هيبة المؤسسة البرلمانية على محك الانتخابات المقبلة
مجالس نواب أثرت في الحياة البرلمانية.. وأخرى ذهبت بلا اثر
هيبة المؤسسة البرلمانية على محك الانتخابات المقبلة
■ المجلس السادس عشر المقبل نسخة عن سابقه؟ أم شكل جديد محسّن؟
الحقيقة الدولية ـ عمان ـ محرر الشؤون السياسية
مجلس النواب الذي ستجرى انتخاباته في الخريف المقبل من هذا العام، وتحديدا في التاسع من تشرين الثاني المقبل، يعتبر المجلس السادس عشر في عمر مجالس النواب الأردنية التي بدأ أولها اثر انتخاب أول مجلس نيابي في 21 /10/1947.
ويتفاوت عمل وإنجازات المجالس النيابية عن بعضها البعض، ففي الوقت الذي ما زال ينظر إلى مجلس النواب الحادي عشر المنتخب عام 1989 باعتباره الأقوى والأفضل الذي مر في عمر المملكة، فان مجلس النواب الخامس عشر (المنحل) عام 2009 ينظر إليه باعتباره اضعف المجالس النيابية، على الإطلاق ربما في حقبة الانفتاح الديمقراطي.
هنات كثيرة وانتقادات شديدة شابت عمل (المجلس الخامس عشر) المنحل، منها بروز ظاهرة المال السياسي وشراء الذمم إضافة إلى التزوير، وما رافق عملية الاقتراع من أمور أخرى كثيرة منها التصويت أكثر من مرة. كل هذا جعل الخامس عشر غير مرغوب فيه سياسيا وشعبيا وعرّضه لانتقادات لم تنتهِ، بدأت منذ اليوم الأول لانتخابه، ولم تنته بحله.
ربما أظهرت شعبية مجالس النواب تراجعا، فبعد أن وصلت شعبية الـ89 إلى أعلى مستوياتها، بعد أن استطاع الحادي عشر تحقيق العديد من الإنجازات ومنها إقرار قوانين التحول الديمقراطي، وإلغاء الأحكام العرفية، والقوانين الاستثنائية، وضمان حرية التعبير والقدرة، على طرح القضايا والمشكلات والمحاسبة والمساءلة، وقام بإقرار قانون الأحزاب، وإقرار قانون محكمة العدل العليا، وإقرار قانون المطبوعات والنشر، وبحث قضايا الفساد، ودعم الانتفاضة الفلسطينية، واستطاع أن يسجل حضورا متميزا في الذاكرة الشعبية الأردنية وان يقدم أداء تشريعيا ورقابيا متميزا اعتبره الكثيرون من أفضل المجالس في هذا الجانب، بيد أن شعبية مجالس النواب، بدأت بالتراجع رويدا رويدا، وخاصة بعد تغيير قانون الانتخاب وإقرار قانون الصوت الواحد الذي انتقدته منظمات شعبية ومؤسسات مجتمع مدني وأحزاب ونقابات وهيئات، واعتبرته خطوة للوراء.
وفي هذا الصدد اعتبر مجلس النواب الثاني عشر، وفق مراقبين، اقل قدرة وتأثيرا من الذي سبقه، ومنذ ذلك الحين بدأت شعبية المجالس النيابية تتراجع لدى المواطنين والساسة على حد سواء، إلى أن وصلت إلى مستويات معدومة في عمر مجلس النواب الخامس عشر المنحل.
الحكومة تلمست ذلك بشكل واضح، ولهذا فهي تعرف حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها من خلال حث المواطنين على الاقتراع والتسجيل، ولهذا أيضا فإنها تأمل في أن تساهم الانتخابات المقبلة في تغيير الصورة السلبية عن مجلس النواب التي اختمرت في عقول الأردنيين، وفي هذا يقول الناطق الرسمي باسم الانتخابات سميح المعايطة إن مصلحة الدولة، بكل مكوناتها، تقضي بالمحافظة على مصداقية الخطاب الرسمي حول الانتخابات ونزاهتها، من خلال الالتزام بالقانون وأحكامه وتقديم نموذج ايجابي في الإدارة السياسية والفنية للعملية الانتخابية، معتبرا أن ذلك من شأنه إعادة الهيبة لمؤسسة مجلس النواب لدى أفراد المجتمع.
