سماسرة السياحة العلاجية!.
اجبد - مما لا شك فيه ان المستوى الطبي الذي وصل إليه الاردن بات محط اعجاب من كافه المرضى من الوافدين العرب الذين يقصدون الأردن للعلاج ، والذين فضلوا الأردن كمحطة علاج متقدمة على غيره ، بعد أن سمعوا عن شيم أهله وعاداتهم الحسنة ، عدا عن مشابهة أوضاعه لأوضاع بلدانهم الاجتماعية من حيث المحافظة على القيم والتقاليد والعادات.
غير أن نسبة من المرضى الوافدين العرب الذين يقصدون الأردن بغرض الاستشفاء والحصول على المعالجة الجيدة صاروا يشاهدون ويتعرضون لبعض من سوء المعاملة والابتزاز ، وبخاصة من بعض الاشخاص الوسطاء او من باتو يعرفون بقراصنة الطب او"سماسرة الألم"والذين يوصلونهم الى المستشفيات لتلقي العلاج فيها ، حيث يتواجدون بالمطار او بالمراكز الحدودية كممثلين عن القطاع الطبي العام والخاص ، وللاسف يتنافسون فيما بينهم بطرق عشوائية لاستقطاب المرضى الوافدين للعلاج بالمستشفيات ما ينعكس سلبا على سمعة المملكة.
ففي عام 2007 نظم المجلس الصحي الاردني العالي ورشة عمل وطنية أقر فيها بعض المجتمعين بتراجع اعداد المرضى الوافدين من مختلف البلدان العربية ، فيما رفضت أصوات قليلة الاعتراف بالواقع والحقائق وبقيت تتغنى بأمجاد اماضية جميلة ، ومن هنا جرى تشكيل لجنة وطنية للعمل على تشجيع السياحة العلاجية والتي اعترفت بالأزمة المقلقة التي لحقت بسياحتنا الطبية ، نتيجة ممارسات خاطئة"لسماسرة الالم "والذين يملأون المطار ويقومون باستغلال المرضى الوافدين و تتزايد اعدادهم يوما بعد يوم ، وقد وجهت اللجنة نداءات لاصحاب القرار لتدارك الوضع واصلاح ذات البين ، الا ان كل الجهود تبخرت بسرعة البرق دون استجابة.
وعلى صعيد متصل فقد قدرت أعداد الوافدين من الدول العربية بقصد الاستشفاء في الأردن سواء لتلقي العلاج في المستشفات والمراكز المتقدمة او بقصد الذهاب الى بعض مراكز الاستشفاء الطبيعية بحوالي ربع مليون مريض سنويا ، ما استدعى والحالة هذه وضع سياسة جديدة للتعامل مع هذه الأعداد الكبيرة التي أصبحت تمثل موردا رئيسا للاقتصاد الأردني ، عدا عما تنقله من سمعة جيدة وحسنة عن القطاع الطبي في الأردن.
ويذكر أن بعض المراكز الإحصائية تؤكد أن عائدات القطاع الصحي الأردني بشكل مجمل وصلت إلى مليار دولار او اكثر سنويا ، ما يؤكد مدى أهمية القطاع الصحي الأردني والدور الكبير الذي يلعبه في رفد الاقتصاد الوطني رغم وجود بعض الاشخاص ممن يستغلون ثروات هذا القطاع.
" الدستور"التقت بالعديد من المعنيين للوقوف على مدى جدية الاجراءات المتخذه من الجهات المعنية للوقوف بوجه هذه الممارسات السلبية التي يقوم بها بعض" سماسرة الالم" وكيفية ردعهم عن ممارسات قد تلحق الاذى بسمعة الاردن بشكل عام وبسمعة السياحة العلاجية الاردنية بشكل خاص .
احدى القصص
يقول"سائق التكسي "فارس خليل :وفق طبيعة عملي كسائق اتردد على منطقة المطار ، اسمع من حين لاخر ان بعض الوافدين العرب ممن زاروا الاردن للعلاج تعرضوا لعمليات مبالغة في اجراء الفحوصات الطبية من قبل المستشفيات ، واقول قد تكون تلك الفحوصات ضرورية في نظر الاطباء ، ولا يدري مدى اهميتها الا الطبيب المعالج ، في حين يراها المريض انهاغير ضرورية ، وبالطبع فان رأي الطبيب هو الذي يجب ان يحترم ، اما مدى اهميتها وضرورتها فهذا يرجع الى ضمير الطبيب ، وعلى اية حال فان اسعار العلاج في الاردن اقل بكثير منها في اي دولة غربية .
