G]مان _ الدستور
تتنوع الأطعمة والمأكولات بإختلاف أصنافها على الموائد في شهر رمضان الفضيل وترتفع وتيرة التحضيرات الغذائية والتموينية من قبل المواطنين بشكل لافت لإستقبال هذا الشهر ، حيث تبرز من خلاله ظاهرة شراء المستلزمات والمواد الغذائية بشكل يومي ، الأمر الذي يضيف عبئاً مادياً جديداً على أرباب الأسر الذي قد يشغلهم بالنهاية عن التطبيق العملي لرسالة الشهر الفضيل وما يتبعه من طقوس وشعائر دينية تتمثل بالإستعداد للصيام وحسن الطاعات وفعل الخيرات.
وعليه يرى بعض الباحثون أن تهافت بعض المواطنين على تأمين وشراء الحاجيات الغذائية في شهر رمضان غير مبرر معللين أن ذلك قد يندرج تحت طبيعة الإنسان وفسيولوجيته برغبة الإشباع النفسي والإجتماعي ، علاوةً على أن تعدد الأطباق والأصناف والحلويات الرمضانية قد يكون مدعاةً للتباهي والتفاخر بين المواطنين.
وقال رئيس قسم التغذية والتصنيع الغذائي بكلية الزراعة في الجامعة الأردنية موسى نعمان إن الصيام وسيلة فاعلة للمحافظة على صحة الجسم وحيويته ، إذ يعمل الصيام على إراحة أجهزة الجسم المختلفة وخاصة الهضمي والعصبي والكلوي والقلب والدورة الدموية بعد فترات عمل طويلة ، ما يساهم بتقويتها وزيادة كفاءتها ، كما يعمل على استقرار وديمومة عمليات الأيض في وضعها ومساراتها الطبيعية.
وأضاف نعمان أنه في الغالب ما يطغى البعد الاجتماعي في المجتمع الأردني على نوعية وكمية الأغذية التي تحتويها المائدة الرمضانية ، وتتميز هذه المائدة باحتوائها على الوجبات الغذائية المختلفة وبتنوع الطعام فيها ، ولهذا قد تكون هناك بعض العادات الغذائية الحسنة التي تسود المائدة ، وتطغى عليها في الغالب العديد من العادات الغذائية الخاطئة ، التي من أهمها: الاختيار العشوائي للأغذية وعدم تنويعها وتوازنها التغذوي مشيراً إلى أنه قد يحصل تركيز وإفراط في أغذية على حساب أخرى ، فغالباً ما ترتبط المائدة الرمضانية بكثرة وزيادة حجم الوجبات الغذائية وعدم اعتدالها ، والاندفاع في تناولها الى حد قد يصل للشراهة والتخمة ، وخاصة الوجبات الغذائية المعتمدة على الحلويات والسكاكر والأطعمة الغنية بالدهون والكوليسترول والملح ، وزيادة استهلاك المنتجات الحيوانية على حساب النباتية ، و كثرة تناول المشروبات الغازية والمشروبات الغنية بالسكريات ، ، الأمر الذي يزيد عبء زيادة الوزن والإصابة بالأمراض المزمنة.
وبين نعمان في إتصال مع "الدستور" أن الصيام وسيلة ناجعة للتخلص من العادات السيئة ، التي تؤثر سلبا على الحالة الصحية والتغذوية للفرد والمجتمع مبيناً أنه وسيلة فاعلة لاكتساب الثقافة التغذوية الصحيحة وإتباع النظام الغذائي الصحي ، المتمثل في مجموعة من الأغذية التي توفر احتياجات الفرد من جميع العناصر الغذائية والطاقة الغذائية بالنوع والكم الكافي للمحافظة على صحة الجسم وسلامته ، ويتضمن الغذاء الصحي شروطا عديدة ، من أهمها: ضبط الطاقة الغذائية و الكفاية التغذوية والتوازن التغذوي والكثافة الغذائية و الاعتدال الغذائي و صحة الغذاء وسلامته ، داعياً الأخوة الصائمين في رمضان بضرورة توخي البعد الصحي والتغذوي عند اختيارهم للأغذية للمحافظة على صحة الجسم وسلامته وبشكل متوازن مع البعد الاجتماعي.
ومن جهة أخرى قال الباحث بالمركز الأردني للدراسات وأستاذ علم النفس التربوي عاطف شواشرة أن الحاجة إلى الطعام واحدة من الحاجات الفسيولوجية الأساسية التي يرتبط إشباعها ببقاء النوع البشري على قيد الحياة ، مشيراً إلى أن ما يحركها هي حوافز خارجية في البيئة المادية المحيطة بالإنسان ، وعليه فإن دافع الجوع هو الإحساس الناتج عن نقص الطعام حيث يتفاعل مع ما هو موجود في البيئة من روائح تثير الشهية وأصناف طعام تحرك في الفرد الرغبة في تناولها.
وأضاف الشواشرة أنه وفي حالات الجوع الشديد كما يحدث أثناء الصيام يختل التوازن الغذائي في الجسم ويصبح الإشباع مطلبا مهما لشعور الإنسان بالاتزان ، ولذلك يتعاظم لديه الشعور بالجوع والعطش ، ويغذي هذا الإحساس مع ما يراه خلال النهار من مأكولات وفواكه وغير ذلك من الأصناف ، مبيناً أنه عندما يشم الإنسان الصائم هذه الروائح الشهية فإنها تؤجج الشعور لديه فيلجأ إلى تحضير كمية كبيرة ومتنوعة من الطعام ظنا منه وسوء تقدير أنه "سيلتهمها كلها".
وبين الشواشرة أن من العادات المرتبطة ايضاً بتحضير الموائد في رمضان كثرة العزائم و"لمة" الأهل والأصدقاء مؤكداً ارتباط ذلك بمظاهر الكرم الاجتماعي والتفاخر بالبذخ والإسراف ، فيصبح تعدد الأطباق مظهراً للتباهي أكثر منه حاجةً فسيولوجية حقيقية تمثل إشباع الدافع الأساسي مطالباً أرباب العائلات التروي والتصرف بعقلانية ووسطية إزاء هذا الشهر الفضيل لتحقيق غايته ورسالته من الشعور مع الفقراء والمحتاجين والتسامي والترفع عن المبالغة في الملذات والاستغراق في الشهوات.
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بلال طوالبه
المفضلات