وقال المعايطة الذي يعمل أيضا مستشارا لرئيس الوزراء: نحن ندرك وجود تجارب سلبية ماضية، هناك في الذاكرة تجارب محددة سابقا، وهناك فرق بين التجارب السلبية وافتراض سوء النية.
وفي إطار التلميح إلى تجربة انتخابات 2007 التي نتج عنها مجلس النواب الخامس عشر المنحل يقول المعايطة: نعرف أننا نحمل تركة ثقيلة من الماضي وعلينا أن نقنع الناس بالجهد الحالي المبذول، ولكي يتم تغيير قناعات الناس السابقة نحن بحاجة لإجراءات غير عادية، المصلحة العليا أن تكون الانتخابات شفافة ونزيهة وهذا من شأنه أن يعيد ثقة المواطن بمكانة مؤسسة مجلس النواب وأهمية العمل البرلماني. ويقول: التجارب السابقة نحاول معالجتها بطريقة علمية، فالحكومة الحالية لم تجرِ انتخابات حتى الآن، ولم تقم بأي إجراء ذي صلة بالتزوير، وكل ما قامت به من إجراءات ينم عن أمور ايجابية عدة، وهي متشددة في تطبيق القانون، حفاظا على التجربة ونقائها ونصاعة صورتها وحتى لا نظلم المواطن والتجربة فإننا يجب أن نقيمها وفق القانون، والحكم هو في النهاية للقانون ومدى التزام الحكومة به.
ما خرج من البيت الحكومي في الفترة الماضية يشير إلى رغبة حكومية مدفوعة بتصريحات عدة، بشأن تغيير صورة مجلس النواب المقبل، وهذا ما يلتقي معه النائب السابق موسى رشيد الخلايلة الذي يرى وجوب أن يتم محو التجربة السابقة من عقول المواطنين، مبينا أن طبيعة ونوعية المجلس المقبل يمكن أن يحدد وضع المجلس من كافة جوانبه.
وفي هذا الأمر دعا المستشار السياسي للرئيس إلى عدم إسقاط التجارب السابقة على الانتخابات المقبلة، معيدا التشديد على ضرورة وأهمية منح التجربة الجديدة الفرصة، ومتابعة كل ما تقوم به الحكومة من إجراءات خطوة بخطوة، وعدم التسرع في إصدار حكم مبكر على الانتخابات، وقال: "المطلوب أن نثق أن تجربة انتخابات التاسع من تشرين الثاني المقبل فرصة للخروج بانتخابات نزيهة في إجراءاتها، وبالتالي ليس من الموضوعية إصدار حكم عليها قبل أشهر من أجرائها" ويضيف: "قلنا سابقا ولاحقا إن الانتخابات المقبلة ستكون شفافة، وحتى نكون موضوعيين علينا تقييم كل مرحلة وفق القانون، واعتباره المعيار الأساسي في تقييم التجربة، وبالتالي إذا لم تجر الانتخابات وفق القانون يمكن إصدار حكم سلبي على الانتخابات، أما وأنها لم تتم أو لم تجر فانه ليس من الحق واعتقد انه من الظلم الحكم عليها بشكل مسبق، علينا منح التجربة الجديدة الفرصة وبالتالي يجب عدم إصدار حكم على الانتخابات، الحكم يجب أن يكون بعد يوم 10 تشرين الثاني أي بعد يوم الاقتراع وإعلان النتائج".
حاصل القول إن الحكومة تأمل أن تحوز على ثقة المواطنين بها وان تنتج فيما بعد انتخابات نزيهة تتوافق مع متطلبات القانون، باعتبار أن هذا من شأنه إعادة الاعتبار لمؤسسة مجلس النواب لدى المواطنين، وخاصة بعد النقد الشديد وغير المسبوق لمجلس النواب الخامس عشر، الأمر الذي أدى إلى خروج عبارات الترحيب والتهليل بعد صدور الإرادة الملكية السامية بحل المجلس.
المصدر : الحقيقة الدولية ـ عمان ـ محرر الشؤون السياسية 20-7-2010
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Duaa Jordan
المفضلات