ويضيف خليل رغم ما يحصل بين الحين والآخر الا ان نجاح الأردن في تجربته مع السياحة الطبية اعتمد على عدة عوامل مجتمعة ، وفي مقدمتها سمعة أطبائه ومستشفياته والجهود الضخمة التي بذلوها لتشييد قطاع خاص مجهز بمؤسسات علاجية عصرية تمارس اختصاصات حساسة وحديثة تفتقر إليها دول قريبة ، إضافة إلى الموقع الجغرافي الاستراتيجي للأردن وسهولة الوصول إليه برا وجوا.
نوع متميز
أما امين سر نقابة الاطباء الاردنيين والناطق الاعلامي باسمها الدكتور باسم الكسواني فاعتبر السياحة العلاجية او ما اسماه (الاستشفاء في الاردن كعبارة اكثر دقه وتعبيرا من سابقتها) يمثل نوعا من التميز لقطاعنا الطبي ، من حقنا ان تعتز به ولكن دون الغرور الذي يؤدي الى الفشل كون بلدنا فيه نخبة طبية من الاطباء من اصحاب الكفاءة والخبرة وفي مختلف التخصصات التي تضاهي ما هو متوفر في الدول المتقدمة ، وكذلك لدينا مستشفيات في القطاعين العام والخاص متطورة وحديثة وتملك افضل انواع واصناف التكنولوجيا الطبية الحديثة والقدرة على التعامل معها وبكفاءة عالية.
رفض الشطط
ونوه الكسواني الى ان نقابة الاطباء الاردنيين ترفض "الشطط" فيما يتعلق بالمرضى العرب الوافدين للعلاج في المستشفيات الاردنية بالقطاعين العام والخاص وتعاقب على اي تجاوزات قد تلحق الاذى بسمعة الاردن الطبية ، والنقابة حريصة على تطبيق لائحة الأجور دون زيادة ، كما تسعى وبكل قوة لمنع التجاوز على هذه اللائحة.
تلقي الشكاوى
وقال الكسواني ان النقابة تهيب بجميع المرضى المحليين او الوافدين ممن يتلقون العلاج في مستشفيات القطاعين العام والخاص الاردنية بان يعرف كل مريض حقوقه ، وان يسأل عن لائحة الأجور ، ومن يشعر بالغبن والظلم فالنقابة ابوابها مشرعة للتوضيح ، وستنظر بكل شكوى تتلقاها ، وستتخذ القرار المناسب بحق اي طبيب او مستشفى تجاوز تعليمات لائحة الاجور المقررة والمعمول بها حاليا.
فئة غير مسؤولة
ولفت الكسواني الى ان هناك قلة من الاشخاص تعودت على اللامسؤولية والخروج عن المالوف من خلال الاساءة لقطاعنا الطبي ، وتتمثل هذه القلة والتي يجب ان تقاوم بشدة ببعض" سماسرة الألم"كما ان الاطباء الذين يتعاملون معهم عددهم محدود ايضا ولايشكلون ظاهرة.
توزيع عادل
ونوه الكسواني الى انه من المفروض توزيع المرضى العرب على المستشفيات بالقطاعين العام والخاص وبشكل عادل لا ان تحتكرهم جهة بعينها ، ونحن مع حق المريض باختيار طبيبه المعالج وبكل ما تعنيه الكلمة من معنى ، ولهذا علينا جميعا ان نحارب ظاهرة السمسرة والاحتكار ، والمطلوب تشكيل لجنة من وزارة الصحة ونقابة الاطباء والمستشفيات لوضع النقاط على الحروف.
وقال الكسواني ان هذه الظاهره المسيئة لنا جميعا تستحق التوقف عندها والعمل الجاد والسريع على وأدها ، واعتقد ان تضافر الجهود بين وزارة الصحة ونقابة الأطباء والمستشفيات الخاصة سيؤدي الى شطب هذه الظاهرة من الوجود ، وفي نفس الوقت علينا ان نستمر في التطوير والتحديث حتى لا نتخلف عن الركب ، وان نلاحظ ما يجري حولنا حتى نكون دائما منافسين اقوياء اضافة الى ان هذا البلد هو بلد مضياف ويشعر اهله بالانتماء الاصيل للعروبة وقيمها السامية والنبيلة وبالتالي يشعر المريض الوافد انه في بلده وبين اهله.
