لازلت أصاب بدهشة واستغراب كلما سمعت شخصاً يناقش في قضية لا يفهم فيها و هو غير متخصص و لا مؤهل للحديث بشأنها ، و يتحول الاستغراب الى استنكار عندما يبدأ هذا الشخص بإصدار الفتاوى حول فوائد و أضرار الإجراءات الطبية و الأدوية .إذا كان الموضوع طبياً أو فتاوى عامة إذا كان الموضوع عاماً .
و يكون معظم ما يقوله هذا الإنسان كذب و إدعاء لو كان القانون يعاقب عليه لكانت الأرض أكثر سلاماً و أمناَ وهدوءاً.
وهذه ظاهرة تفسيرها واضح ، فكلما زاد جهل الناس و كلما كانت قراءتهم سطحية أو قليلة أو حتى معدومة انتشر مثل هذا النوع من الخطاب الذي يقوم على أساس أن من يتحدث يعلم بشيء و لكن الذي يستمع لا يعلم به أبدا . وفي عصر العولمة و انتشار الانترنت لم يعد هناك عذر مقبول لعدم البحث عن المعلومة الدقيقة ،ومع أن الانترنت فيها الكثير من الصالح و الطالح الا ان هناك مواقعاً موثوقة و دقيقة يمكن الوثوق بمعلوماتها و تحري الصدق في ما يسمع المرء و يشاهد ، وأسوق مثالاًعلى ذلك ان احد مرضاي قال لي انه لا يجد معلومات كافية باللغة العربية عن مرض ارتفاع ضغط الدم ، فقررت ان ابحث معه عن مواقع مفيدة تتحدث عن هذا المرض .
-قلت لمريضي : هل لديك انترنت ؟
- طبعاً !
- هل تعرف ان تفتح الصفحة الرئيسية لمحرك البحث (Google)؟
- نعم !
- هل تعرف ان تكتب ( ارتفاع ضغط الدم ) ؟
- نعم !
- حسناً، اكتبها في خانة البحث و سوف تجد 1.020,000 نتيجة خلال 0،17 ثانية ( أكثر من مليون نتيجة خلال اقل من خمس ثانية )
اقرأ أول 5 أو 10 صفحات فقط و سوف تصبح علاّمة في علم ارتفاع الضغط ويمكنك أن تجيب على كل الأسئلة التي تخطر ببالك .
- وماذا عن انخفاض ضغط الدم ؟
نفس الخطوات سوف تجد 714.000 نتيجة خلال 0،25ثانية .
- أن تفتح العقل و التفكير بجدية و البحث و الاستقصاء ، هي من عوامل نجاح و تقدم الأمم ، و الفرد المفكرّ الذي يبحث ويسأل و يسعى وراء الإجابات هو الفرد الذي يشكل لبنة المجتمع المتحضر ، أما الأفراد الذين يتلقون كل ما هب ودب من الغير ، ويتم تلقينهم ما يريد الآخرين ، فهم أمثلة (شبه حيّة) على الجهل و السلبية وبالتالي إعطاء الفرصة للأمم الأخرى للامساك برسن الأمة واقتيادها إلى حيث يريدون هم ولا نريد نحن .
الكاتب : د. إياس نهاد الموسى
المفضلات