على منصة الإليزيه الصحفية، يبدو المشهد مثيراً للاستغراب. ففي الوقت الذي يحسم فيه الرئيس الفرنسي هدف المرحلة الأساسي بوقف الاستيطان الصهيوني، وبمشاركة أوروبية مباشرة بالمفاوضات، ينكفئ الرئيس الفلسطيني إلى الوراء بعدم تسرع الرد الفلسطيني في موضوع الاستيطان، وبالابقاء على التمسك «بالتحول» السياسي الأميركي إزاء الدولة الفلسطينية!!.
لماذا يحيل الرئيس عباس القرار الفلسطيني إلى التشاور مع القيادات الفلسطينية، ولجنة المتابعة العربية. بعد أن قال بالفم الملآن في نيويورك: لا مفاوضات إذا استمر الاستيطان؟!. ما الذي يمكن أن تقوله القيادات الفلسطينية غير الذي قالته سلباً أو إيجاباً في قضية التفاوض وما الجديد عند وزراء الخارجية العرب وقد كانوا جميعاً في نيويورك واجتمعوا بعباس؟!.
وزير خارجية إسرائيل خرج من «الكرنتيتا» المفروضة عليه، وبدأ يطارد المفاوض الفلسطيني، صار لنا عشرة أشهر نلتزم بقرار وقف الاستيطان فلماذا لم تتحرك المفاوضات؟!. لماذا بقي الطرف الفلسطيني جامداً؟!.
مراهنة الرئيس الفلسطيني الزائدة على الموقف الأميركي هي التي تضعف موقفه التفاوضي أكثر من انشقاق حماس، وأكثر من سورية وإيران. فلواشنطن موقف كلامي حتى الآن، مع أن إسرائيل تعيش على ثلاثة مليارات دولار سنوياً تدخل موازناتها في مطلع كل عام، إلى جانب صفقات أسلحة تصنع في إسرائيل، و»تلهف» إسرائيل أسرارها وتبيعها إلى الصين والهند وروسيا!!.
ومراهنة الرئيس الزائدة على الموقف الأميركي تضعف التأييد الأوروبي لمشروع دولة فلسطين فأوروبا تصب المليارات على خزينة السلطة ليس لأنها ممول للنفوذ الأميركي، وإنما لأن لها دوراً في المنطقة. فالرئيس ساركوزي تبنى مشروع اتحاد المتوسط وهو يراهن على العرب وسط تشكك أوروبي بعدم جدوى هذا الاتحاد طالما أن الولايات المتحدة تتمدد على مليارات النفط العربي: السلاح، والنفوذ السياسي والإلتزام بحروبها في كل مكان!!.
قوة الرئيس عباس التفاوضية هي في تجميع خيوط كثيرة متاحة له. وأولها قوته الفلسطينية!!.
طارق مصاروة
المفضلات