شهد السودان في السنوات القليلة الماضية أشد فترات تاريخه الحديث هلاكا للبلاد والعباد.. الحرب في دارفور حصدت ما قدر بثلاثمائة آلف وشردت ما يقارب المليونين والنصف.. لقد أيقظت دارفور ضمير الإنسانية وتم إعلانها في المحافل الدولية على أنها عمل في الإبادة الجماعية.. وتم ربط ما يحدث فيها بأحداث رواندا وبنازية هتلر.. ومما يؤسف له أن هذه الحرب ما زالت مستمرة ولا يعرف ما ستؤول إليه.
لقد فشلت الحكومات المتعاقبة في تحقيق دولة المواطنة القائمة على الديمقراطية والعدالة والمساواة.. ووصل هذا الفشل والفساد أقصى مداه عند الحكومة الحالية التي تعامل المواطنين على أساس رؤيتها وقوانينها الدينية التي لا تتوافق مع رؤية بقية أهل وشعب السودان.. الحرب في جنوب السودان اشتعلت منذ 1983 أي مع إعلان تشكيل لجان تعديل القوانين لتكون إسلامية والتي أنتجت قوانين سبتمبر1983، وذلك بعد حوالي عشر سنوات من السلام.. وبمجرد استيلاء هذه الحكومة على مقاليد الحكم بانقلاب 30 يونيو 1989 أعلنت الحرب في الجنوب كعمل مقدس باسم الجهاد في سبيل الله والتي قدر من قتل فيها بقرابة المليونين..
لقد كان هدف اتفاقية نيفاشا هو جمع القوى السياسية لضمان وحدة البلاد وإلغاء القوانين المقيدة للحريات وتحقيق التحول الديمقراطي ومن ثم توزيع السلطة والثروة بما يحقق استقلالية الأقاليم في إطار فدرالي.. ولكن النظام الحاكم أجهض الاتفاقية وتجاهل الأطراف الأخرى وزور الانتخابات.
ومن الناحية الاقتصادية ظل السودان يحلم بتدفق البترول كي يقفز بإمكاناته الزراعية والطبيعية والخدمية، ولكن ما حدث بعد تدفق البترول كان وبالا اكبر إذ توالى الفشل الاقتصادي وتفشى الفساد وأصبح المواطن السوداني يفتقد أبسط ضرورات الحياة من طعام وعلاج وكساء.
نحن كسودانيين مقيمين بشمال كاليفورنيا، نشعر بأقصى حالات الإحباط واليأس ونحن نتابع حالة أهلنا وذوينا وهم يستعدون لاجراء الاستفتاء والذي حينما يتم تحت هذه الظروف لن يترك خيارا آخر للجنوبيين غير الانفصال.. ونحن هنا نقلق على مصير الدولتين بعد الفصل ولكن نقلق بشكل اكبر على مصير الشمال إذ انه سيظل تحت قهر الحكومة الحالية يواصل شقاءه وحروبه وبؤسه وتشتته..
نحن إذ نقرر هذه النقاط المقتضبة نريد ان ننبه لخطورة الوضع كله وقابليته للاشتعال، ليس فقط المحلي مع الدولة الجديدة ولكن نؤمن أن الخطورة تطال الوضع الإقليمي والدولي.. نحن نؤمن بقوة بوحدة السودان ولكن فقط على أسس الديمقراطية والمساواة والعدالة الرافضة لكل أشكال التفرقة بالدين أو العرق أو الثقافة أو الانتماء السياسي.. وعليه نريد أن ننبه كل من يهمه أمر الإنسان والسلام على أهمية النقاط التالية:
1- العمل على رفض الدولة الدينية المفروضة بقوة الأجهزة الأمنية وإلغاء قوانينها وأجهزتها.
2- العمل على تأمين حق شعب جنوب السودان في تقرير مصيره عبر استفتاء حر ونزيه وبرقابة محلية ودولية، والقبول بنتائج الاستفتاء وما يترتب عليه.
3- الدعوة لمؤتمر شامل لكل منظمات المجتمع المدني والأحزاب والنقابات وكل قطاعات الشعب لمناقشة أسس تكوين السودان القائم على أسس دولة المواطنة المبنية على الديمقراطية والعدالة والمساواة.
مجموعة من الاكاديميين والمثقفين السودانيين– مونتري كاليفورنيا – الولايات المتحدة.
المفضلات