ازمة اقتصادية
اما أستاذ القانون التجاري المساعد بجامعة آل البيت الدكتور عبد الله السوفاني فقال: ان الأزمة الاقتصادية العسيرة التي يعاني منها العديدون في الدول المجاورة دفع بالكثيرين لجدولة أولوياتهم والتفكير مليا قبل السفر لتلقي استشارات وعلاجات خارج بلدهم.
ونوه السوفاني الى أن كلفة العلاج في الأردن باهظة مقارنة مع الدول الاخرى ، ونحن لا نستطيع المنافسة مع رواد السياحة الطبية العالمية ، ومن حق المرضى أن يفكروا مليا قبل الحضور للأردن للعلاج.
دخل السياحة
ولفت السوفاني النظر الى ان الدراسات العالمية تدل على أن دخل السياحة يمثل 4ر15% من العائد الوطني ، وإذا ارتكزنا على معطيات وزارة السياحة الأردنية فتدل إحصائياتها المنشورة مؤخرا بأن دخل السياحة الأردنية بأكملها للنصف الأول من عام 2009 بلغ 847 مليون دينار كانت حصة السياحة الطبية 74 مليون دينار فقط ، أما عام 2008فقد استقبل الأردن 7,2 مليون زائر وكان الدخل السياحي الكامل ملياري دينار والانفاق 710 ملايين دينار ، أي أن مجمل مقبوضات السياحة الوطنية كان مليارا وثلاثمائة مليون دينار .
عوامل داخلية
وقال السوفاني: بالإضافة لهذه الظروف القسرية الخارجية فقد شهدت الساحة المحلية ولادة عوامل داخلية وتصرفات بعيدة عن مبادئ مهنة الطب لم نكن نعرفها من قبل ، منها الفردية المتمثلة بتجاوزات مؤسفة واستغلال للوافدين من قبل أطباء أو مؤسسات ، ومنها المنظمة كما حصل في مكتب خدمة المرضى العرب في المطار منذ إنشائه عام 2001 ، مما تمخض عن ولادة ظاهرة جديدة لا تليق بالثقة التي منحنا إياها الأخوة العرب والتي ازدهرت تدرجيا في ظل سكوت السلطة الرقابية الطبية عنها ما أدى لنفور الوافدين وترددهم في اختيار عاصمتنا لتلقي العلاج وهذا ليس بسر فقد حذر منه مسؤولون كبار علنا.
عدد قليل
اما وزير الصحة الدكتور نايف الفايز فقال انه"قد طفح الكيل" حيث ان هناك قلة من الاطباء والمستشفيات والمراكز الطبية تمارس تجاوزات طبية على ضيوف الاردن الذين يختارونه للعلاج لسمعتة الطبية العالية ، وان بعض الاطباء في الاردن اساءوا الى مهنة الطب والى الاردن والى خيرة الاطباء فيه من خلال سعيهم الى الكسب المادي.
شكوى رسمية
و كشف الفايز لأول مرة عن أن زعماء عربا اشتكوا لجلالة الملك من استغلال المستشفيات الخاصة لمواطنيهم الذين يحضرون إلى الأردن لتلقي العلاج في المستشفيات الخاصة ، كما ان عددا من الدول العربية اشتكت رسميا للوزارة من تجاوزات طالت مرضاها وان هذا الامر مرفوض رفضا باتا ، وتم فورا العمل على انشاء مديرية للسياحة العلاجية في وزارة الصحة لمتابعة المرضى العرب القادمين للعلاج للاردن.
ولفت الفايز النظر الى أن هناك بعض العاملين في السفارات العربية المعتمدة في عمان وهم قلة قليلة يتفقون مع أطباء المستشفيات الخاصة على عمولة مقابل إحضار مرضى لهم.
و ابدى الفايز انزعاجة من تكرار شكاوى تصل الوزارة بخصوص المغالاة بالفواتير العلاجية لم يحدد عددها ، واوضح ان غالبيتها تدقق وتحصل لمصلحة المشتكي .
