: إما العودة إلى حضن الشعب بالتوبة، وإما مواجهة المصير الذي سمعه ورآه الجميع صباح الخميس.
ويرى عبد الرحمن في تحدي حماس الموقف المناهض للإعدام من النواحي الدستورية والحقوقية والشرعية مقدمة لاستباحة أرواح الكثيرين بذريعة التجسس على شعبهم ، وهو تفسير رفضته حكومة حماس بشدة.
المصدر : الحقيقة الدولية - غزة-علي البطة- 18.4.2010
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الدراوشه
المفضلات