وقال الفايز لسنا رجال شرطة على الأطباء ، ونعلم الأطباءَ المخالفن وهم قلة قليلة ويتمادون ويأخذون مبالغ إضافية وإذا ما استمرينا هكذا فسنفقد كل أصدقائنا العرب.
ووعد الفايز بتفعيل القوانيين والانظمة الرادعة بحق كل من يستغل مرضى اردنيين او عربا فى سبيل المحافظة على سمعة الاردن الطبية ، وقال اننا جميعا مطالبين بمحاربة الفساد وكشف الفاسدين وتحويلهم الى القضاء لردعهم .
انشاء مديرية
وكشف الفايز عن استحداث مديرية للسياحة العلاجية بوزارة الصحة بالشراكة مع القطاع الطبي تتولى مهام تنظيم شؤون هذا القطاع ، حيث ستكون هي الحل للحد من هذه التجاوزات و للتصدي للظواهر السلبية التي يعانيها قطاع السياحة العلاجية ، مبينا أن المريض العربي يأتي للاردن للسمعة الطبية المتميزة التي يتمتع بها في المجال الطبي.
مهام المديرية
ولفت الفايز النظر الى ان من اهم مهام مديرية السياحة العلاجية سيكون رسم السياسات ووضع الأهداف والخطط لخدمات السياحة العلاجية في الأردن ومتابعة تنفيذها ، والإشراف الفني والمالي على الخدمات الصحية المقدمة للمرضى الوافدين للمعالجة في الأردن ومراقبتـــــها وتقييمها ، والتنسيق والتعاون مع القطاعات الصحية والمؤسسات والجهات ذات العلاقة محليا وإقليميا وعالميا لتطوير خدمات السياحة العلاجية ، وتطوير نظام معلومات ومؤشرات خاصة بخدمات السياحة العلاجية في الأردن ، وتقديم التسهيلات والمعلومات اللازمة للمرضى الوافدين عند قدومهم ومغادرتهم للأراضي الأردنية ، والمساهمة في ترويج الأردن في مجال السياحة العلاجية.
ارقام واحصاءات
ويذكر ان جميع الأرقام والتصريحات التي تصل للرأي العام عن حجم ودخل السياحة الطبية صدرت وتصدر عن جمعية المستشفيات الخاصة والتي حسب آخر إعلان لها أن عائدات السياحة العلاجية في الأردن بلغت 700 مليون دينار (نحو 100 مليون دولار) سنويا ، ويأتي العراقيون في المرتبة الأولى في العلاج بالأردن بنسبة %17 ، يليهم السودانيون واليمنيون .
ويعتبر الأردن واحداً من الدول الرائدة في مجال الاستشفاء العلاجي ، حيث إنه يتميز بموارده الطبيعية العلاجية من المياه المشبعة بالمعادن وشلالات المياه الساخنة ، وقد بلغ عدد السائحين القادمين إلى المملكة للعلاج 130 ألف مريض سنويا ، فيما يُقدر الدخل السنوي الناتج من السياحة العلاجية بنحو650 مليون دولار ، إضافة إلى تنشيط خدمات أخرى مساندة كخطوط الطيران والمواصلات والفنادق والشقق والمطاعم.
ويتوقع أن تتجاوز أعداد المرضى العرب الذين يتلقون العلاج في الأردن الـ160 ألفا خلال العامين المقبلين ، خصوصاً مع تطور هذا النوع من السياحة والاتفاقات الثنائية التي أبرمتها الحكومة مع عدد من الدول العربية كالعراق وفلسطين واليمن والجزائر.
فهناك العديد من المواقع السياحية الغنية بالمياه المشبعة بالمعادن والطين البركاني ، واللتين تجعلان منها منتجعات استشفائية يرتادها العديد من الأشخاص ، و من أهم تلك المواقع الاستشفائية ، البحر الميت ، حمامات ماعين ، الحمة الأردنية ، حمامات عفرا .
المستشفيات
وتتمتع عمان العاصمة ، بالعديد من المستشفيات المتخصصة والتي تعالج السرطان وأمراض القلب والأمراض البصرية والعقم وطب الأسرة علاوة على مجالات التخصص الأخرى ، وتعتبر مدينة الحسين الطبية واحدة من أكثر المراكز الطبية شهرة في المنطقة والعالم نظراً لاحتوائها على عدد كبير من أكثر الأطباء والجراحين أهمية في العالم.
الدستور
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة wessamo
المفضلات